وثيقة من بيدرسن تقترح خطة لـ«صوغ الدستور السوري»

تضمنت اجتماعات دورية بين الكزبري والبحرة... وموسكو تضغط لعقد جلسة عشية الانتخابات الرئاسية

الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة - نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري
الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة - نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري
TT

وثيقة من بيدرسن تقترح خطة لـ«صوغ الدستور السوري»

الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة - نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري
الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة - نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري

تضغط موسكو لعقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بعد شهر رمضان وعشية الانتخابات الرئاسية نهاية الشهر المقبل، التي سيفتح مجلس الشعب (البرلمان) السوري غداً باب الترشيح لها، في وقت استغل المبعوث الأممي غير بيدرسن هذا الاهتمام الروسي، وقدم مسودة اتفاق بين رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري و«هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة لضمان حصول اختراق في «الدستورية».
حالياً، هناك ثلاثة مسارات سياسية: الأول، تمسك دمشق بإجراء الانتخابات الرئاسية بموجب دستور العام 2012. إذ يبدأ مجلس الشعب جلسة برلمانية لفتح باب الترشيح إلى جانب الرئيس بشار الأسد، بحيث تجرى الانتخابات نهاية مايو (أيار) المقبل.
الثاني، ضغط روسي لعقد جلسة جديدة للجنة الدستورية للقول بأن «العملية السياسية تسير رغم البطء فيه» ولإعطاء «شرعنة للانتخابات الرئاسية» وتأكيد أنه لا ربط بين الإصلاح الدستوري للوصول إلى وثيقة جديدة والانتخابات الرئاسية التي تجرى بموجب الدستور القائم للعام 2012. وكان هذا بين الأمور التي بحثها الكسندر لافرينييف مبعوث الرئيسي فلاديمير بوتين، لدى لقائه الأسد في دمشق الأسبوع الماضي، خصوصاً أن الجانب السوري جدد التأكيد على «أن أي تقدم في المسار السياسي يتطلب التزاما بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها».
الثالث، المفاوضات التي يقودها بيدرسن مع الكزبري والبحرة لعقد الجولة السادسة من «الدستورية»، ذلك أن المبعوث الأممي قال إنه لن يدعو إلى جولة جديدة ما لم يكن هناك اتفاق خطي بين الطرفين لعمل اللجنة. وكان الكزبري رفض في الجولات السابقة لـ«الدستورية» الخوض في «صوغ» الدستور قبل الاتفاق على «المحددات الوطنية» وتتضمن رفض «الاحتلالين» الأميركي والتركي و«رفض الإرهاب» والتمسك بـ«وحدة سوريا وسيادتها». وبعد ضغوط روسية، وافق الكزبري على «مناقشة المبادئ الدستورية» قبل «صوغ» الدستور، لكنه أشار إلى صعوبة المشاركة في الاجتماعات خلال رمضان أو لدى التئام البرلمان غدا لبحث الانتخابات الرئاسية.
وأمام تمسك بيدرسن بـ«اتفاق خطي» ونصائح روسية، وافق الكزبري في فبراير (شباط) على إرسال ورقة عاجلة تتضمن مقترحات لـ«آلية عمل» اللجنة الدستورية، رد عليها البحرة بورقة تفصيلية مقابلة، عاد الكزبري وقابلها بمقترحات خطية. المفاجأة في ورقة الكزبري الأخيرة - حسب مسؤول غربي - تمسكه بمخاطبة وفد «هيئة التفاوض» بـ«الوفد الآخر»، بما يختلف عن التفاهم الأخير بين بيدرسن ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي تضمن تمسك المبعوث الأممي بضرورة التزام «اتفاق معايير وآليات عمل اللجنة الدستورية» الذي تم التوصل إليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. في المقابل، حافظ الجانب السوري على موقفه برفض «وضع جداول زمنية» لعمل اللجنة، التي هي «كيان سيادي مستقل» وتذكير بيدرسن بأنه «ميسر» للعملية التي «هي ملكية سورية».
وأمام إصرار الكزبري على رفض مخاطبة «وفد هيئة التفاوض» والتمسك بآليات عمل اقترحها، حاول بيدرسن الإفادة من الاهتمام الروسي (وسط غياب أميركي) للدفع إلى الوصول إلى «اتفاق خطي»، حيث بعث أول من أمس مسودة اتفاق إلى الكزبري والبحرة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسختيها الإنجليزية والعربية.
وتقع النسخة الإنجليزية في صفحة واحدة وعنونت بـ«مقترح لمنهجية العمل» لعمل المجموعة المصغرة في الجولة السادسة للجنة الدستورية، حيث ذكر بيدرسن الطرفين بأن اللجنة «تأسست ودعمت بالاتفاق بين حكومة الجمهورية العربية السورية وهيئة التفاوض السورية، بتسهيل من الأمم المتحدة حول مرجعية العمل وقواعد الإجراءات، بحيث تعمل اللجنة بموجب ذلك الأمر الذي جرى التأكد عليه (في اتفاق) قواعد السلوك».
بعد المقدمة، اقترح بيدرسن خطة للعمل في الجولة المقبلة، وتضمنت خمس نقاط، بحيث «يقوم الوفد المرشح من قبل الحكومة والوفد المرشح من هيئة التفاوض (...) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور» ذلك قبل أن يغادر الوفدان إلى جنيف، على أن يتم في كل اجتماع من الاجتماعات خلال الأيام الأربعة للجولة السادسة «تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله».
وتضمنت المادة الثالثة من مسودة الاتفاق، اختبار «الهيئة المصغرة» (التي تضم 45 عضوا من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني)، إمكانية حصول «اتفاق حول المبدأ الدستوري ومناقشة تعديلات عليه»، فيما أشارت الثالثة إلى أن «عدم التوصل إلى اتفاق حول مبدأ يجب ألا يحول دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري التالي في الاجتماع اللاحق، وإمكانية عودة الهيئة المصغرة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات».
أما النقطة الخامسة، وهي الأكثر إثارة، تتعلق بالاتفاق على اجتماعات ثلاثية دورية بين بيدرسن والكزبري والبحرة، بحيث يجتمعون عشية انعقاد الجولة السادسة وخلال أيام إجرائها لـ«تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة». والأهم أن مقترح بيدرسن تضمن نصوص اتفاق - عمل رئيسي الوفدين للمرحلة التي تعقب الجولة السادسة، وتتضمن «تحديد مقترحات المبادئ الدستورية المقترح مناقشتها، يمكن أن يقوم الرئيسان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد». كما يقوم الكزبري والبحرة بـ«تحديد الوسائل العملية لعرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة والمساعدة السكرتارية، بتسجيل النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها والنقاط التي لم يحصل اتفاق حولها». كما تتضمن المسودة «الاتفاق على موعد انعقاد الجولات اللاحقة وخطة العمل حتى نهاية 2021، والتنسيق مع المبعوث الأممي لإعلان نتائج كل جولة والعمل المستقبلي للجنة».
وكان الجانب الروسي وعد الأمم المتحدة بضمان الاتفاق على حصول اجتماعات دورية بين رئيسي الوفدين لـ«ضمان استمرار عمل اللجنة الدستورية»، في وقت أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه في حال تم الاتفاق على مسودة دستور جديد يمكن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة (بعد هذه التي يتوقع أن ينال الأسد ولاية جديدة مدتها سبع سنوات) بموجب الوثيقة الجديدة. وتتجه الأنظار حالياً لرد الكزبري والبحرة على ورقة بيدرسن وموقف موسكو، الحريصة على عقد جلسة دستورية بين رمضان والانتخابات الرئاسية.

الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة

نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».