الدبيبة يطالب موسكو بإخراج «فاغنر» من ليبيا

توتر أمني جديد في طرابلس

رئيس الحكومة الليبية مع وزير الدفاع  الروسي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية مع وزير الدفاع الروسي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

الدبيبة يطالب موسكو بإخراج «فاغنر» من ليبيا

رئيس الحكومة الليبية مع وزير الدفاع  الروسي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية مع وزير الدفاع الروسي في موسكو أمس (أ.ف.ب)

وسط توتر أمني جديد وتحشيدات مفاجئة للميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، دعا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، السلطات الروسية إلى ممارسة ضغوطها على شركة «فاغنر» الروسية المتهمة بإرسال «مرتزقة» إلى ليبيا لسحب عناصرها من البلاد.
واستبق الدبيبة، الذي يقوم بزيارة إلى روسيا، تصويتاً مرتقباً لمجلس الأمن الدولي على مشروع قرار خاص بإرسال مراقبين دوليين لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، بالتأكيد على أن أولويات حكومته تتمثل في انسحاب «المرتزقة» والقوات الأجنبية الموجودة بشكل غير قانوني. وأكد الدبيبة ضرورة خروج كل «المرتزقة» من الأراضي الليبية، وكشف في بيان له مساء أول من أمس، عقب اجتماعه بالعاصمة الروسية موسكو مع رئيس وزراء روسيا ميخائيل ميشوستين، النقاب عن أنه طلب من الجانب الروسي الضغط على شركة «فاغنر» في هذا الأمر.
وخاطب الدبيبة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مساء أول من أمس، قائلاً: «بصفتكم قوة عظمى، تشاركنا مخاوفنا واهتماماتنا، لذلك جئنا إلى هنا لطلب المساعدة منكم في التغلب على هذا الانقسام وإنهاء هذه الحرب»، وأضاف: «ليبيا الآن على شفا التفكك، لذلك هدفنا الأول هو ضمان وحدة واستقرار وأمن وتنمية بلادنا».
كما طلب الدبيبة مساعدة روسيا في كل شيء، بما في ذلك توحيد المؤسسة العسكرية بعدما لفت إلى أن نحو 80 في المائة من مؤسسات الدولة الليبية تم توحيدها، معتبراً أن أي دولة لا توجد بها مؤسسة عسكرية موحدة لن تقوم لها قائمة، داعياً جميع أطراف المؤسسة العسكرية إلى الالتقاء تحت مظلة الحكومة.
في غضون ذلك، أظهرت لقطات مصورة تداولها ناشطون وسكان محليون، انتشاراً مفاجئاً لعناصر من الميليشيات المسلحة بعدة ضواحي بطرابلس، في ساعات مبكرة من صباح أمس، على خلفية اعتقال جهاز «حفظ الاستقرار» الذي يقوده اغنيوة الككلي، لعناصر من «قوة الردع الخاصة»، وكلاهما تابع لحكومة «الوحدة الوطنية».
وقالت مصادر إن الخلاف وقع بعد إصدار النائب العام أمراً باعتقال أحد أتباع اغنيوة بتهمة التورط في قضية جنائية. وشوهد مسلحون على متن آليات وسيارات عسكرية، بأعداد كبيرة في وسط طرابلس باتجاه ضاحيتي أبو سليم وصلاح الدين، لكن من دون وقوع اشتباكات أو سماع إطلاق نار.
بدوره، قال المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» إن وفداً من مشايخ وأعيان قبيلة المنفه، التي ينتمي إليها محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي، استقبله مساء أول من أمس، بمقره في شرق البلاد، وأكد «استمرار دعم القبيلة لكل خطوات الجيش الساعية لفرض الأمن والقضاء على الإرهاب والميليشيات المسلحة في كل ربوع الوطن». وبحسب ما أعلنه مكتب حفتر في بيان، فقد شكره الوفد لجهوده، معبراً عن بالغ امتنانه لوفد قبيلة المنفه على دعمهم المتواصل والمستمر.
من جهة أخرى، قالت مؤسسة النفط الليبية إن إيرادات البلاد من النفط تجاوزت ملياري دولار أميركي خلال الشهر الماضي. وأوضح بيان للمؤسسة أن «الإيراد العام عن شهر مارس (آذار) الماضي، من مبيعات النفط الخام والغاز وصل إلى مستويات قياسية وسجل مليارين و52 مليون دولار»، مشيراً إلى تحويل هذا المبلغ إلى حساب الدولة السيادي، وفقاً لتعليمات الدبيبة رئيس الحكومة. وقال إن إجمالي ما حولته المؤسسة منذ مطلع العام الجاري إلى حساب الخزانة لدى مصرف ليبيا المركزي، بلغ نحو 5 مليارات و883 مليون دولار.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.