زيارة دندياس لأنقرة أعادت أجواء التوتر بين تركيا واليونان

التحقيق مع 6 آخرين من أدميرالات «بيان مونترو»

وقع تراشق حاد بين جاويش أوغلو ونظيره اليوناني دندياس خلال المؤتمر الصحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة نقلته الكاميرات على الهواء مباشرة (إ.ب.أ)
وقع تراشق حاد بين جاويش أوغلو ونظيره اليوناني دندياس خلال المؤتمر الصحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة نقلته الكاميرات على الهواء مباشرة (إ.ب.أ)
TT

زيارة دندياس لأنقرة أعادت أجواء التوتر بين تركيا واليونان

وقع تراشق حاد بين جاويش أوغلو ونظيره اليوناني دندياس خلال المؤتمر الصحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة نقلته الكاميرات على الهواء مباشرة (إ.ب.أ)
وقع تراشق حاد بين جاويش أوغلو ونظيره اليوناني دندياس خلال المؤتمر الصحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة نقلته الكاميرات على الهواء مباشرة (إ.ب.أ)

عادت العلاقات بين الجارتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تركيا واليونان، إلى التوتر من جديد ورفعت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، لأنقرة من حرارة هذا التوتر مجدداً بعد التراشق وتبادل الاتهامات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مساء أول من أمس، أعقب مباحثاتهما ولقاء دندياس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وفي تعليقه على السجال الذي دار بين الوزيرين، قال إردوغان إنه استقبل دندياس أولاً في القصر الرئاسي، وجرى اللقاء في «أجواء دافئة وودية، لكن مع الأسف، انحرف الأمر إلى أرضية مختلفة جداً خلال اللقاء الذي أجراه مع وزير خارجيتنا عكس ما توقعنا»، مضيفاً: «وزير خارجيتنا وضع حداً لسلوك وتصرفات وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس وأوقفه عند حده». وتابع: «لقد قلنا إننا في فترة التوافق والاتفاق بين تركيا واليونان، ولا نريد أطرافاً أخرى، كالاتحاد الأوروبي أو غيره، أن تتدخل لأننا بلدان جاران وبيننا علاقات تاريخية».
ولفت إردوغان إلى الموقف اليوناني من أتراك تراقيا الغربية قائلاً إن أثينا أعطت لنفسها الحق في تعيين المفتي للمسلمين الذين يعيشون في اليونان، مع أن هذا ليس من حقها وفقاً لمعاهدة لوزان، مضيفاً: «كيف يمكنك فعل ذلك؟ نحن لا نعيّن بطريرك الروم الأرثوذكس في تركيا». وأشار إلى أن اليونان لا تقدم الرعاية اللازمة لـ150 ألف تركي يعيشون في تراقيا الغربية، معظمهم من المسلمين، مشيراً إلى أن مسؤولي هذه المجموعة فقط هم الذين يحق لهم اختيار مفتٍ رئيسي لهم، ومع ذلك، لا يمكن لليونان، للأسف، أن تتسامح مع هذا ولا تمنح مثل هذه السلطة للأئمة والمفتين هناك، وتعيّنهم كما لو كانوا موظفين مدنيين تابعين لها». ووقع تراشق حاد بين جاويش أوغلو ودندياس خلال المؤتمر الصحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة، نقلته الكاميرات على الهواء مباشرةً، حيث اندلع التراشق بعد أن اتهم الوزير اليوناني تركيا بانتهاك القانون الدولي في بحر إيجه وفي شرق البحر المتوسط، وانتهاك سيادة اليونان من خلال اختراق أجوائها بـ400 طلعة جوية، موجهاً انتقادات لوضع الأقليات في تركيا ومنهم الأقلية الرومية. ورد وزير الخارجية التركي، قائلاً: «في حديثي، لم أُدلِ بأي بيان فيه اتهام لليونان. لكننا أردنا أن يكون هذا الاجتماع الأول في جو أكثر إيجابية. ومع ذلك، نيكوس دندياس، للأسف في خطابه اتهامات غير مقبولة على الإطلاق ضد بلدي».
وأضاف أن دندياس قال إن تركيا انتهكت حقوق السيادة اليونانية، «لا يمكننا قبول ذلك، وهذا غير ممكن. الجمهورية التركية قادرة على حماية حقوقها، خصوصاً في شرق البحر المتوسط وحماية حقوق القبارصة الأتراك، والخطوات التي نتخذها تهدف لحماية حقوقنا... نتفق على إجراء مباحثات بيننا وتأتي إلى هنا لتهاجم بلدي، عندها أنا مضطرّ للرد». وتابع جاويش أوغلو: «نحن نقبل الروم الأرثوذوكس في تركيا كما هم أرثوذوكس، لكن أنتم إذا قال الأتراك نحن أتراك تقولون لهم: لا فقط أنتم مسلمون... هذا يتنافى مع الإنسانية والقانون الدولي. قد تكون مقاربتكم الإنسانية مختلفة وتحاولون إعطاءنا دروساً في الحقوق والديمقراطية». وعلّق دندياس على حديث جاويش أوغلو عن الأقلية المسلمة في اليونان في إطار الحديث عن معاهدة لوزان، قائلاً: «هناك أقلية واحدة فقط (في اليونان)، وهي الأقلية المسلمة... ربما لا تحب تركيا معاهدة لوزان، لكنها سارية المفعول، وستظل سارية المفعول على الدوام». وتركيا واليونان على خلاف بشأن عدد من القضايا مثل المطالبات المتعلقة بالسيادة على امتداد الجرف القاري لكل منهما في البحر المتوسط، والمجال الجوي، وموارد الطاقة، وبعض الجزر في بحر إيجه. وأثارت تركيا غضب اليونان أيضاً عندما وقّعت مذكرة تفاهم مع حكومة فائز السراج السابقة في ليبيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 لترسيم الحدود البحرية وتعيين مناطق الصلاحية في شرق المتوسط. وقالت أثينا، وأيّدها الاتحاد الأوروبي ودول منطقة شرق المتوسط، إن مذكرة التفاهم غير قانونية، لكنّ أنقرة وحكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة تعهدتا بالالتزام بها، في الوقت الذي قالت الحكومة الليبية إنها ليست مخوّلة بموجب اتفاق جنيف لتوقيع اتفاقيات مع أي دول عندما طرحت اليونان توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، على الرغم من توقيعها 5 بروتوكولات ومذكرات تفاهم مع تركيا خلال زيارة الدبيبة لتركيا الاثنين الماضي.
في سياق متصل، توجه جاويش أوغلو إلى الشطر الشمالي من قبرص (الذي تعترف به تركيا كدولة باسم جمهورية شمال قبرص التركية) عقب انتهاء مباحثاته مع دندياس، وذلك قبل مؤتمر غير رسمي حول القضية القبرصية بصيغة 5+1 تستضيفه مدينة جنيف السويسرية في الفترة بين 27 و29 أبريل (نيسان) الحالي، برعاية الأمم المتحدة، ومشاركة الدول الثلاث الضامنة (تركيا واليونان وبريطانيا).
وقال جاويش أوغلو إنه يزور الشطر التركي لتبادل وجهات النظر حول مباحثات قبرص، وذلك قبل اجتماع «5+1» في جنيف، وأن بلاده أعلنت في السابق أنها لن تتفاوض من أجل اتحاد فيدرالي للجزيرة، وأنها تقف وراء موقفها وهو حل المشكلة القبرصية على أساس قيام دولتين متساويتين في الحقوق.
على صعيد آخر، استدعت سلطات التحقيق التركية، أمس، 6 أدميرالات متقاعدين للتحقيق، وأمرت بتفتيش منازل 7 آخرين، من بين 104 أدميرالات وقّعوا مؤخراً بياناً يرفض المساس باتفاقية مونترو لعام 1936 التي تنظم حركة السفن في مضيقي البوسفور والدردنيل في ظل الحديث عن إنشاء قناة إسطنبول، ويدعو الجيش للحفاظ على مبادئ الدستور في ظل إعلان إردوغان عن طرح مشروع دستور جديد للبلاد.
كانت محكمة تركية قد أفرجت، الثلاثاء، عن 14 أدميرالاً قُبض عليهم في 5 أبريل الحالي، مع وضعهم تحت المراقبة القضائية ومنعهم من السفر داخل البلاد وخارجها، بعدما عدّ إردوغان بيانهم تلويحاً بالانقلاب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».