مدرعات أميركية تتفقد نقاط التماس مع القوات الروسية في الحسكة

دورية أميركية أمس في بلدة تل تمر التي ينتشر فيها الجيش الروسي وقوات النظام (الشرق الأوسط)
دورية أميركية أمس في بلدة تل تمر التي ينتشر فيها الجيش الروسي وقوات النظام (الشرق الأوسط)
TT

مدرعات أميركية تتفقد نقاط التماس مع القوات الروسية في الحسكة

دورية أميركية أمس في بلدة تل تمر التي ينتشر فيها الجيش الروسي وقوات النظام (الشرق الأوسط)
دورية أميركية أمس في بلدة تل تمر التي ينتشر فيها الجيش الروسي وقوات النظام (الشرق الأوسط)

انتشرت قوة من الجيش الأميركي، أمس، في بلدة تل تمر التابعة لريف محافظة الحسكة، التي تتقاسمها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، والشرطة العسكرية الروسية، وقوات النظام السوري، في وقت كشف فيه مسؤول بارز من الإدارة الذاتية عن اتصالات مع القاعدة الروسية «حميميم»، بعد إعلان الجيش الروسي انسحاب قواته من نقاطها العسكرية بريف محافظة حلب.
وتألفت الدورية الأميركية من 6 مدرعات عسكرية وعشرات الجنود، وجابت قرى وبلدات ومداخل ومخارج البلدة، وتفقدت نقاط التماس الفاصلة بين الجهات المتحاربة، وتمركزت أكثر من ساعتين في مركز تل تمر، ثم عادت إلى قاعدتها العسكرية في قرية «تل بيدر» الواقعة على الطريق الدولي السريع، وتبعد نحو 20 كيلومتراً من جهة الشرق.
وشاهد موفد جريدة «الشرق الأوسط» الدورية الأميركية، تتجول داخل تل تمر، وتحدث الجنود إلى أهالي المنطقة والأطفال الذين كانوا في المكان، حيث باتت هذه البلدة منقسمة السيطرة بعد عملية «نبع السلام» التركية نهاية 2019، إذ تلتقي على أرضها ثلاثة جيوش دولية وإقليمية، وثلاث قوات عسكرية محلية متصارعة.
وتشهد هذه المناطق مناوشات عسكرية مستمرة بين «قسد» وفصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا، وتعرضت مواقع تمركز القوات الروسية ومواقع الجيش النظامي في بلدتي تل تمر وأبو راسين، لنيران هجمات الجيش التركي عدة مرات خلال العام الجاري.
إلى ذلك، قال نائب الرئاسة التنفيذية للإدارة الذاتية، بدران جيا كورد، إن الإدارة أجرت سلسلة اتصالات مع القاعدة الروسية حميميم والعاصمة موسكو، بعد إعلان الشرطة العسكرية الروسية انسحابها من الكثير من نقاطها العسكرية بريف محافظة حلب. ولفت إلى أن التحركات الروسية في محافظات حلب والرقة والحسكة، تسعى للحصول على تنازلات من الإدارة الذاتية شرقي الفرات، عبر ممارسة الضغوط، لافتاً إلى أن «الابتزاز لا يمكن أن يكون وسيلة للحل، فالمشاكل القائمة تحل عبر الحوار».
وحذّر القيادي الكردي من إبرام اتفاق بين موسكو وأنقرة، يقضي بتسليم بعض المناطق للجيش التركي في ريف حلب الشمالي، وقال: «إذا كان هناك شيء من هذا القبيل بالفعل، فإن ذلك لن يخدم الشعب السوري ولن يخدم عملية الاستقرار والحل، لكن سيتسبب بتهجير مئات الآلاف من المدنيين». وذكر أن مناطق الشهباء تؤوي ما يزيد على 250 ألف مدني مهجر يتحدرون من بلدة عفرين الكردية التي سيطر عليها الجيش التركي وفصائل موالية بداية 2018، محذراً من أنه «إذا حدث هجوم آخر فإنه سيخلف كارثة إنسانية».
وتحدث جيا كورد عن خلافات بين الجيش الأميركي ونظيره الروسي بسبب آلية الدوريات العسكرية التي تنتشر في المنطقة، وقال إن «القوات الروسية تعزز وجودها وتوسيع رقعة انتشارها في المنطقة، منوها بأن القوات الروسية تتحرك «بشكل غير منسق، آملين منها أن تتحرك وفق الآليات والقواعد المشتركة».
على المستوى السياسي، عقد نائب المبعوث الأميركي الخاص بالملف السوري ديفيد براونشتاين، اجتماعاً في مدينة القامشلي مع رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية، عبد الكريم عمر، لبحث إمكانية إشراك ممثلين من الإدارة في العملية السياسية. وصرح عمر بأن الاجتماع «ناقش الوضع العام بسوريا والوضع الخاص في مناطق الإدارة الذاتية، وكيفية مشاركة ممثلي الإدارة بالعملية السياسية».
ونقل المبعوث الأميركي التزام بلاده بتنفيذ أي اتفاق سياسي بين أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» التي يقودها «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وأحزاب «المجلس الوطني الكردي». وكان المبعوث الأميركي قد عقد اجتماعاً مع قادة المجلس الكردي في 10 من الشهر الحالي. ونقل عضو الهيئة الرئاسية للمجلس، فيصل يوسف، أنهم طلبوا من المسؤول الأميركي ضمانات قبل استئناف المحادثات الكردية، وأنه «يجب تقديم ضمانات بعدم تكرار ما حصل من انتهاكات، تمثلت في حرق بعض مقرات المجلس واعتقالات ضد الأنصار، ووقف تصريحات وحملات التخوين من الطرف الآخر»، وشدد على أن المجلس أكد التزامه بإنجاح المحادثات بعد حل القضايا الخلافية مع الطرف الكردي المقابل.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».