واشنطن تفرض عقوبات على روسيا وتطرد 10 دبلوماسيين

فرضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سلسلة عقوبات طال التلويح بها ضد روسيا، شملت طرد عشرة من الدبلوماسيين الروس وإجراءات بعيدة المدى ضد عشرات الأفراد والمؤسسات بما في ذلك البنك المركزي الروسي، كثمن لاختراق عملاء روس لشبكات إلكترونية حكومية وخاصة أميركية، بالإضافة إلى عدد آخر من النشاطات المعادية للولايات المتحدة أو غير المشروعة فيها.
وهذه هي الجولة الثانية من العقوبات التي تفرضها إدارة بايدن ضد موسكو، بعد جولة أولى قبل أسابيع شملت عقوبات بسبب تسميم زعيم المعارضة الروسي ألكسي نافالني. وكانت تلك العقوبات مماثلة لسلسلة من الإجراءات التي اتخذتها دول أوروبية وبريطانيا في أكتوبر (تشرين الأول) ومارس (آذار) الماضيين.
وأفاد مساعدو الرئيس بايدن بأن العقوبات الجديدة بعض من خطوات «مرئية وغير مرئية» رداً على الهجمات الإلكترونية التي استهدفت مجموعة من الوكالات الفيدرالية والمؤسسات الخاصة عبر قرصنة المعلومات والأنظمة الخاصة بشركة «سولار ويندز»، بالإضافة إلى دفع مكافآت للمتشددين لقتل جنود أميركيين في أفغانستان والجهود التي تبذلها روسيا منذ سنوات للتدخل في الانتخابات الأميركية. واتهمت الولايات المتحدة رسمياً جهاز المخابرات الخارجية الروسية «إس في آر»، المعروف أيضاً باسم «أبت 29» و«كوزي بير» و«ذا ديوك»، بأنه «مرتكب حملة التجسس السيبراني الواسعة النطاق التي استغلت منصة سولار ويندز أوريون وغيرها من تقنيات المعلومات والبنى التحتية».
وكشف وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أنه جرى اطلاع السلطات الروسية على «مخاوفنا في شأن أفعالها والخطوات التي نتخذها رداً على ذلك». ولفت إلى أن وزارة الخزانة الأميركية أصدرت توجيهاً «يحظر على المؤسسات المالية الأميركية إجراء معاملات في السوق الأولية لسندات جديدة مقومة بالروبل أو بغير الروبل تصدر بعد 14 يونيو (حزيران)»، بما في ذلك تلك الصادرة عن البنك المركزي الروسي وعدد من الصناديق السيادية الروسية، مضيفاً أن الأمر التنفيذي «يمنح الحكومة الأميركية سلطة توسيع عقوبات الديون السيادية على روسيا بحسب الاقتضاء». وأورد بايدن في الأمر التنفيذي أن الولايات المتحدة «ترغب في علاقة مستقرة ويمكن التنبؤ بها مع روسيا»، مضيفاً أنه لا يعتقد أن هناك «حاجة إلى الاستمرار في مسار سلبي». واعتبر بلينكن أن هذه العقوبات «ستقلص الموارد الروسية المتاحة للقيام بنشاطات خبيثة مماثلة». وإذ ذكر بأن الولايات المتحدة ردت مع شركائها وحلفائها في 2 مارس على محاولة روسيا تسميم نافالني واعتقاله وسجنه لاحقاً. وقال: «لا نزال قلقين في شأن صحة نافالني وعلاجه في السجن»، داعياً إلى «إطلاقه غير المشروط». ولفت إلى أن وزارة الخارجية «ستتخذ خطوات لتعزيز شراكات الأمن السيبراني على الصعيد الدولي، بما في ذلك من خلال توفير دورة تدريبية جديدة مع الشركاء حول السياسات والجوانب الفنية لإسناد الحوادث الإلكترونية علناً ومن خلال دعم التدريبات على سلوك الدولة المسؤول في الفضاء الإلكتروني».
وفرضت وزارة الخزانة أيضاً عقوبات على ست شركات تكنولوجيا روسية تقدم الدعم للبرنامج الإلكتروني لخدمة المخابرات الروسية. وكذلك عاقبت 32 كياناً وفرداً «نفذوا محاولات موجهة من الحكومة الروسية للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020. وغيرها من أعمال التضليل والتدخل». وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن أمر بايدن يمنحها «السلطة لمواجهة السلوك الخبيث المستمر والمتزايد لروسيا»، مضيفة أن وزارة الخزانة «تستفيد من هذه السلطة الجديدة لفرض تكاليف على الحكومة الروسية لسلوكها غير المقبول، بما في ذلك عن طريق الحد من قدرة روسيا على تمويل نشاطاتها واستهداف القدرات السيبرانية الخبيثة والمدمرة لروسيا». وتعد هذه العقوبات خطوة مشابهة لما قامت به إدارة الرئيس السابق باراك أوباما رداً على الجهود الروسية للتأثير على الانتخابات الأميركية قبل خمس سنوات. غير أن إدارة بايدن ذهبت أبعد من الجهود السابقة لمعاقبة روسيا على التدخل في الانتخابات، باستهداف الديون السيادية لديها، في سعي إلى فرض تكاليف حقيقية على موسكو، التي تجاهلت العديد من الجولات السابقة من العقوبات. وتؤثر القيود المفروضة على الديون السيادية في قدرة الدولة على جمع السندات المقومة بالدولار، إذ يخشى المقرضون منعهم من التعامل عبر الأسواق المالية الأميركية. وتشكل هذه العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي تصعيداً كبيراً في التكاليف التي تسعى الولايات المتحدة إلى فرضها على موسكو. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان أعلن في فبراير (شباط) الماضي أن هذه «لن تكون مجرد عقوبات»، لأنها تتضمن «مزيجاً من الأدوات المرئية وغير المرئية»، علما بأن هناك خلافات في الإدارة حول عدد الخطوات التي يجب نشرها للرأي العام.