هيل يحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية سوء الإدارة والفساد

وكيل وزارة الخارجية الأميركية دعا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة وتطبيق الإصلاحات

ديفيد هيل خلال اجتماعه أمس مع الرئيس المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
ديفيد هيل خلال اجتماعه أمس مع الرئيس المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
TT

هيل يحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية سوء الإدارة والفساد

ديفيد هيل خلال اجتماعه أمس مع الرئيس المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
ديفيد هيل خلال اجتماعه أمس مع الرئيس المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)

وجّه وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل انتقادات قاسية للمسؤولين اللبنانيين في مستهل زيارة بدأها لبيروت أمس، مشدداً على ضرورة تطبيق الإصلاحات وتأليف حكومة قادرة على القيام بالمهمة، ومحملاً القيادات اللبنانية مسؤولية سوء الإدارة والفساد والفشل في وضع مصالح البلاد في المقام الأول.
ومن المتوقع أن يكون للموفد الأميركي موقف أكثر شمولية اليوم، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، بينما اكتفى أمس بالتصريح إثر لقائه رئيس البرلمان نبيه بري. وشملت لقاءاته رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. ومن المرجح أن يلتقي عدداً آخر من قيادات الأحزاب اللبنانية، فيما لفتت المعلومات إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لن يكون ضمن لقاءاته، نتيجة العقوبات التي سبق أن فرضتها عليه الإدارة الأميركية قبل أشهر.
وبعد لقائه هيل، قال وزير الخارجية اللبناني إن الموفد الأميركي «أوضح مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة لملفات الشرق الأوسط ولبنان، مؤكداً على دعم استقرار لبنان والهدوء في الجنوب ودعم الجيش وثقة واشنطن به»، وفي رد على سؤال حول عدم توقيع الرئيس عون على تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية تزامناً مع زيارة هيل، قال وهبة: «عون لا يقدّم هدايا على حساب مصالح لبنان».
وبعد لقائه بري، أعلن هيل أن زيارته إلى بيروت جاءت بناء لتكليف من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية المؤلمة التي تواجه لبنان ولإعادة التأكيد على التزام أميركا بالشعب اللبناني. وشدد على أن «أميركا وشركاءها الدوليين قلقون للغاية إزاء الفشل الحاصل في إطلاق برنامج الإصلاح الحاسم الذي طالما طالب به الشعب اللبناني»، مضيفاً: «لقد قمت بزيارة لبنان في ديسمبر (كانون الأول) 2019 ومرة أخرى في أغسطس (آب) 2020. وسمعت آنذاك إجماعاً واسع النطاق بين القادة اللبنانيين حول الحاجة، التي طال انتظارها، إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وحوكمة رشيدة، لكن حتى اليوم لم يحرز سوى تقدم ضئيل جداً. وفي الوقت نفسه، يعاني ملايين اللبنانيين بالإضافة إلى الجائحة، من مصاعب اقتصادية واجتماعية»، مؤكداً: «إنه تتويج لعقود من سوء الإدارة والفساد وفشل القادة اللبنانيين في وضع مصالح البلاد في المقام الأول. سيكون لديّ المزيد لأقوله عند اختتام اجتماعاتي غداً (اليوم)، ولكن رسالتي خلال اجتماعات اليوم (أمس) هي بكل بساطة؛ إن أميركا والمجتمع الدولي مستعدان للمساعدة، ولكن لا يمكننا أن نفعل شيئاً ذا مغزى دون الشريك اللبناني».
ودعا «القادة اللبنانيين إلى إبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة راغبة وقادرة على الإصلاح الحقيقي والأساسي، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. كما أنها ليست سوى خطوة أولى، وستكون هناك حاجة إلى تحقيق تعاون مستدام إذا كنا سنرى اعتماد وتنفيذ إصلاحات شفافة».
وقالت مصادر، اطلعت على فحوى بعض لقاءات هيل لـ«الشرق الأوسط»، إنه ركّز على ضرورة أن يتم تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، وعكس اهتمام المجتمع الدولي بلبنان، ولا سيما إعلانه أنه لم يأتِ إلى لبنان في زيارة وداعية قبل انتهاء مهامه، إنما بناء على طلب وزير الخارجية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.