أنباء عن اعتقال محافظ بابل بتهم فساد واقتياده إلى بغداد

TT

أنباء عن اعتقال محافظ بابل بتهم فساد واقتياده إلى بغداد

تضاربت الأنباء، أمس، بشأن اعتقال محافظ بابل (85 كيلومتراً جنوب بغداد)، بتهم فساد، وفيما أفادت مصادر أمنية بقيام قوة خاصة يعتقد أنها تابعة لمديرية الأمن الوطني باعتقال المحافظ الحالي حسن منديل السرياوي، واقتياده إلى بغداد، نفى مصدر مقرب من المحافظ ذلك. وأكدت المصادر الأمنية أن «قوة أمنية خاصة من بغداد، اعتقلت المحافظ بعد مداهمة عدد من الأماكن التي يتواجد فيها».
كانت مواقع إخبارية عديدة تداولت قبل يومين نسخة عن مذكرة إلقاء قبض بحق السرياوي صادرة عن القضاء نهاية شهر مارس (آذار) الماضي. غير أن مصادر مقربة من المحافظ نفت اعتقاله، ونقل موقع «الفرات» الإلكتروني التابع لـ«تيار الحكمة»، الذي ينتمي إليه المحافظ عن مصدر قوله إن «المحافظ لم يعتقل وهو مستعد للمثول أمام السلطة القضائية كونه واثقاً من أنه سينصفه، ويكشف أن القضية التي أثيرت ضده وراءها غايات سياسية مدفوعة». وأضاف أن «إقرار موازنة 2021 حركت مافيات الفساد للسيطرة على أموال المحافظة بمساعدة (ذباب إلكتروني)، لكننا على ثقة بنزاهة القضاء العراقي وعدالته». ونقل المصدر عن المحافظ قوله: «واثق كل الثقة بنزاهة القضاء العراق، ومتفائل بأنه سيقول كلمة الحق ويدحض الباطل».
كانت هيئة النزاهة الاتحادية أصدرت، الأسبوع قبل الماضي، أوامر قبض بحق محافظ بابل السابق (لم تسمه) على خلفية التلاعب بمحضر توزيع قطع أراض مخصصة لشريحة الشهداء والسجناء السياسيين والجرحى.
ويعاني العراق منذ سنوات طويلة من تفشي آفة الفساد في معظم المؤسسات والدوائر الحكومية، وغالباً ما وضعت التقارير الدولية العراق في صدارة الدول الأكثر فساداً في العالم.
ورغم الجهود التي تبذلها حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، لمحاربة الفساد، وتشكيلها لجنة خاصة، إضافة إلى جهود بقية الهيئات الرقابية، إلا أن كثيرين يعتقدون أن الحكومة ما زالت في بداية الطريق وأمامها الكثير من العمل لتقوم به في حال أثبتت جديتها في محاربة الفساد الذي يحظى بغطاء ودعم أحزاب وميليشيات وقوى سياسية نافذة.
كان الكاظمي تعهد، أول من أمس، بـ«عدم التراجع عن إجراءات محاربة الفساد رغم العراقيل التي يحاول البعض وضعها».
من جانبها، كشفت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف، أمس، عن توجهات برلمانية لاستجواب رئيس ديوان الوقف الشيعي حيدر حسن الشمري. وقالت في بيان إن «هناك توجهات نيابية لاستجواب رئيس ديوان الوقف الشيعي خلال الأيام القليلة المقبلة بسبب مخالفات وخروقات إدارية ومالية». وأكدت على أن «استجواب السيد رئيس الوقف الشيعي داخل البرلمان سيكون مهماً جداً، وسيتم خلاله الكشف عن مخالفات إدارية ومالية معززة بالأدلة، بالإضافة إلى أمور لم يكن أحد في الوقف يتوقع الكشف عنها للرأي العام». وأوضحت أن «الوثائق التي تثبت هذه المخالفات تمت إحالتها إلى القضاء لتأخذ العدالة مجراها».
وفي إطار المطالبات المستمرة باستعادة أموال الفساد المهربة خارج البلاد، طلبت كتلة «التغيير» الكردية في البرلمان الاتحادي، أمس، تشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد وإعادة الأموال العراقية المهربة إلى الخارج.
وقال رئيس الكتلة يوسف محمد في بيان، «بموازاة الخطوات الإصلاحية في المجال المالي والاقتصادي، ودعم القطاعات الأخرى غير النفطية التي تم إقرارها في قانون الموازنة لهذا العام، خصوصاً دعم القطاع الزراعي والصناعي في العراق، يجب أن تكون هنالك خطوات عملية في مجال مكافحة الفساد قضائياً ومن خلال المؤسسات الموجودة، وتفعيل آليات إعادة الأموال المهربة والمنهوبة من خلال وضع لمسات وآليات معينة فيما يتعلق بهذا المجال». وأضاف أن «إعادة تلك الأموال تحتاج إلى آليات سياسية، تتمثل بإدامة الضغط على مؤسسات الدولة للقيام بمهامها في هذا المجال، وتفعيل شراكة وتحالف دولي لمحاربة الفساد ودعم العراق في إعادة الأموال المهربة جراء الكسب غير المشروع». وأشار محمد إلى الحاجة لـ«آلية قانونية أيضاً تتمثل بتعديل قانون صندوق استرداد أموال العراق لتسهيل عملية إرجاع الأموال المهربة، وكذلك وضع آليات قضائية للمتابعة والتحري عن ملفات الفساد والأموال التي هربت إلى الخارج».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.