مخاوف من فقدان السيطرة على الفيروس شرق الفرات

منحنى تصاعدي للإصابات في إدلب

TT

مخاوف من فقدان السيطرة على الفيروس شرق الفرات

بعدما تجاوز عدد إصابات فيروس كورونا في مناطقها أكثر من 12 ألف حالة، حذرت الإدارة الذاتية، شرق الفرات، من تردي الوضع الصحي في المدن والبلدات الخاضعة لنفوذها، محذرة من انهيار المنظومة الصحية وحدوث كارثة إنسانية شرق البلاد، في وقت تحدثت وزارة الصحة بالحكومة السورية عن تسجيل منحنى تصاعدي للإصابات بفيروس كورونا منذ بداية شهر مارس (آذار) الماضي، فيما شهدت إدلب وريفها وريف حلب ارتفاعاً ملحوظاً.
ونشرت هيئة الصحة، التابعة للإدارة الذاتية شرق الفرات، أمس، في بيان رسمي، على حسابها، أن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا تجاوز 12437 حالة، بينها 428 حالة وفاة و1400 حالة تماثلت للشفاء. وقال الدكتور جوان مصطفى، رئيس الهيئة، إن «وباء (كوفيد 19) يمكن أن يؤدي إلى كارثة إنسانية بسبب تضاعف عدد المصابين، فالمنطقة تعاني من هجمة شرسة للموجة الثالثة لفيروس كورونا، والوضع ينذر بكارثة إنسانية شمال وشرق سوريا»، مضيفاً أن «أعداد المصابين في تزايد مستمر، ونحن غير قادرين على إيقاف الانتشار، كما أن العينات التي يجري فحصها هي عينات عشوائية، والأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير».
وفرضت الإدارة الذاتية الإغلاق الكلي، ويشمل جميع مناطق شمال شرقي سوريا، لمدة 10 أيام، تنتهي في 22 من الشهر الحالي، جراء تزايد حالات الإصابات والوفيات، وأظهرت الإحصاءات الأخيرة وتقارير الطواقم الطبية أن المخطط البياني للوفيات والإصابات بفيروس كورونا في المنطقة بارتفاع ملحوظ.
ويشمل قرار الحظر إغلاق جميع المعابر الحدودية التابعة للإدارة الذاتية، باستثناء الحالات الإنسانية والمرضى والطلاب والحركة التجارية، وعلّقت الإدارة عمل جميع المؤسسات والدوائر التابعة لها باستثناء الجهات التي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار بالعمل.
ويسمح للمحال التجارية والبقاليات فتح أبوابها من الساعة 8 صباحاً حتى 4 عصراً، مع تواصل إغلاق المطاعم والمقاهي التي تكتفي حالياً بالاعتماد على خدمة التوصيل الخارجي لزبائنها.
وأشار مصطفى إلى أن الوضع الاقتصادي لسكان المنطقة يعاني من صعوبة بالغة للغاية، «لكن الحظر الكلي إجراء لا بد منه في ظل سرعة انتشار كورونا»، داعياً الأهالي إلى التعاون مع الكوادر الصحية وقوى الأمن الداخلي، والالتزام بالحظر الذي تفرضه الإدارة للحد من وتيرة الإصابات.
وأوضح المسؤول الكردي أن منظمة الصحة العالمية غير جادة في تقديم أي دعم لشمال وشرق سوريا، «كل ما تم النقاش حوله مع المنظمة لم يرتقِ إلى الواقع العملي بشأن تقديم اللقاحات، علماً بأن مراكز (كوفيد 19) باتت تمتلئ بالمصابين، والمخطط البياني لحالات الإصابة في ارتفاع قياسي»، ودعا المنظمات الدولية والجهات الإنسانية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، إلى التدخل الفوري تحاشياً لمنع وقوع كارثة إنسانية، «نقترب من حاجز فقدان السيطرة على الفيروس وانتشاره خارج سيطرة هيئة الصحة».
وسبق لسلطات الإدارة الذاتية أن خفّفت من إجراءات الحظر الشامل، رغم استمرار تسجيل أعداد الإصابات، وبحسب بيانات هيئة الصحة سجلت مدينة الحسكة 56 إصابة يوم أمس، وفي القامشلي تم تسجيل 54 إصابة، فيما كانت حصيلة مدينة الرقة 33.
وفي العاصمة السورية دمشق، عدّلت وزارة التربية السورية قراراً يقضي باستمرار الدوام الدراسي في صفوف مرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2020 - 2021. وذكر القرار سبب استثناء هذه المرحلة من إيقاف الدوام بسبب كثرة الطلبات المقدمة من الأمهات العاملات اللواتي لديهن أطفال في سن رياض الأطفال، مع التشديد على اتخاذ الإجراءات الوقائية بين الأطفال.
وأعلنت وزارة الصحة اليوم تسجيل 105 إصابات جديدة بفيروس كورونا في مناطق سيطرة النظام، مع شفاء 110 حالات، بينها 7 حالات وفاة، وذكرت الوزارة في بيان رسمي أن عدد الإصابات المسجلة في البلاد بلغ حتى الآن 20331 شفيت منها 14122 وتوفيت 1385 حالة.
وتحدثت وزارة الصحة عن تسجيل منحنى تصاعدي للإصابات بفيروس كورونا منذ بداية شهر مارس (آذار) الماضي، وكان مدير الجاهزية والإسعاف بالوزارة توفيق حسابا، نقل أن محافظة دمشق سجّلت أعلى ارتفاع في الإصابات والوفيات.
وشهدت مناطق إدلب وريفها وريف حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، ارتفاعاً ملحوظاً منذ نهاية مارس الفائت، وفقاً للأرقام المعلنة من قبل «فريق منسقي استجابة سوريا» و«شبكة الإنذار المبكر» ومكتب الصحة بـ«الحكومة السورية المؤقتة» التابعة للائتلاف السوري المعارض.
وذكرت الحكومة المؤقتة في جدول بياني، نشر على حسابها الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي، أنها سجلت 31 إصابة جديدة بالفيروس، و9 حالات شفاء من الإصابات المسجلة، إضافة إلى إجراء اختبارات لـ721 حالة يشتبه بإصابتها بالفيروس، وبلغ العدد الكلي حتى أمس 21540 إصابة، منها 638 حالة وفاة، و19584 حالة شفاء.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.