انزعاج أوروبي من إطلاق سراح «أشهر مهرب للبشر» في ليبيا

مصادر تحدثت عن قرب الإفراج عن شخصيات تابعة لنظام القذافي

TT

انزعاج أوروبي من إطلاق سراح «أشهر مهرب للبشر» في ليبيا

أحدثت عملية الإفراج عن الضابط في جهاز حرس السواحل الليبي، عبد الرحمن ميلاد، الشهير بـ«البيدجا»، ردود فعل غاضبة في الأوساط الغربية، في وقت دعا فيه المبعوث الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، جميع الأطراف إلى «استلهام روح شهر رمضان، والإفراج عن كافة المعتقلين، وخصوصاً الموقوفين تعسفياً كبادرة على حسن النيات، وفتح فصل جديد في تاريخ ليبيا».
وشوهد «البيدجا» المعاقب دولياً، بعد إطلاق سراحه الأحد الماضي في مسقط رأسه بمدينة الزاوية (غرب)، وهو يقود وحدة من خفر السواحل، وفقاً لمسؤولين في البلاد. لكن السلطات الأمنية رفضت التعليق على خبر الإفراج عنه.
وقال البرلماني الإيطالي نيكولا فراتوياني، إن حقيقة «إطلاق سراح أحد مهربي البشر الليبيين وترقيته يعدّ خبراً مقلقاً». في إشارة إلى «البيدجا»، الذي ترأس ما يسمى خفر السواحل الليبي لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
ورغم أن وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق»، التي كان يترأسها فتحي باشاغا، اعتقلت «البيدجا» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت حينها إنه مطلوب بتهم «الاتجار بالبشر وتهريب وقود»، إلا أن الحكومة ذاتها أقدمت، بحسب مسؤولين، على ترقية «البيدجا» إلى رتبة رائد بجانب آخرين، لمشاركتهم في القتال لصد الهجوم على العاصمة، الذي شنته قوات «الجيش الوطني» بشرق ليبيا.
ورأى البرلماني الإيطالي، وفقاً لوكالة «أكي»، أن الإفراج عن «البيدجا» «خبر مزعج يلقي بظلال أخرى على شخص مسؤول عن عمليات تعذيب، ومخالفات أخرى حسب السلطات الدولية». كما نقلت الوكالة أن «(البيدجا) أطلق من السجن، وتمت ترقيته إلى رتبة رائد في جهاز حرس السواحل الليبية، وذلك بعد ستة أشهر من توقيفه من قبل السلطات في طرابلس».
وفي أبريل (نيسان) عام 2019 وجه الصديق الصور، رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، أمرا باعتقال «البيدجا» لاتهامه بالتورط في تهريب الوقود. لكن ذلك لم يحدث إلى أن انتهت الحرب على طرابلس، فوجه باشاغا بالقبض عليه، تنفيذاً لأمر النائب العام المؤجل من عام 2019 وصدور نشرة خاصة من منظمة الشرطة الدولية ضده.
وقال بيان نشرته وزارة الداخلية حينها إن «اعتقال (البيدجا) جاء بناء على طلب لجنة العقوبات بمجلس الأمن؛ وذلك لقيامه رفقة آخرين بالضلوع في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وتهريب الوقود».
وفي شأن يتعلق بملف المعتقلين منذ عدة سنوات، طالب كوبيش، الذي هنأ الشعب الليبي بمناسبة شهر رمضان المبارك، بالإفراج عن جميع المعتقلين كبادرة لـ«حسن النوايا». وأشاد في بيان أصدره مساء أول من أمس، بالمبادرات الأخيرة المتعلقة بالإفراج عن المحتجزين المدنيين وغير المدنيين، من قبل مختلف الأطراف في شرق وغرب ليبيا، داعيا «جميع الأطراف إلى استلهام روح هذا الشهر، والإفراج عن كافة المعتقلين، وخصوصا المعتقلين تعسفياً في بادرة لحسن النوايا، معتمدين على الزخم الشعبي الحالي في البلاد».
وأضاف المبعوث الأممي «في شهر الرحمة والإنسانية نرجو ألا تنسوا معاناة وبؤس العديد من الليبيين النازحين، والسجناء والمعتقلين والمحرومين، واللاجئين والمهاجرين والمحتجزين الأجانب، الذين يكابدون العيش في ظروف لا تطاق»، مجدداً دعوته للسلطات الليبية للعمل معاً على توفير الخدمات للشعب الليبي، وتوحيد المؤسسات الوطنية، وتكاتف الجهود لتحقيق مطالب الليبيين بإجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
في السياق ذاته تتحدث مصادر عن قرب الإفراج عن شخصيات تابعة لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، مشيرة إلى أن النائب العام، يدرس إمكانية إصدار عفو عام عنهم قريباً.
وفيما لم تكشف المصادر، التي نقلت عنها قناة «218» الإخبارية الليبية، من هي الشخصيات التي سيشملها العفو، لفتت إلى أن رئيس المجلس الرئاسي بحكومة «الوحدة الوطنية»، محمد المنفي، طلب من الرئيس التركي التوسط لدى رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، لإطلاق سراح هانيبال، نجل القائد الراحل معمر القذافي، المحتجز في لبنان على خلفية اختفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا عام 1978.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.