مسؤولون أميركيون سابقون يحذّرون إدارة بايدن من رفع العقوبات عن إيران

أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن سياسة «الضغط الأقصى» أضعفت النظام

المبعوث الأميركي الخاص بفنزويلا إليوت أبرامز يدلي بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في واشنطن فبراير 2019 (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بفنزويلا إليوت أبرامز يدلي بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في واشنطن فبراير 2019 (أ.ب)
TT

مسؤولون أميركيون سابقون يحذّرون إدارة بايدن من رفع العقوبات عن إيران

المبعوث الأميركي الخاص بفنزويلا إليوت أبرامز يدلي بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في واشنطن فبراير 2019 (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بفنزويلا إليوت أبرامز يدلي بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في واشنطن فبراير 2019 (أ.ب)

بينما تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى تحقيق «انتصار دبلوماسي» بالعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، يقف أعضاء إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب متفرجين على هذه الخطوات التي تجريها الحكومة الحالية، وهي في تقديرهم «نكوص» على الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام الأربعة الماضية، معبّرين عن معارضتهم لخطوات المفاوضات مع النظام الإيراني في فيينا، ضمن التفريط بـ«سلاح العقوبات».
ويرفض المسؤولون السابقون انتقادات وجّهها مبعوث إدارة بايدن الخاص بإيران، روبرت مالي لسياسة إدارة ترمب، الذي يرى أن سياسة العقوبات «فشلت ولم تأتِ بنتيجة».
وقال المبعوث الأميركي الخاص السابق لإيران وفنزويلا إليوت أبرامز، لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار حملة «الضغط الأقصى» لمدة عامين فقط على إيران، أدّى إلى حرمان إيران من الحصول على 70 مليار دولار على الأقل، والتي «ربما تكون ذاهبة إلى دعم الإرهاب، وبرنامجها الصاروخي»، مراهناً على أنه لو فاز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة 2020 «سيأتي الإيرانيون موافقين على التفاوض بشأن صفقة كانت حقاً أطول وأقوى، لأنهم لن يتحملوا أربعة أعوام أخرى»، ويرى أن الإدارة الحالية ملتزمة تماماً بالعودة للاتفاق.
ويطالب أبرامز، بايدن باستمرار القيود لفترة أطول، ويجب أن تغطي المناقشات مع الإيرانيين برنامج الصواريخ الباليستية، ودعمهم للإرهاب في المنطقة، موضحاً أن «المشكلة أنهم بالعودة إلى الاتفاق سوف يتخلون عن كل نفوذهم للتفاوض على مثل هذه الأمور الإضافية، لذا هي سياسة لا يمكن أن تنجح، وأشكّ في نتائجها، ما لم يقرر خامنئي إلغاء الاتفاق بالكامل».
وإذ أشار أبرامز إلى وجهات النظر الأوروبية، التي اطّلع عليها عندما كان في منصبه السابق، قال: «يختلف الأوروبيون. فالمملكة المتحدة الآن خارج الاتحاد الأوروبي، على عكس عام 2015، أما فرنسا فقد انتقدت مفاوضات كيري في 2015، وقالت إنه كان مفاوضاً سيئاً وتنازل عن الكثير، لذلك قد يقلقون بشأن هذه المشكلة مرة أخرى في إدارة بايدن»، معتبراً أن الاختلاف الأساسي هو في النهاية بيد أميركا، إذ لمح إلى خيار الحرب بقوله: «لدى الولايات المتحدة خيار عسكري لوقف إيران وهم لا يفعلون ذلك».
بدوره، أكد غابرييل نورونها المستشار الخاص السابق لوزير الخارجية مايك بومبيو، بشأن إيران، أن العقوبات الأميركية كانت «ناجحة للغاية»، إذ أدّت إلى انخفاض ميزانية الدفاع الإيرانية بنسبة 28% عام 2019، و25% أخرى في العام التالي. وانخفض الإنفاق الإيراني على الوكلاء الإقليميين نحو 200 مليار دولار، لافتاً إلى أنهم «يفلسون ولا يمكنهم الاستمرار في تهديد الدول المسالمة في الشرق الأوسط».
ويتوقع نورونها أن تصمد إيران لـ«فترة أطول، ولن توافق على العرض الأول من الولايات المتحدة خلال محادثات فيينا، لكن من المرجح أن يوافقوا على مواصلة المحادثات في فيينا لوقت آخر، وذلك حتى لا تفرض واشنطن عقوبات، أو تضيف ضغوطاً جديدة على طهران، وربما تستمر هذه المحادثات لعدة أشهر». وقال إن رفع جميع العقوبات دون إنهاء ثلاثة أمور مهمة مع إيران «سيكون خطأً مأساوياً»، وهي: «وقف برنامج إيران النووي تماماً»، و«الإفراج عن الرهائن الأجانب»، و«إنهاء دعمهم للإرهاب».
وحذر نورونها من«الوثوق بكلمة إيران»، وحض بايدن على الانتظار حتى يتم تفكيك برنامجهم النووي بالكامل، قبل أن يخفف أي عقوبات، وأن يجعل إيران توافق على عناصر أخرى في المفاوضات، وليس برنامجها النووي فقط.
ويفيد نورونها بأنه نظراً لأن أوروبا ليست لديها عقوبات على إيران، فمن المرجح أن تمضي قدماً في أي صفقة تكون الولايات المتحدة على استعداد لإبرامها، مرجعاً ذلك إلى أن الأوروبيين لا يلزمهم اتخاذ أي إجراء من جانبهم، ومع ذلك، في عامي 2014 و2015، «كان الأوروبيون يسعون إلى صفقة أقوى مما تساوم عليه الولايات المتحدة، وشجعوا بشكل خاص على اتخاذ موقف أقوى»، مؤيداً أبرامز في أن تحاول المملكة المتحدة الحصول على صفقة أفضل، «من المرجح أن تلتزم فرنسا وألمانيا بالهدوء وتساعدان في التوسط». وأشار إلى أن بايدن يواجه معارضة شديدة من الكونغرس، فقد تعهد جميع الجمهوريين تقريباً بإعادة العقوبات ما لم يتم تقديم صفقة لمجلس الشيوخ الأميركي كمعاهدة، وما لم يرغب الإيرانيون في تكرار ما حدث مع الرئيس ترمب، فعليهم أن يأخذوا هذا التهديد على محمل الجد»، مضيفاً: «كما تعارض العناصر الإيرانية المتشددة العودة إلى الاتفاق، وأظن أن هذا مجرد تكتيك تفاوضي للضغط على الأميركيين، ولو تحقق ذلك فستكون عودة الولايات المتحدة إلى الصفقة انتصاراً بطعم المعجزة، وشريان حياة للنظام».
من جهتها، قالت إيلي كوهانيم نائبة مدير مكتب معاداة السامية بوزارة الخارجية سابقاً في إدارة ترمب، (نشأت وترعرعت في إيران)، إن إدارة الرئيس ترمب «خرجت من السلطة وخلّفت نظاماً إيرانياً ضعيفاً، وذلك بفعل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها، وخلّفت اقتصاداً في حالة يُرثى لها وعملة أقل قيمة عملياً، لذا فإن إدارة بايدن تمتلك كل النفوذ في هذه المفاوضات، وعليهم فقط استخدامها».
وحذّرت كوهانيم من وجود الصين وروسيا في مفاوضات فيينا، لأن كل هذه البلدان تشكّل تهديدات للأمن القومي لأميركا، على حد قولها، مطالبةً الإدارة الحالية بالضغط على إيران في ما يخص وقف انتهاكات حقوق الإنسان الشنيعة، وذلك قبل أي رفع للعقوبات، وإطلاق سراح جميع الرهائن الأميركيين والأجانب.
وأضافت: «يجب أن تعترف إدارة بايدن بأن إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، ذات أطماع الهيمنة والإمبريالية في الشرق الأوسط. لقد أثبتت إيران مراراً وتكراراً أنها تستخدم الموارد لتمويل وكلائها الإرهابيين لإحداث عدم استقرار إقليمي، ولا يوجد سبب وجيه للدخول في صفقة مع النظام الإيراني تضمن لهم سلاحاً نووياً في الوقت المناسب».



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».