أهالي ضحايا «داعش» لـ («الشرق الأوسط»): ندرة فرص العمل دفعتهم للمخاطرة

طالبوا الرئيس المصري باستعادة «جثامين» أبنائهم والثأر لهم

أفراد من عائلات الضحايا المصريين في سمالوط يواسون بعضهم بعضا أمس (أ.ب)
أفراد من عائلات الضحايا المصريين في سمالوط يواسون بعضهم بعضا أمس (أ.ب)
TT

أهالي ضحايا «داعش» لـ («الشرق الأوسط»): ندرة فرص العمل دفعتهم للمخاطرة

أفراد من عائلات الضحايا المصريين في سمالوط يواسون بعضهم بعضا أمس (أ.ب)
أفراد من عائلات الضحايا المصريين في سمالوط يواسون بعضهم بعضا أمس (أ.ب)

أرجع أهالي المصريين الذين قتلوا في ليبيا «ذبحا» على يد مسلحين تابعين لتنظيم داعش الإرهابي، أسباب عمل ضحاياهم هناك، رغم الظروف الأمنية غير المستقرة، إلى «الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها أيضا في الداخل، وندرة فرص العمل»، مطالبين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، الرئيس عبد الفتاح السيسي «بالعمل على استعادة جثث قتلاهم والقصاص لهم لكي تبرد نيرانهم».
وبث مسلحون في ليبيا فيديو، مساء أول من أمس، أظهر عملية ذبح جماعي لـ21 مصريا مسيحيا، اختطفوا بمدينة سرت الليبية، في شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين. وينتمي معظم الضحايا لمحافظة المنيا بصعيد مصر، حيث يميز الفقر وضيق كثيرا من قرى المحافظة.
يقول سمير والد القتيل جرجس إن «ظروفهم الصعبة وقلة موارد الرزق اضطرت نجله للسفر إلى ليبيا، رغم المحاذير المعروفة لدى الجميع». وأشار الوالد بصوت يملأه البكاء، خلال مراسم أجريت لتشييع جثامين «رمزية» للضحايا في كنيسة العذراء بالمحافظة، إلى أن «العديد من أبناء المنيا يذهبون إلى هناك في ظل عدم وجود فرص عمل كافية في مصر، إضافة إلى سهولة إجراءات السفر والحصول على عمل». وتابع: «يذهب العامل حاملا حقيبته فقط عكس الدول الأخرى».
واتشحت محافظة المنيا وكل كنائس مصر بالسواد، حدادا على ضحايا الحادث. وقام بعض من أهالي قرية «العور» والقرى المجاورة بمركز سمالوط بمحافظة المنيا بأداء صلاة الجنازة على أرواح الضحايا، كما تظاهر الآلاف من الأهالي، أمس، تنديدا بالحادث وسط هتاف «الجيش والشعب إيد واحدة»، تأييدا للعملية العسكرية التي يشنها الجيش المصري حاليا.
وقال يوسف خال أحد الضحايا إن «العشرات من أقاربه ذهبوا للعمل في ليبيا في مجال الإسمنت والبناء، وعادوا بأموال لم يكن ليحصلوا عليها لو عملوا في مصر مائة سنة.. العمالة المصرية مطلوبة هناك». وفقد يوسف، مثل غيره، الاتصال بقريبه، منذ تم اختطافه قبل نحو شهرين، وأشار إلى أنه كان يتابع أخبار المختطفين من التلفزيون، وكان يأمل أن تتوصل الحكومة لحل للأزمة قبل قتلهم.
من جهته، طالب صبحي مكين، عم أحد الضحايا الرئيس السيسي باستعادة جثامين ذويهم، مشيرا إلى أن «نجل أخيه سافر إلى ليبيا منذ 40 يوما فقط لجني مال يمكنه من الزواج».
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بالوقوف إلى جانب أسر شهداء الإرهاب، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتخفيف من مصابهم، كما دعاها إلى الاستمرار في التنفيذ الصارم لقرار منع المصريين تماما من السفر إلى ليبيا، في ظل هذه الأوضاع المتردية حفاظا على أرواحهم، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين وتسهيل عودة المصريين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن.
وأشاد مجدي ملك، المتحدث باسم أسر الضحايا بإجراءات الرئيس السيسي، منوها بأن الضربات الجوية للجيش المصري رسالة قوية للتأكيد على كرامة المصريين والثأر من إرهابيي «داعش»، مؤكدا أن هذه الأحداث وحّدت المصريين جميعا، وأكدت إصرارهم وتحديهم في الحفاظ على الدولة المصرية وهيبتها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».