ميليشيات شيعية موالية لإيران تقود الحرب ضد «داعش» في العراق

تلجأ إلى تكتيكات تنطوي على مخاطرة تأجيج سخط السنة وتفاقم الأبعاد الطائفية للصراع

ميليشيات شيعية تقاتل في العراق ضد {داعش}
ميليشيات شيعية تقاتل في العراق ضد {داعش}
TT

ميليشيات شيعية موالية لإيران تقود الحرب ضد «داعش» في العراق

ميليشيات شيعية تقاتل في العراق ضد {داعش}
ميليشيات شيعية تقاتل في العراق ضد {داعش}

تضطلع ميليشيات شيعية مدعومة من إيران بدور قيادي متنام في المعركة التي يخوضها العراق ضد تنظيم «داعش»، مما يهدد بتقويض الاستراتيجيات الأميركية الرامية لتعزيز الحكومة المركزية وإعادة بناء الجيش العراقي وتعزيز المصالحة مع الأقلية السنية الساخطة.
ومع أعدادهم المتراوحة بين 100 ألف و120 ألف مسلح، بدأت الميليشيات سريعا في الحل محل الجيش العراقي الذي يعاني الإنهاك وتردي الروح المعنوية، والذي تراجعت أعداده لنحو 48 ألف جندي منذ هزيمة القوات الحكومية بمدينة الموصل شمال البلاد الصيف الماضي، تبعا لما أفاد به مسؤولون أميركيون وعراقيون.
وقد عزز هجوم جرى شنه أخيرا ضد مسلحي «داعش» داخل محافظة ديالى بقيادة منظمة «بدر»، من مكانة الميليشيات باعتبارها القوة العسكرية المهيمنة عبر مساحة واسعة من الأراضي العراقية تمتد من جنوب البلاد حتى كركوك بالشمال. ومع اضطلاعها بدور أكبر، تلجأ الميليشيات أحيانا لتكتيكات تنطوي على مخاطرة تأجيج سخط السنة وتفاقم الأبعاد الطائفية للصراع. كما تسهم هذه الميليشيات في تعزيز النفوذ الإيراني القوي بالفعل داخل العراق على نحو قد يصعب التغلب عليه لاحقا. ومع تمتعها بدعم طهران، بل وأحيانا بتسليح وتمويل منها، تعلن هذه الميليشيات صراحة عن ولائها لإيران.
يذكر أن كثيرا من تلك الميليشيات، مثل «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله»، كانت من بين المجموعات التي تزعمت القتال لطرد القوات الأميركية في السنوات السابقة لرحيل الأخيرة عام 2011. وفي مؤشر مهم ينبئ عن انزلاق العراق داخل فلك النفوذ الإيراني، تنتشر في وسط بغداد حاليا لوحات إعلانية ضخمة تستعرض قوة الميليشيات وتحمل صور آية الله الإيراني الراحل روح الله الخميني وخليفته المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وذلك بالمكان ذاته الذي كان فيه من قبل تمثالا لصدام حسين قبل تدمير قوات المارينز الأميركية له عام 2003. ويثير نفوذ الميليشيات المتزايد التساؤلات حول مدى استدامة استراتيجية شن طائرات حربية أميركية لغارات من الجو، مما يعزز قوة ميليشيات مدعومة من إيران على الأرض وقد تكون معادية للولايات المتحدة، حسبما ذكر محللون. إذا استمر القتال على نهجه الراهن، فهناك مخاطرة حقيقية بأن تتمكن واشنطن من هزيمة «داعش»، لكن تخسر العراق لصالح إيران في خضم ذلك، حسبما أفاد مايكل نايتس من «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى». ورغم أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رحب بالمساعدة الأميركية ودعا للمزيد، فإن قوة الميليشيات تهدد بتقويض سلطته وتحويل العراق لنسخة من لبنان، حيث تقف حكومة ضعيفة أسيرة لنزوات جماعة حزب الله القوية.
وقال نايتس: «لا ترغب الميليشيات الشيعية في وجود الأميركيين هناك، ولم تكن تلك رغبتهم قط. والتساؤل الآن: هل سنرى محاولات من جانب هذه الميليشيات المدعومة من إيران لطردنا من البلاد تماما؟». ومع تفكير القيادات العسكرية الأميركية بعمق في إرسال قوات برية للمعاونة في شن هجوم لإعادة السيطرة على الموصل، فإن بعض الميليشيات بدأت بالفعل في طرح التساؤلات حول الحاجة للمساعدة الأميركية. من جهته، قال كريم النوري، المتحدث الرسمي والقائد العسكري لمنظمة «بدر»، التي أصبحت أكثر المجموعات المسلحة قوة بالبلاد: «لسنا بحاجة إليها، سواء على الأرض أو جوا، ذلك أنه بإمكاننا هزيمة (داعش) بأنفسنا». من جهتهم، أوضح مسؤولون عراقيون أن الميليشيات سدت حاجة هائلة، ووفرت قوة بشرية في وقت حساس وعاونت في التصدي لتقدم «داعش» نحو بغداد. أما المساعدة الأميركية فقد جاءت متأخرة، بعد أن بدأ المسلحون في الزحف نحو العاصمة، بأكثر من شهرين، حسبما تشتكي هذه الميليشيات. أما الجهود الرامية لإعادة بناء الجيش العراقي المنهار فقد بدأت فقط في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ولم يتخرج حتى الآن أي متدربين.
من جهته، قال موفق الربيعي، عضو البرلمان عن ائتلاف «دولة القانون» الخاص بالعبادي: «إننا في فترة انتقالية، وفي حالة طوارئ. هناك تهديد وجودي، وهذا التهديد يستدعي استخدام أساليب استثنائية». وقد أوضحت الميليشيات، التي تفضل وصفها بـ«قوات التعبئة البشرية»، أن نشرها حصل على موافقة من جانب الحكومة وفتوى صادرة عن المرجعية الدينية الكبرى بالعراق، آية الله العظمى علي السيستاني.
الملاحظ أن سلسلة القيادة الخاصة بالميليشيات تمر عبر قادتهم، وتنتهي مباشرة في الكثير من الحالات إلى إيران.
يذكر أن الرجل المكلف بتنسيق نشاطات الميليشيات في العراق، نائب مستشار الأمن الوطني «أبو المهدي المهندس»، وهو اسم مستعار لرجل فرضت وزارة الخزانة ضده عقوبات لدوره بصفته قائدا عسكريا عراقيا بارزا في فيلق الحرس الثوري الإيراني. وقد أدين في الكويت غيابيا لدوره في تفجير السفارتين الأميركية والفرنسية لدى الكويت عام 1983. كما أن قاسم سليماني، القائد الأعلى للقوة الإيرانية، يظهر باستمرار في الخطوط الأمامية بالعراق، في محاكاة لدور الجنرالات الأميركيين بميادين القتال خلال العقد الماضي. أما القيادة الميدانية المباشرة فيضطلع بها بصورة متزايدة قائد «بدر» القوي الجديد هادي العميري الذي يدعي مسؤوليته عن صياغة خطط حربية نيابة عن قوات الأمن والميليشيات.
وخلال مسيرة جرى تنظيمها هذا الشهر للاحتفال بطرد «داعش» من ديالى، كان للعميري حضور بارز. وقال مخاطبا حشدا من المقاتلين المبتهجين: «مهمتنا تحرير العراق بالعراقيين، وليس الأجانب. يجب أن نحارب الطائفية ونحقق المصالحة ونبقي على وحدة العراق».
وكشفت جولة قمنا بها عبر القرى المحررة أخيرا، تجلي خطر تأجيج دور الميليشيات للطائفية، ففي إحدى القرى، وتدعى «العسكري»، تعرضت جميع المنازل للحرق، وهو أسلوب يزعم سياسيون سنّة أنه يرمي لتطهير مناطق بأكملها من السنة ومنعهم من العودة لمنازلهم. أما المرشدين التابعين لجماعة «بدر» فرفضوا اصطحاب المراسلين لقرية أخرى، هي باروانا، حيث عثر على 53 على الأقل وما قد يصل إلى 70 رجلا سنيّا مقتولين بإطلاق النار عليهم في أعمال قتل تشبه الإعدامات بعد هزيمة «داعش». وأفاد شهود وسياسيون سنة أن هؤلاء الرجال كانوا مدنيين لاذوا بباروانا بعد سيطرة المسلحين على قريتهم. واتهموا الميليشيات الشيعية بقتلهم. من جهتها، نفت منظمة «بدر» تورطها في هذا الأمر، لكن قادتها نفوا كذلك أن يكون هؤلاء الرجال مدنيين. عن هذا، قال النوري: «هؤلاء الأشخاص في باروانا ممن بقوا ينتمون لـ(داعش)، فماذا كان ينبغي أن نفعله معهم.. نلقي عليهم بالورود أم نقتلهم؟». وأضاف: «مقاتلو (داعش) سفاحون، وعندما نواجههم نتوقع تدمير المساجد وحرق المنازل لأننا لا نلعب مباراة كرة قدم معهم، ولسنا في نزهة».
من ناحية أخرى، أعرب كينيث بولاك، من معهد بروكينغز، عن اعتقاده بأن مثل هذه الأساليب لن تحقق المصالحة التي تمثل العمود الفقري للسياسات الأميركية تجاه العراق.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»
* شارك بالتقرير مصطفى سالم.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.