غياب السياسات يحرم لبنان من الوصول إلى «صناعات ثقافية» مثمرة

دراسة جديدة: بيروت المختبر الفعلي الذي ينتج الحياة الفنية في المنطقة

محررة الدراسة نادية فون مالتسان
محررة الدراسة نادية فون مالتسان
TT

غياب السياسات يحرم لبنان من الوصول إلى «صناعات ثقافية» مثمرة

محررة الدراسة نادية فون مالتسان
محررة الدراسة نادية فون مالتسان

دراسة جديدة تؤكد أن «الديناميكية الثقافية الاستثنائية التي تمتعت بها بلاد الأرز من الاستقلال إلى اليوم، هي فعل مبادرات خاصة بالدرجة الأولى، وأن لبنان افتقد باستمرار لأي رؤية رسمية جادة، تسمح بإنجاز بناء ثقافي تراكمي، يؤمن للمشاريع الطموحة استمراريتها، وهو ما يعيق استثمار الإمكانات الإبداعية الوافرة وتطويرها.
تحمل الدراسة عنوان «نظرة حول السياسات الثقافية في لبنان»، صدرت بالتعاون بين «المورد الثقافي» و«المعهد الألماني للدراسات الشرقية» في بيروت، في 150 صفحة، حررتها كل من الباحثَتين والناشطَتين الثقافيَتين حنان الحاج علي وناديا فون مالتسان، وتضم ثلاثة بحوث ومقدمة تعريفية، استغرق العمل عليها أربع سنوات، كي تبصر النور.
البحوث الثلاثة هي، «دراسة حول التشريعات الناظمة لقطاع الثقافة في لبنان» من إعداد نايلة جعجع، وأخرى حول «التمويل العام للثقافة في لبنان: فهم النظام المؤسستي وآلياته» من إعداد سيليا حساني، وثالثة حول «التراث وصناعة السياسات في لبنان» من إعداد كتارزينا بوزون. وتأتي المقدمة لتعطي فكرة عن تطور مفهوم السياسات الثقافية، ورصد المبادرات المختلفة في هذا المجال عبر السنوات. كذلك تتطرق إلى الوضع الثقافي العام في البلاد وضرورة صوغ سياسات ثقافية لجعل الإبداع مجالاً منتجاً مادياً ومعنوياً.
وتعتبر الدراسة أن لبنان من حيث الثقافة، «يتبوأ مكانة استراتيجية رفيعة في المنطقة بأسرها. وبيروت، هي المختبر الفعلي الذي ينتج الحياة الفنية والثقافية في الشرق الأوسط، والجسرَ الذي يعتبرُه عددٌ كبير من الفنانين والمُثقفين المكانَ الذي يتبناهم، وهي مركز تلاقٍ تتقاطعُ فيه الإنتاجات الفنية والتعددية الثقافية وحرية التعبير والدينامية والفن الطليعي، وعزَى الفضلُ في ذلك إلى عوامل عدة، من جُملتها موقعُ بيروت الجغرافي وإرثها التاريخي والتركيبة السياسية الخاصة في البلد».
محررة الدراسة، الباحثة في المعهد الألماني للدراسات الشرقية في بيروت، ناديا فون مالتسان تقول لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة الرئيسية التي واجهتنا هي الحصول على المعلومات والبيانات، فيما يتعلق بالتمويل. ففي وزرة الثقافة مثلاً كان من الصعب الحصول على أرقام، إما لأن لا صلاحيات لإعطائها أو لأن الأشخاص ليس لديهم المعلومات بالفعل». وتشرح بأن «القطاع الثقافي في لبنان نشيط للغاية، لكنه مرهون بالمبادرات الخاصة، وهو ما يجعل كل المشاريع مهددة بالتوقف، ومن الصعب تأمين استمراريتها». وتشير الدراسة في مواضع مختلفة إلى أن أحداً لم يرد الإفصاح عن حجم التمويلات التي يدفعها، وكأنها من الأسرار، تتساوى في ذلك الجهات الرسمية كما الخاصة. بعض الأرقام المنشورة، توضح أن ميزانية وزارة الثقافة، بالكاد تكفي احتياجات موظفي هذا القطاع وتقديم بعض الخدمات، وتمويل جزئي لعدد قليل من المشاريع. وهو ما لا يتناسب إطلاقاً مع حجم الأنشطة التي يعرفها لبنان. تقول فون مالتسان: «كان واضحاً لنا، أن الميزانية قليلة وأنها لن تتحسن، ومع انهيار سعر صرف الليرة صار الوضع أسوأ، لكنه في كل الأحوال لم يكن جيداً». تضيف: «مع ذلك، بمقدور الوزارة فعل الكثير. فدورها يتعدى التمويل، بمقدورها وضع بعض المباني أو المنشآت التي تملكها الدولة، في تصرف الفنانين. وهذا لا يكلف شيئاً. ومن المشكلات التي برزت خلال الدراسة، أن الجهات الرسمية تنظر للثقافة على أنها ذات دور ترفيهي لا تنموي، وهذا أيضاً يحتاج إلى عمل جدي لتغييره. كما بمقدور الوزارة أن تعمل على تكثيف التبادل الثقافي، وهذا يلزمه قرار وعمل، ويمكن أن يأتي بثمر كثير».
«خيبة أمل تنتاب الفنانينَ جراءَ الصعوبات التي واجهونها. فبدلاً من طلب الحصول على الدعم المالي، يتوجه العاملون الثقافيون إلى الوزارة التماساً لدعمها المعنوي» تقول الدراسة. «إذ كسبُ دعمُ وزارة الثقافة الرسمي، أي مُبادرة أو مشروعٍ أو فعالية ثقافية، بعضاً من الرعاية. وفي حالاتٍ أخرى، تُيَسرُ الوزارة بعضَ الإجراءات الإدارية، مثل تلك المتعلقة بطلبات الحصول على تأشيرات دخولٍ لفنانين أو غيرها من الإجراءات والأذونات ذات الطابع القانوني». وهو وصف دقيق، لما آلت إليه حال وزارة، لم يتعد دورها في الكثير من الأحيان، الشكليات الرسمية أو التسهيلات الصغيرة. بالنتيجة يرفض بعضُ المثقفين طلب الدعم الرسمي لمشاريعهم، لأنهم يعرفون سلفاً أن الأولوية في المساعدات هي للفعاليات ذات الطابع الراقي والتي يغلب عليها عنصر الترفيه.
تشي الأبحاث، بأن الحياة الثقافية في لبنان، تخضع لفوضوية عارمة، فوزارة الثقافة لم توجد قبل عام 1993، ووضعها التنظيمي، لا يزال يحتاج الكثير من العمل، وهو يتطور ببطء. لذلك فإن التمويلات الأجنبية وما تدفعه المؤسسات الخاصة، مع المبادرة الفردية، هي عصب الحيوية والديناميكية الثقافية. ففي مجال الأرشفة، على سبيل المثال، ثمة العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تلعب أدواراً توثيقية مهمة.
ففي سجلات وزارة الداخلية والبلديات، ما يزيد على مائة جمعية ومؤسسة، يعود عمل بعضها إلى ستينيات القرن الماضي كـ«جمعية حماية المواقع والمباني القديمة»، التي أوقفت نشاطها في سنوات الحرب الأهلية لتستعيده بعدها. وقد أُنشئت هذه الجمعيات كردة فعل على ما تشهده بيروت من تغيرات، ومن بينها «مرصد التراث والحملة الأهلية» و«جمعية انقذ تراث بيروت»، التي تسعى إلى حماية تراث العاصمة العمراني، وكذلك «الحملة الأهلية لحماية دالية الروشة» التي تعمل للحفاظ على الشواطئ البحرية.
الدراسة لا تحاول توثيق كم المبالغ الأجنبية المدفوعة على القطاع الثقافي في لبنان، وهي مهمة ومؤثرة. ويبقى التركيز على التمويل الداخلي، حيث ترى الباحثة الألمانية فون مالتسان أنه يجب أن يفعل، وأن واحدة من المشكلات، ليس فقط تقاعس وزارة الثقافة، وإنما عدم إيمان المثقفين أنفسهم بالدور الذي على القطاع العام أن يلعبه كشريك أساسي لهم، لا سيما البلديات، التي يفترض أن يكون لها حضورها.
الدراسة نُشرت إلكترونياً وباللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية. وهي من الدارسات القليلة التي تبحث في السياسات الثقافية. وتعلق فون مالتسان بأنها «خطوة أولى، لفهم المشكلات الحقيقية، ومحاولة إدراك العوائق من الجهتين: الجهة الرسمية والمثقفون». وما هو مبشر ربما، أن الدراسات حول السياسات الثقافية ستتوالى. فثمة اهتمام مستجد بالموضوع. قريباً تنهي سيليا حساني أطروحتها للدكتوراه في المجال، وهي إحدى الباحثات المشاركات في الدراسة، وتقوم مؤسسة سمير قصير بأبحاث من جانبها، وكذلك معهد باسل فليحان.
تقول مقدمة الدراسة «أن الاهتمام بموضوع السياسات الثقافية تنامى مع انطلاق شرارة ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) على غرار تنامي اهتمام المجتمع اللبناني بمراجعة مجمل الممارسات السياسية للنظام الحالي، وذلك من أجل رصد ما هو قائم وفهمه ونقده ودحضه ونقضه ومحاولة اقتراح البدائل على المستويات كافة». وجاءت كارثة انفجار 4 أغسطس (آب) 2020 لتجعل الإنقاذ يتقدم على كل شيء، بما في ذلك التنمية التي يفترض أن تكون الأساس. وتختصر الدراسة هدفها بالكلمات التالية «إن عملية إجراء البحوث وتجميع المعلومات وتحليل الأرقام ومقارنة الميزانيات في غياب الأرشفة والشفافية وتشتت قواعد البيانات - إن وجدت - وتضاربها وصعوبة الحصول عليها، تبقى عملية ضرورية يلتفت إليها وتحاول التصدي لها مجموعات من الناشطين والباحثين والتجمعات والمنظمات والمؤسسات الثقافية المحلية والدولية».
أما الأمل الفعلي في النهوض، فهو في تقوية حضور المهن الإبداعية على أنواعها، التي أصبحت إذا ما أحسن رسم سياسات ثقافية لتطويرها، قادرة ليس فقط على ترفيه المواطنين كما تظن وزارة الثقافة اللبنانية، بل تحقيق مداخيل وطنية. فالاستثمار في الإبداع بات أحد أهم منافذ النهضة في العصر الرقمي.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».