لا يعرف النائب في «تيار المستقبل» سامي فتفت من كثب الحرب اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل (نيسان) 1975، فهو الذي ولد عام 1989؛ أي في نهايتها وبالتحديد مع صياغة «اتفاق الطائف» الذي وضع حداً لها، لم يعش فصولها الدموية؛ إنما اطلع عليها من خلال قراءاته ومطالعاته. هو يعدّ أن «الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى التي خلفتها هذه الحرب، فاتورة ضخمة تكبدها لبنان واللبنانيين الذين كانوا بوقتها مقتنعين بالانتماء إلى محاور لعب الخارج دوراً أساسياً بتغذيتها».
ويرى فتفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل التي لعبت دوراً أساسياً في الحرب كانت ولا تزال لديها مصلحة بأن يبقى الوضع متوتراً في الداخل اللبناني، وبالتالي بزعزعته كلما سنحت لها الفرصة، تماماً كما أن هناك دولاً أخرى كانت ولا تزال تعدّ لبنان مجرد منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل»، مشيراً إلى عوامل عدة أدت للحرب؛ أبرزها غياب الثقة في وقتها بين الأطراف اللبنانيين، إضافة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي واستخدام المقاومة الفلسطينية الداخل اللبناني لخوض هذا الصراع. وأضاف: «على كل الأحوال، لكل مرحلة حيثياتها، ورغم الجدل الطويل الذي لا يزال قائماً حول من يتحمل مسؤولية ما حصل، فإنه يجب أن نكون قد تعلمنا درساً أساسياً لجهة ألا نضع أولويات سوانا على أولوياتنا كلبنانيين».
وإلى جانب غياب الثقة، يتحدث فتفت عن سبب رئيسي للحرب؛ ألا هو «الخلاف على هوية لبنان. خلاف للأسف لا يزال قائماً بين اللبنانيين، ولم نتمكن من تجاوزه»، مشدداً على أن «السبيل لحماية البلد اليوم وتجنب حرب جديدة، هو التزام النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، ومبدأ الحياد الذي ينادي به البطريرك الماروني بشارة الراعي». ويضيف: «بقدر ما نبتعد عن الانقسامات في المنطقة، بقدر ما نجنب أنفسنا صراعات دموية جديدة، ونحمي الداخل اللبناني. نحن لا ننكر أن بلدنا يشهد انقسامات طائفية، أضف أن الجغرافيا قد تجعل البعض ينادي بالفيدرالية معتبراً أنها الحل... لكن التقسيم لن يكون يوماً حلاً، فبقدر ما نتحد كلبنانيين؛ بقدر ما نجعل وطننا أقوى بمواجهة الفتن والمؤامرات الخارجية. وبقدر ما ندير آذاننا للخارج ونعمل على تنفيذ أجندات لا تخدم المصلحة الوطنية العليا، بقدر ما سنبقى نعاني مما عانى منه آباؤنا وأجدادنا خلال الحرب».
ويبدو فتفت متفائلاً بعدم تكرار تجربة الحرب الأهلية «المرة»، لافتاً إلى أن «وعي اللبنانيين كفيل وحده بالتصدي لبعض الخارج الذي لا شك يدفع باتجاه صراع دموي في لبنان ويعتبر بلدنا أرضاً خصبة لمشاريعه». ويضيف: «الصراعات الدموية تتراجع على مستوى العالم على حساب الصراعات والسباق الاقتصادي. نحن لم نعد نشهد على حلول عسكرية للأزمات بقدر ما كان يحصل في السنوات والقرون الماضية.
فمثلاً في لبنان بات اللبنانيون أقرب بعضهم إلى بعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وباتوا على تماس بعضهم مع عادات بعض، ما يجعل دخولهم في صراعات دموية أمراً مستبعداً، خصوصاً في ظل الوعي الشبابي والثقافة التي لم تكن متوافرة للجميع قبل عشرات السنوات».
ويختم فتفت مشدداً على أهمية إعطاء فرصة لـ«اتفاق الطائف» الذي وضع حداً للحرب الأهلية، باعتبار أنه ينص على إلغاء الطائفية السياسية من خلال استحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف، ويقول: «نحن لم نطبق (الطائف) وندفع الثمن اليوم...».
فتفت: لم نتجاوز الخلاف على هوية لبنان
ذكرى الحرب اللبنانية 1975 - 1990
فتفت: لم نتجاوز الخلاف على هوية لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة