الليبيون يستقبلون رمضان بدون اقتتال... ويتطلعون إلى توافر السيولة

الليبيون يستقبلون رمضان بدون اقتتال... ويتطلعون إلى توافر السيولة
TT

الليبيون يستقبلون رمضان بدون اقتتال... ويتطلعون إلى توافر السيولة

الليبيون يستقبلون رمضان بدون اقتتال... ويتطلعون إلى توافر السيولة

 رغم حالة الارتياح في ليبيا بأن أجواء رمضان العام الحالي لن تتخللها أصوات المدافع كما كانت خلال السنوات الماضية، في ظل ما حدث من تقارب يوشك أن ينهي مظاهر الانقسام السياسي، إلا أن كثيرين يرون ضرورة أن تنعكس هذه الأجواء على حياة المواطنين بحيث يتم توفير الخدمات والسيولة وعدم انقطاع التيار الكهربائي.
وبادر مبكراً رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورصد 100 مليون دينار، توزع وفق مبادرة أطلق عليها «هدية رمضان» على 200 ألف أسرة ليبية من الفقراء والنازحين، وكذلك الأرامل والمطلقات، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي سعدت به هذه الشرائح المجتمعية.
عضو مجلس النواب  الليبي، حسن الزرقاء، ورغم تفهمه وتقديره للمدة الزمنية القصيرة لعمل الحكومة منذ نيلها الثقة في العاشر من مارس (آذار) الماضي، وإلى الآن، فقد دعا الحكومة «للإنصات جيداً لصوت الشارع وتلبية احتياجاته الراهنة».   وقال الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه عليها (الحكومة) أن لا تكتفي بتزويد السوق ببعض السلع الرمضانية أو تخفض أسعار بعضها، وإنما عليها حل المشاكل الرئيسية التي يعاني منها الجميع في ليبيا كعدم توفر السيولة النقدية بالمصارف، وهي المعاناة التي قد تزيد مع حلول شهر رمضان نظراً لما اعتاد عليه المواطنون خلاله من تبادل الزيارات وتحضير العزائم، وشراء بعض المستلزمات المنزلية والملابس الجديدة  قبل قدوم عيد الفطر.  وتابع محذراً: «الليبيون رغم تفاؤلهم بابتعاد شبح الحرب وحالة الزخم والترحيب بتشكيل حكومة (الوحدة الوطنية) بعد سنوات طويلة من الانقسام،  لم يستشعروا حدوث أي تغيير إيجابي في نمط معيشتهم، وإذا استمر الحال على هذا الوضع خلال الشهر الكريم سيصابون بخيبة أمل كبيرة في تلك الحكومة».  
في السياق ذاته، قالت عضو مجلس النواب ربيعة  أبو رأس، لـ«الشرق الأوسط» إن «شعور المواطنين بانتهاء الحرب ليس كافياً لحل مشاكل المجتمع»، متابعة: «قطاع كبير من الليبيين يتطلع لإقرار الميزانية قبل حلول استقبال رمضان حتى تتمكن حكومتهم من صرف الرواتب والنفقات الحكومية والتنمية والدعم».
وكان الناطق باسم حكومة «الوحدة الوطنية» محمد حمودة، أعرب عن أمله في أن «يعجل البرلمان باعتماد الميزانية كي تتمكن الحكومة من مباشرة مهامها وتنفيذ مشاريعها». وحثت ربيعة المسؤولين على استغلال قدوم شهر رمضان والعمل على نشر الخطاب الديني المعتدل عبر الخطباء وأئمة المساجد ومختلف المنابر الدينية من قنوات مسموعة ومرئية «مما قد يساهم في نشر فكر التسامح ونبذ العنف والإرهاب وخطاب الكراهية»، مشددة على ضرورة م العمل أيضا على «تفعيل دور الحرس البلدي في مراقبة الأسواق وضبط أسعار السلع الرئيسية من خضراوات ولحوم وإقامة أسواق لتلك السلع بأسعار مخفضة لذوي الدخل المحدود والنازحين».
بدورها ركزت الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية فيروز النعاس، على المهمة الرئيسية للحكومة وهي التمهيد لإجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، معتبرة أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستعزز الثقة بتلك بها.
إلا أن النعاس عادت وأكدت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «الاهتمام بالشق السياسي من انتخابات أو دعوات لتحقيق مصالحة الوطنية أو غيرهما يجب أن تتواكب مع المأمول من تلك الحكومة ببدء معالجة جذرية للمختنقات الحياتية اليومية، سواء فيما يتعلق بانقطاع الكهرباء أو طوابير الوقود، وشح السيولة، وتحسين الوضع الصحي بشكل عام، ولو بزيادة مراكز العزل وتزويدها بكل الإمكانيات والمستلزمات الطبية.
وركز الناشط المدني بشير الشيخ، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» على أزمة انقطاع الكهرباء التي تشهدها ليبيا منذ سنوات، في ظل فشل الحكومات المتعاقبة بحلها، وقال الشيخ، الذي ينتمي إلى بلدية غات «أهالي الجنوب يعانون كباقي الليبيين من انقطاع الكهرباء وغياب التنمية والخدمات بالإضافة إلى هشاشة الوضع الأمني فيما يتعلق بالحدود، وما يرتبط بذلك من جرائم وزعزعة للاستقرار»، مشيراً إلى أن «المواطنين هناك يتمنون أن يشعروا بأي بادرة أمل في وجود علاج لتلك الأزمات التي طالما أفسدت عليهم حياتهم خلال السنوات الماضية».  
ويشتكي سكان الجنوب الليبي من التهميش وانعدام الخدمات الحكومية، وارتفاع أسعار المحروقات، كما أن عموم الليبيين يعانون أيضاً من أزمة انقطاع التيار الكهربائي وخصوصاً في فصل الصيف لمدد تصل 15 ساعة في اليوم.
وعبر الناشط الجنوبي عن تأييده لاستعجال الحكومة لمطلب إقرار الميزانية، موضحا «الكل متفائل ويطالبها بالكثير من الخطوات لحل المشاكل المتراكمة بداية من توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة خلال شهر رمضان، وما يتبع ذلك من توفير للسيولة إلى إعادة الاستقرار، لكن كل ذلك يتعطل بسبب عدم إقرار الميزانية». 
وسلم ديوان المحاسبة بمدينة البيضاء بشرق ليبيا ملاحظاته رسمياً إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، على مشروع قانون الميزانية العامة للدولة الذي تقدمت به الحكومة مما يراه البعض «تعطيلاً لخطة السلطة التنفيذية الجديدة» في حل أزمات البلاد المتراكمة منذ إسقاط النظام السابق.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.