أكشاك ميدان عابدين تثير جدلاً في مصر

متابعون يعتبرونها «منظراً مشوهاً» للقصر التاريخي

أحد الأكشاك لبيع المأكولات داخل الحديقة المواجهة لقصر عابدين التاريخي (الشرق الأوسط)
أحد الأكشاك لبيع المأكولات داخل الحديقة المواجهة لقصر عابدين التاريخي (الشرق الأوسط)
TT

أكشاك ميدان عابدين تثير جدلاً في مصر

أحد الأكشاك لبيع المأكولات داخل الحديقة المواجهة لقصر عابدين التاريخي (الشرق الأوسط)
أحد الأكشاك لبيع المأكولات داخل الحديقة المواجهة لقصر عابدين التاريخي (الشرق الأوسط)

على مدار الأيام القليلة الماضية شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل والرفض بعد انتشار صور لتطوير الحديقة التي تتوسط ميدان عابدين بوسط القاهرة، أظهرت إحاطة الحديقة بسور حديدي وبوابات إسمنتية، ووضع أكشاك لبيع الأسماك والمأكولات داخل الحديقة المواجهة لقصر عابدين التاريخي، مما حجب رؤية القصر، و«شوه» الفراغ العام المحيط به، وفقاً لخبراء التخطيط العمراني.
وقالت الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأكشاك كابوس يشوه الفراغ العام»، موضحة أنه «لتعظيم أي مبنى له سيادة، لا بد من ترك مسافة فارغة، لتعظيم المشهد البصري للمبنى وسط المكان»، مشيرة إلى أن «حديقة ميدان عابدين مسجلة كتراث طبقاً لقانون 119 لعام 2008، وأي تطوير فيها متى لو كان بزرع شجرة أو إزالتها لا بد أن يخضع لاشتراطات جهاز التنسيق الحضاري»، وأضافت: «للأسف لم يعرض علينا أي شيء بشأن عملية التطوير الأخيرة لحديقة ميدان عابدين، وتمت مخاطبة محافظة القاهرة المسؤولة عن المشروع، ولا أعرف ما ردها».
وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع محافظة القاهرة للحصول على تعليق بشأن الموضوع، لكن لم تحصل على رد.
وقصر عابدين كان مقراً رئيسياً للحكم الملكي في مصر منذ افتتاحه عام 1872، في عهد الخديو إسماعيل وظل كذلك حتى ثورة 1952، حيث اتخذه الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقراً للحكم الرئاسي، وفقاً لموقع رئاسة الجمهورية المصرية، الذي يوضح أن «القصر بني على أطلال منزل قديم كان يملكه عابدين بك، أحد أمراء الأتراك، الذي كان يشغل وظيفة أمير اللواء السلطاني، وتم ردم عدة برك وشراء مبانٍ ملاصقة لفيلا عاب ين بك، حتى وصلت مساحة أرض القصر إلى 25 فداناً، وكان قصر وميدان عابدين يمثلان مركز المدينة الجديدة التي أنشأها الخديو إسماعيل.
وقالت حواس إن «قصر عابدين كان مقراً للحكم في عهد 6 حكام، منذ عهد الخديو إسماعيل، مرورا بالخديو توفيق، وعباس حلمي الثاني، والملك فؤاد والملك فاروق، وحتى عصر السادات، والقصر والميدان يحميان تاريخ مصر الحديثة منذ تولي إسماعيل للحكم في عام 1863، حيث تم إخلاء حوالي 24 فداناً بني القصر على 9 منها والباقي كان للحدائق والميدان أمام القصر»، متسائلة: «كيف يتم تحويل الميدان الذي يعتبر قيمة تاريخية ورمزية لأنه شهد أحداثاً تاريخية مثل ثورة عرابي، وثورة 1952، إلى ساحة توضع فيها أكشاك لبيع المأكولات؟»، مشيرة إلى أن «المشكلة ليست فقط في إنشاء أكشاك تشوه الحديقة والميدان وتعد إهانة للقصر، بل أيضاً بطبيعة استخدام هذه الأكشاك في بيع الأسماك والمأكولات».
بدورها، انتقدت الدكتورة مونيكا حنا، القائم بأعمال عميد كلية الآثار بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وجود هذه الأكشاك في ميدان عابدين، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «وجودها مزعج، ويشوه جمال القصر الذي ما زال يعتبر على الورق المقر الرسمي لرأس الدولة في مصر، ويحول الفراغ العام إلى فراغ خاص»، مضيفة أن «هذا القصر يمثل رأس الدولة في مصر، فكيف نضع أمامه كشك سمك، هل رأينا أكشاكاً مماثلة أمام قصر باكينغهام في بريطانيا أو الإليزيه في فرنسا»، مؤكدة «ضرورة وجود فراغ عام محيط بالأماكن من هذا النوع للحفاظ على قيمتها»، وطالبت بـ«الاستعانة بالخبراء والمتخصصين عند التطوير، وهم بالتأكيد سيجدون أماكن بديلة لتقديم خدمات للناس، لا تشوه الفراغ العام».
وسجل موقع رئاسة الجمهورية عددا من الأحداث التاريخية التي شهدها قصر وميدان عابدين ومن بينها، مظاهرة 9 سبتمبر (أيلول) عام 1881 عندما وقف الزعيم أحمد عرابي، أمام القصر لعرض مطالب الجيش والأمة المصرية في عهد الخديو محمد توفيق، ومراسم زفاف ولي عهد إيران والأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق عام 1939، وحادث تطويق المدرعات البريطانية للقصر في 4 فبراير (شباط) عام 1942 في محاولة لفرض إرادة بريطانيا على الملك فاروق لإسناد الوزارة إلى مصطفى النحاس، كما حاصرت قوات الجيش من الضباط الأحرار القصر مع الساعات الأولى من قيام ثورة يوليو (تموز) 1952.
ولم ينته تاريخ القصر بالثورة، حيث شهد استقبالات رسمية في فترات لاحقة، لعل أشهرها استقبال الرئيس الأسبق حسني مبارك للرئيس الروسي عام 2005، ومشهد موكب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ميدان عابدين قبيل حضوره مأدبة عشاء في القصر التاريخي عام 2016، وقبله في العام نفسه كانت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لقصر عابدين وحضوره حفلا فنيا داخل قصر عابدين التاريخي.
وأشارت حواس إلى أن «ميدان عابدين خضع لمشروع تطوير متكامل عام 2015 في عهد الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة السابق، وتحت إشراف جهاز التنسيق الحضاري، وتم ترميم واجهات المباني المطلة على الميدان، وأصبح الميدان مكاناً يقصده المواطنون للاستمتاع بالفراغ العمراني، واليوم بدلاً من صيانة التطوير والحفاظ عليه، يتم وضع أكشاك وإهدار الملايين التي أنفقت على تجميل ميدان عابدين»، منتقدة «وضع سور حول الحديقة وإنشاء بوابات على طراز «نيو مودرن» الذي انتهى من العالم»، موضحة: «لا يصح تقليد العمارة القديمة لأن الناتج يكون ضعيفاً»، مشددة على أنه «لا يجوز القيام بأي عمل في منطقة تراثية دون الالتزام باشتراطات هذه المناطق».
وانتقلت أزمة أكشاك عابدين إلى مقر مجلس النواب المصري، حيث أعلنت النائبة شيماء حلاوة، عضو لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب المصري، في تصريحات تلفزيونية، أنها تدرس الموضوع حالياً مع أعضاء البرلمان والأجهزة المعنية، لأن «وجود الأكشاك يقلل من قيمة القصر التاريخية والمادية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.