كيف أثر انفجار بيروت على طبقة «الأيونوسفير»؟

تداعياته طالت الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي

انفجار بيروت أثر على أقمار تحديد المواقع (دورية «ساينتفيك ريبورتيز»)
انفجار بيروت أثر على أقمار تحديد المواقع (دورية «ساينتفيك ريبورتيز»)
TT

كيف أثر انفجار بيروت على طبقة «الأيونوسفير»؟

انفجار بيروت أثر على أقمار تحديد المواقع (دورية «ساينتفيك ريبورتيز»)
انفجار بيروت أثر على أقمار تحديد المواقع (دورية «ساينتفيك ريبورتيز»)

في الرابع من أغسطس (آب) العام الماضي، انفجر أكثر من 2750 طناً من نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير آمن في مدينة بيروت اللبنانية، ما أسفر عن مقتل حوالي 200 شخص، تركت في أعقابها حفرة بقطر 140 متراً تشبه فوهة البركان. الآن وبعد مرور نحو 9 أشهر، وجدت حسابات علماء جامعة هوكايدو في اليابان، نشروا نتائجها في مجلة «ساينتفيك ريبوتيز»، أن الموجة الجوية الناتجة عن الانفجار أدت إلى اضطرابات طبقات الإلكترونات في أعلى الغلاف الجوي للأرض.
وقام فريق العلماء، الذي ضم باحثين من المعهد الوطني للتكنولوجيا «بروكيلا» في الهند، بحساب التغيرات في إجمالي محتوى الإلكترونات في الغلاف المتأين للأرض، وهو الجزء من الغلاف الجوي الذي يقع على ارتفاع يتراوح بين 50 و965 كيلومتراً. ويمكن للأحداث الطبيعية مثل الأشعة فوق البنفسجية الشديدة والعواصف المغناطيسية الأرضية، والأنشطة التي من صنع الإنسان مثل الاختبارات النووية، أن تسبب اضطرابات في محتوى الإلكترونات في هذا الغلاف.
يقول كوسوكي هيكي، عالم الأرض والكواكب بجامعة هوكايدو في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 17 مارس (آذار) الماضي، «الانفجار أدى إلى نشوء موجة انتقلت في طبقة الأيونوسفير باتجاه الجنوب بسرعة حوالي 0.8 كيلومتر في الثانية، وهذا مشابه لسرعة الموجات الصوتية التي تنتقل عبر الأيونوسفير».
وقام الفريق بحساب التغييرات في محتوى الإلكترونات في الغلاف الجوي المتأين من خلال النظر في الاختلافات في التأخيرات التي تتعرض لها إشارات الميكروويف، التي ترسلها الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى محطاتهم الأرضية، إذ تؤثر التغييرات في محتوى الإلكترونات على هذه الإشارات أثناء مرورها عبر طبقة الأيونوسفير ويجب أخذها في الاعتبار بانتظام لقياس مواقع GPS بدقة.
وقارن العلماء أيضاً حجم الموجة الأيونوسفيرية الناتجة عن انفجار بيروت بموجات مماثلة بعد وقوع الأحداث الطبيعية والبشرية، ووجدوا أن الموجة الناتجة عن انفجار بيروت كانت أكبر قليلاً من الموجة الناتجة عن ثوران بركان أساما في وسط اليابان عام 2004، ومقارنة بتلك التي أعقبت الانفجارات الأخيرة في الجزر اليابانية.
كانت طاقة الموجة الأيونوسفيرية الناتجة عن انفجار بيروت أكبر بكثير من انفجار أكثر نشاطاً من انفجار في منجم فحم وايومنغ في الولايات المتحدة في عام 1996. وكان انفجار بيروت يعادل انفجاراً قدره 1.1 كيلو طن من مادة تي إن تي، في حين كان انفجار «وايومنغ» مكافئاً إلى 1.5 كيلو طن من مادة تي إن تي.
وكان إجمالي اضطراب المحتوى الإلكتروني لانفجار وايومنغ 1/10 فقط من ذلك الناتج عن انفجار بيروت، يعتقد العلماء أن هذا يرجع جزئياً إلى وجود منجم وايومنغ في حفرة محمية إلى حد ما.
من جانبه، يقول الدكتور محمود شاكر، أستاذ العلوم البيئية بجامعة المنيا (جنوب مصر) لـ«الشرق الأوسط»، إن التأثيرات التي أحدثها انفجار بيروت، وفق نتائج الدراسة، مشابهة للجسيمات التي تنطلق من الانفجارات الشمسية، التي تهاجم طبقة الأيونوسفير في الغلاف الجوي.
وتتعرض طبقة الأيونوسفير بانتظام للجسيمات التي تنطلق من الانفجارات الشمسية، وعندما تزيد هذه الانفجارات تترك تأثيراً سلبياً على انتقال الموجات اللاسلكية على سطح الأرض، وهذا ما يفسر التأثيرات السلبية التي رصدتها الدراسة على إشارات الميكروويف التي ترسلها الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS).



مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري
TT

مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري

حتى مع انخفاض أسعار رحلات الفضاء بشكل كبير في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين المقبلة، فإن التكاليف البيئية والمالية المترتبة على استخدام الصواريخ المعبأة بوقود كيميائي للإفلات من جاذبية الأرض، كانت سبباً في إعاقة التوسع البشري إلى القمر وما بعده. كما كان هناك أيضاً غضب واسع النطاق من أن استكشاف الفضاء أصبح حكراً على الأغنياء، ما أدى إلى الرغبة في إضفاء «الطابع الديمقراطي» على الوصول إلى الفضاء.

مصاعد فضائية

كان الحلم، منذ قرون، أن نبني مصعداً فضائياً لنقلنا من الأرض إلى الفضاء من دون استخدام الصواريخ. ولكن كيف يمكن بناؤه، وأين؟ كانت التحديات الهندسية، جنباً إلى جنب مع العقبات السياسية، بالغة الضخامة. وكانت الإجابة تتلخص في قلب الفكرة وبناء خط واصل من سطح القمر إلى مدار الأرض... كل ما عليك فعله هو أن تنتقل من الأرض إلى نهاية الخط الواصل ثم القفز إلى ترام يعمل بالطاقة الشمسية والتحرك على طول المسار إلى القمر.

لكن تظل هناك حاجة إلى الصواريخ للوصول إلى النهاية المتدلية للخط الواصل، ولكن بما أن تلك الصواريخ لن تضطر إلى الإفلات تماماً من جاذبية الأرض، فانها ستحتاج إلى وقود أقل بكثير.

وكتب روان هوب في مجلة «نيو ساينتست» العلمية، وعلى عكس التصميمات التقليدية للمصاعد الفضائية، أن الخط الذي تسير عليه لم يكن بحاجة إلى ثقل موازن عملاق، يكون الضغط على الكابل أقل بكثير، وتكون المواد اللازمة لجعل هذا الأمر حقيقة متاحة، وأصبحت الفكرة قابلة للتطبيق بحلول عام 2040.

بمجرد بنائه، يصبح من الممكن نقل البشر والبضائع من الأرض بواسطة الصواريخ إلى الخط الواصل ثم إلى القمر، مع خفض إجمالي كمية الوقود اللازمة لنقل شيء ما من عالمنا إلى القمر الطبيعي بمقدار الثلثين. وأدى انخفاض الأسعار الناجم عن ذلك إلى تغيير جذري فيما يمكن القيام به في الفضاء ومن يمكنه أن يذهب من البشر.

خط قمري

يتم تصميم قاعدة أول خط قمري واصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، على الجانب القريب من القمر، حيث يجري إنشاء العديد من القواعد القمرية في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين للاستفادة من الضوء شبه الثابت في القطب الجنوبي والاحتياطيات الكبيرة من المياه المتجمدة في فوهة «شاكلتون».

على عكس قواعد القمر، التي ترتبط بالشركات الخاصة والدول على الأرض، يعد المصعد مورداً مشتركاً. وقد تم بناؤه بموجب قوانين وضعتها المنظمات غير الحكومية مثل مؤسسة «من أجل كل أنواع القمر» For All Moonkind ومؤسسة «القمر المفتوح» Open Lunar Foundation، والمنظمات المناظرة في المناطق المساهمة الرئيسية (الهند، واليابان، والصين، والاتحاد الأوروبي).

إن الخط الواصل يتصل بالقمر عبر نقطة «لاغرانج» القمرية «إل 1». هذه هي المناطق في الفضاء حيث تتوازن الجاذبية للقمر والأرض، ولا تكون هناك حاجة إلى الوقود للحفاظ على موضع الجسم.

في الواقع، فإن هذه النقطة هي عبارة مواقف سيارات في الفضاء، ومن ثمّ فهي مواقع مفيدة للغاية للمستودعات والموانئي الفضائية. الخط الواصل - أو السلم القمري Lunar Ladder، أو الممشى القمري MoonWalk، أو «عصا الجبن» Cheese Stick، كما كان يُطلق عليه بشكل مختلف - تم بناؤه في وقت واحد من مستودع فضائي في «إل 1» والقاعدة على سطح القمر. وتم اختيار البوليمر الاصطناعي فائق القوة «إم 5» كمادة، لتسليم آلاف الأطنان منه إلى «إل 1» للبناء.

كل ما عليك فعله هو الانتقال من الأرض إلى نهاية الخط الواصل والقفز إلى الترام الشمسي والتحرك على طوله إلى القمر.

تطورات المصعد القمري التاريخية

أثار هذا المشروع عدة تطورات مفيدة. كانت الصواريخ الكيميائية، التي توفر قوة دفع كافية للخروج من سطح كوكب، لا تزال قيد الاستخدام للوصول إلى مدار الأرض المنخفض، ولكن بعد ذلك، انضمت المحركات الأيونية إلى المصعد، ثم استُخدمت بعد ذلك للتحرك في جميع أرجاء النظام الشمسي. تولد هذه المحركات قوة دفع عن طريق تسريع الذرات المشحونة كهربائياً عبر حقل كهربائي، وكانت تعمل بالطاقة الشمسية، ولقد سمح هذا باستكشاف الكون الواسع على نحو أقل تكلفة وأكثر عمقاً.

يرجع أول اقتراح للمصاعد الفضائية إلى عام 1895، في تجربة فكرية ابتكرها رائد الفضاء الروسي «كونستانتين تسيولكوفسكي». كتب تسيولكوفسكي في عام 1911 يقول: «الأرض مهد الإنسانية، ولكن البشرية لا يمكن أن تبقى في المهد إلى الأبد». وقد أجري أول اختبار لهذه التكنولوجيا عام 2018، مع ظهور مشروع «STARS - Me»: القمر الاصطناعي الآلي المستقل المربوط بالفضاء - المصعد المصغر».

حدث هذا بجوار محطة الفضاء الدولية، باستخدام تصميم من قبل الباحثين في جامعة شيزوكا في اليابان. ويتكون من قمرين اصطناعيين صغيرين متصلين بكابل طوله 11 متراً مع زاحف يتنقل بينهما.

في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، عندما تبدأ بعثات «أرتميس» إلى القمر، سيتم بناء محطة «البوابة الفضائية» في المدار القمري، وأصبح هذا حجر انطلاق لمستودع «إل 1».

إن الخط الواصل يلعب دوراً محورياً في إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء، إذ يصبح الذهاب إلى القمر للعمل أو قضاء وقت الفراغ شيئاً يمكن لأي شخص تقريباً فعله إذا أراد. ويتبع ذلك تحقيق اختراقات علمية من إنشاء قاعدة أبحاث في «إل 1»، ويتم نقل العمليات المدمرة - مثل التعدين - خارج كوكب الأرض. فقد تم نقل جزء كبير من البنية الأساسية الصناعية الملوثة للأرض - لا سيما منشآت الخوادم التي تدعم الطلب على الكومبيوترات - إلى القمر، حيث يمكن استخدامها بكفاءة أكبر بواسطة الطاقة الشمسية.