الجزائر: تحذيرات من تدهور حالة نشطاء مضربين عن الطعام في السجن

زعيم «جيل جديد» يدعو أعضاء الحراك للمشاركة في الانتخابات

جانب من مسيرة الحراك في الجزائر العاصمة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
جانب من مسيرة الحراك في الجزائر العاصمة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

الجزائر: تحذيرات من تدهور حالة نشطاء مضربين عن الطعام في السجن

جانب من مسيرة الحراك في الجزائر العاصمة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
جانب من مسيرة الحراك في الجزائر العاصمة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)

حذر حقوقيون ومحامون في الجزائر، من تدهور حالة 5 نشطاء مساجين بسبب إضرابهم عن الطعام احتجاجا على تهم اعتبروها «ملفقة» و«ذات خلفية سياسية» على صلة بمواقفهم من السلطة. في غضون ذلك، هاجم رئيس حزب عرف بمعارضته الشديدة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أحزاب المعارضة بسبب إعلانها مقاطعة الانتخابات التشريعية المرتقبة واتهمها بـ«السعي لإسقاط الدولة».
وأكد محامون يرافعون عن معتقلي الحراك أمس، لصحافيين، أن النشطاء الخمسة محمد تاجديت الشهير بأشعاره الهجائية ضد النظام، ومليك رياحي وصهيب دباغي وشقيقه طارق، ونور الدين خيمود، بدأوا ما سموه «معركة الأمعاء الخاوية»، منذ السبت، للتعبير عن رفضهم قرار قاضي التحقيق إيداعهم الحبس الاحتياطي (الخميس الماضي)، في إطار ما عرف بـ«استغلال شخص قاصر لزعزعة استقرار البلاد».
وأكدت عليلي يمينة، محامية بفريق الدفاع عن النشطاء الخمسة، أن الحكومة «تتحمل مسؤولية ما قد يقع للموقوفين الخمسة الذين اختاروا الاحتجاج بطريقتهم الخاصة، للفت الأنظار إلى الظلم الذي لحق بهم»، في إشارة إلى اتهامات وجهتها لهم النيابة، تتمثل في «تأسيس جمعية أشرار» و«نشر أخبار من شأنها المس بالنظام العام»، و«استغلال طفل قاصر لأغراض غير أخلاقية» و«حيازة مخدرات واستهلاكها».
واعتقل الخمسة، وهم دون الثلاثين، في شقة بالعاصمة، وقالت الشرطة إنها ضبطت لديهم مخدرات وصور فيديو «تمس بالآداب العامة». كما اتهمتهم بـ«تلقي أوامر من الخارج»، في قضية قاصر اتهم الشرطة، الأسبوع الماضي، بـ«انتهاكات» في حقه، خلال احتجازه بمقرها بالعاصمة بعد اعتقاله في مظاهرة. ويعد الخمسة من أنشط المتظاهرين منذ بداية الحراك.
وطالب المحامي والحقوقي عبد الغني بادي، من وزارة الداخلية وضع كاميرات في مكاتب التحقيق مع المشتبه بهم، للتثبت من وقائع الاستجوابات في حال رفع شكاوى تخص التعذيب والانتهاكات. وكان ناشطان بارزان في الحراك صرحا، الشهر الماضي، أثناء محاكمتهما، التعرض لاعتداءات في مراكز الأمن الداخلي أثناء التحقيق الابتدائي. وذكر بادي أن الكاميرات «هي وحدها من يردع ممارسات التعذيب وتفضح زيف الاتهامات إن كانت غير مؤسسة».
وهاجمت المحامية عليلي، النائب العام الذي كشف عن التهم ضد النشطاء الخمسة في مؤتمر صحافي الجمعة الماضية، وقالت إنه «خرق سرية التحقيق، وارتكب تجاوزا ضد قرينة البراءة طالما أن الموقوفين لم يحاكموا بعد». كما قالت إنه «عرض حياة القاصر للخطر لخوضه في قضايا شخصية».
إلى ذلك، دعا جيلالي سفيان رئيس حزب «جيل جديد» (ليبرالي) في مؤتمر صحافي أمس بالعاصمة، أعضاء الحراك إلى «المشاركة بقوة في معترك الانتخابات التشريعية (المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل)، بهدف الانتشار في المؤسسات». وقال بهذا الخصوص: «عليكم بنقل روح الحراك إلى المؤسسات لقطع الطريق على الضالعين في الفساد، وعلى أحزاب بوتفليقة»، في إشارة إلى أحزاب كانت موالية للرئيس السابق، يوجد أغلب قادتها في السجن بتهم فساد، أعلنت تقديم لوائح مرشحين للانتخابات.
وانتقد جيلالي سفيان، 3 أحزاب كبيرة في المعارضة بسبب مقاطعتها الاستحقاق، مبرزا أن «موقفها عدمي... فهم يرفعون شعار: الشعب يريد والشعب يطالب وأنه ينبغي تحقيق ما يريد، بينما لا ينفع اتخاذ هذا الكلام ذريعة للتغيب عن الانتخابات».
وسيشهد الموعد الانتخابي غياب «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض) و«حزب العمال» (يساري) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، وهي أحزاب منتشرة في منطقة القبائل التي قاطعت بشكل كامل استفتاء التعديل الدستوري الخريف الماضي، وانتخابات الرئاسة نهاية 2019.
ووصف جيلالي هذه المنطقة بأنها «ذات حس ديمقراطي»، ودعا «نخبتها وسياسييها إلى احترام من يريد التصويت والترشح. ومن يرفض ذلك، ما عليه إلا أن يعبر عن موقفه من دون عنف». وكان مرشح «الرئاسيات» سابقا بلعيد عبد العزيز، دعا أول من أمس في تجمع دعائي بشرق البلاد، إلى «تفادي توظيف العنف ضد الناخبين في منطقة القبائل»، التي يتعامل سكانها مع الاستحقاقات على أنها «أجندة تخدم السلطة تحاول فرضها عليهم بالقوة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».