عندما تتحول الروائية إلى شهرزاد عاجزة عن إنهاء قصصها

«الجنة أجمل من بعيد» لكاتيا الطويل

عندما تتحول الروائية إلى شهرزاد عاجزة عن إنهاء قصصها
TT

عندما تتحول الروائية إلى شهرزاد عاجزة عن إنهاء قصصها

عندما تتحول الروائية إلى شهرزاد عاجزة عن إنهاء قصصها

صدرت حديثاً الرواية الثانية للكاتبة اللبنانية الشابة كاتيا الطويل، بعنوان «الجنة أجمل من بعيد» (نوفل، 2021). وبينما يقوم السرد على ثلاثة أطراف عموماً، الكاتب والشخصية والقارئ، وبينما لكل من هذه العناصر الثلاثة دوره، تقدم كاتيا الطويل حبكة روائية مختلفة غير متوقعة، فالكاتبة تتوقف عن الكتابة والشخصية تمسك بزمام الأمور وتروح تخبر قصتها بنفسها، بينما القارئ محتار يشعر بنفسه مسجوناً في رواية جعلته يتحول إلى شخصية من شخصياتها بلا إذن وبلا أن يتمكن من الاعتراض: «لقد بتنا رواية واحدة الآن. أنتم وأنا الآن معاقبون معاً في هذه الرواية التي لم أجد لها بداية بعد. كاتبة وشخصية وقارئ. ثالوث مقدس لم يتمكن من أن يصبح رواية». (ص: 15).
يتحول القارئ إلى ضمير المخاطب «أنتم» الذي يتوجه السرد إليه ويُدخله في اللعبة السردية القائمة على الترجيع (mise en abime)، أي أن الطويل تعتمد تقنية إخبار القصة وفي الوقت نفسه تختار كيف يتم إخبار القصة. وتعتمد الكاتبة تقنية الكتابة البيضاء (écriture blanche) وهي نوعاً ما غريبة على الرواية العربية، وقد برع بها أكثر من برع الفرنسي ألبير كامو، فالجمل قصيرة والوصف غير الضروري محذوف والأسلوب صادم غير متوقع من حيث المعاني.
حتى إن الفواصل غير موجودة في الرواية ومستبدلة بنقط وقف فقط، كقول الكاتبة: «البداية. هنا؟ نعم. هنا تبدأ الرواية. في هذا السطر؟ في هذا السطر أو في الذي يليه حتماً». (ص: 11).
وفي حبكة سردية غير متوقعة تقلب الطويل الأدوار في روايتها وتحول الكاتبة إلى شخصية والشخصية إلى كاتبة، فيما يُسمى بالسرد المضاد (dysnarration) أي أن السرد يفضح تقنية الكتابة ويعري أوهام القارئ ويذكره بأن ما يقرأه إنما هو رواية لها كاتبة وشخصية، وهما اللتان تختاران ما سيحصل، فتقول الشخصية متوجهة إلى القراء مباشرة: «لم أطلعكم على اسم المدينة التي أنا فيها ولا على اسم محطة القطار ولا حتى على اسم المدينة التي أتوجه إليها. لاحظتم ذلك طبعاً فأنتم قراء فضوليون كما بت أعلم. تتكلون علي لأمنحكم التفاصيل. لكنني لن أفعل». (ص: 167).
ويقترب الفضاء الروائي لهذه الرواية من فضاء رواية الإيطالي إيتالو كالفينو في عمله «لو أن مسافراً في ليلة شتاء»، فالرواية إنما هي مجموعة بدايات لروايات لا تنتهي ولا يعرف القارئ ماذا يحصل فيها بعد عدد من الصفحات. وعلى عكس شهرزاد الراوية الأبدية التي تلصق الروايات والقصص بعضها ببعض، تتحول كاتيا الطويل إلى شهرزاد مضادة لا تُنهي روايتها ولا تُشبع نهم القارئ قبل أن تسكت عن الكلام المباح كل صباح. حتى أن الرواية نفسها تنتهي بعبارة «لم تتم» بدلاً من عبارة «تمت» التي تنتهي بها الروايات عموماً.
وما يتنبه إليه القارئ بشيء من الوضوح هو أن الخطاب الروائي في رواية كاتيا الطويل قائم على مستويات متعددة، فهناك أولاً مستوى الصراع بين الكاتبة والشخصية لكتابة الرواية، ثم هناك على مستوى ثانٍ الحضور الطاغي لروائع من الأدب العالمي، بالإضافة إلى العودات الغزيرة إلى الميثولوجيا الإغريقية عند الحديث عن العقاب والصراع الأبدي بين الآلهة والمخلوقات الفانية المتمردة. أما اللعبة السردية الأكثر عمقاً لهذه الرواية فهي تشبيه علاقة الكاتب وشخصيته. ويتحول القارئ في أعمق معاني هذه الرواية إلى شخصية عالقة هي الأخرى في كتاب كبير كتبه الخالق الأعظم، كتاب لا أحد يعلم كيف سينتهي ولا أحد يعلم أين هو باب الخروج منه. وبينما الإنسان مطرود من الجنة، بطل كاتيا الطويل مسجون فيها، وعلى ما يبدو «الجنة أجمل من بعيد».



دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».