هدم جزء من كورنيش الإسكندرية يثير موجة من الاستياء

بعد 110 أعوام من تشييده

عمال يقومون بهدم الجدار القديم وبناء بديل له
عمال يقومون بهدم الجدار القديم وبناء بديل له
TT

هدم جزء من كورنيش الإسكندرية يثير موجة من الاستياء

عمال يقومون بهدم الجدار القديم وبناء بديل له
عمال يقومون بهدم الجدار القديم وبناء بديل له

منذ أن أطلق الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة صرخته «الراية البيضا» حول هدم تراث مدينة الإسكندرية المعماري من قبل المقاولين الجشعين في تسعينات القرن الماضي لا تزال الإسكندرية تعاني من محاولات التدمير والهدم والبناء العشوائي، وآخرها كان هدم جزء من سور كورنيش الإسكندرية التاريخي الذي يطل على الميناء الشرقي أقدم وأهم موانئ العالم القديم.
فقد استيقظ السكندريون ليجدوا معاول الهدم تعبث بجدار الكورنيش الحجري، والذي يعود تاريخه إلى بدايات القرن العشرين، ويمتد من منطقة بحري وحتى الشاطبي، ليتم هدم عدة أمتار منه في منطقة المنشية أمام مجمع محاكم الإسكندرية بغرض إنشاء مرأب للسيارات يمتد داخل الميناء الشرقي، رغم أن هذا الجدار مسجل ضمن التراث المعماري للمدينة والذي يمنع القانون المساس به، وهو المشروع الذي انتفض من أجله عدد كبير من السكندريين ومنعوا تنفيذه قبل عدة سنوات في عهد المحافظ الأسبق عبد السلام المحجوب.
وقال د محمد عوض، رئيس لجنة الحفاظ على تراث الإسكندرية، وأستاذ العمارة بكلية الهندسة بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «لن نسكت عن هذا التعدي الصارخ على تراث المدينة، وأرسلت من قبل مذكرة استنكار سوف أعيد إرسالها لمحافظ الإسكندرية الجديد لإعادة السور لشكله الأصلي، وقد وقفنا من قبل ضد مشروع إنشاء (جراج للسيارات) وردم جزء من الشاطئ من 2008، وتوقف المشروع بالفعل، وإذا بنا نجد تلك المحاولة لاستكمال الأعمال من قبل الحي، وتم هدم جزأين من السور بطول 3 أمتار، لكن سوف نتصدى لذلك ونعيد السور لشكله الأصلي لأنه لا يصح أبدا أن يتم مثل هذا التعدي، وفي أول اجتماع لنا بمحافظ الإسكندرية الجديد سوف نناقش ملف تراث الإسكندرية بالكامل».
وحول قيمة الأحجار التي تم التعدي عليها، أوضح: «تلك الأحجار هو نوع من أنواع الحجر الجيري وموجودة في مصر، إلا أنها كانت ضخمة الحجم وهي مسجلة ضمن مجلد التراث المعماري للمدينة والتي من المحظور إدخال أي تعديلات معمارية أو إزالتها أو هدمها».
ويقول د أحمد حسن، أستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، إن «منطقة الميناء الشرقي معلم هام من معالم الإسكندرية نظرا لأنها أهم ميناء منذ العصر البطلمي، وسور الكورنيش تم إنشاؤه من عهد عباس حلمي الثاني منذ عام 1905 تقريبا، وهو يعتبر جزءا هاما من الملكية العامة ويعتبر متنفسا لعامة الشعب لذلك هو مدرج بمجلد التراث، بل منطقة بحري كلها مدرجة للحفاظ عليها».
واستنكر ما يحدث من هدم للسور قائلا: «إن إضافة جزء من الحجر الخفاف والطوب توضح أن من يقوم بعملية الهدم لا يعرف شيئا عن قيمة السور، والأزمة المرورية في تلك المنطقة لا يتم حلها بالهدم، ولكن من الممكن بمنتهى البساطة نقل مجمع المحاكم إلى منطقة أخرى».
وأعرب عدد كبير من السكندريين عن غضبهم بنشر صور لموقع التعدي على الكورنيش على صفحات خاصة بالإسكندرية وتراثها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل النشطاء على صفحات «فيسبوك» عن كيفية هدم الجدار رغم أن «منطقة الميناء الشرقي مدرجة بمجلد التراث لمدينة الإسكندرية تحت رقم 122 في المناطق الأثرية، كما أن كورنيش المدينة في المنطقة ما بين قلعة قايتباي والسلسلة مدرج بالكامل كمنطقة تراثية تحت رقم 6002 ما يمنع التعرض له بالبناء أو الردم!».
وتتعرض المدينة منذ انتهاء ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 إلى موجة من البناء العشوائي وأصبح الهدم والتشويه يطال مباني الإسكندرية التاريخية وقصورها الأثرية بشكل مخيف، حيث لا يوجد شارع واحد يخلو من أعمال الهدم والبناء، لكن ظل الكورنيش هو المهرب الوحيد من هذه المسوخ الخرسانية، إلا أن التخريب امتد الآن ليطال ذلك الميناء القابع منذ ما قبل التاريخ وذلك النتوء الذي كان يحدد ملامح الإسكندرية والذي يجري تشويهه الآن بشكل فج.
لقد ظل هذا الجزء من الكورنيش ذي الأحجار العتيقة هو حلقة الوصل بين ماضي الإسكندرية وحاضرها القبيح، حيث كان يمثل الملجأ الوحيد لسكان وعشاق الإسكندرية للتعلق بعبق الإسكندرية أهم مدن العالم القديم، ومعشوقة الكتاب والشعراء حول العالم.
يقول الكاتب والمؤرخ الإنجليزي مايكل هاج، صاحب كتاب «الإسكندرية مدينة الذكريات»، لـ«الشرق الأوسط»: «ساهمت عائلة (ألماجيا) Almagia الإيطالية في بناء كورنيش الميناء الشرقي في بدايات القرن الماضي والذي ما زال أحد معالم الإسكندرية الرائعة، لكن الإسكندرية الآن تعاني من تدمير شامل، يجب على السكندريين أنفسهم دون غيرهم أن يدافعوا عن تراثهم العظيم».
وأضاف: «جزء من المشكلة هو تجاهل المواطنين السكندريين، فالكثير منهم يرى أن تراث الإسكندرية جزء من الماضي يشير إلى عهود الاستعمار وينظرون له باعتباره غريبا عنهم يجب التخلص منه. هنالك جزء كبير من تاريخ المصريين مرفوض ومنبوذ بسبب تصورات سياسية خاطئة».
ويقول ناشر كتاب «فورستر.. الإسكندرية تاريخ ودليل»: «الإسكندرية مدينة مميزة وبها شيء من الغموض، لكن المصريين عامة والإسكندريين خاصة يجب أن يستفيقوا وينتبهوا جيدا لما يتم حولهم من تدمير، الوحيد الذي يمكن أن يوقف تلك الفوضى هو الشعب المصري نفسه، فما زال في إمكانهم الحفاظ على بلادهم جميلة ومثيرة وجاذبة كما كانت دوما، ويمكنهم فعل ذلك إذا قاموا ببناء مستقبلهم على إنجازات الماضي».
ويقول المهندس محمد أبو الخير، أحد الأعضاء المؤسسين لمبادرة «أنقذوا الإسكندرية» المهتمة بالحفاظ على تراث المدينة، إن «الخطورة تكمن هذه المرة في أن تدمير التراث هذه المرة يتم بأيدي المسؤولين عن حمايته، وهذا سوف يؤدي لمزيد من التدمير وللأسف المشكلة تكمن في سوء التخطيط الذي بدأ منذ إنشاء مجمع المحاكم دون أماكن مخصصة لانتظار السيارات».
وأكد: «سوف نعيد إرسال عريضة إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء ومحافظ الإسكندرية ووزير الإسكان وجميع المسؤولين؛ نفند فيها ما يواجه ملف التراث العمراني بمصر عامة وبالإسكندرية بشكل خاص من مصير كارثي، وخطر محدق يهدد بضياع الهوية الثقافية والحضارية وتتضمن العريضة حزمة من (الإجراءات العاجلة) ومن تلك الإجراءات حق المحافظ في وقف تراخيص البناء في مناطق معينة - تحقيقا لغرض قومي - لمدة ستة أشهر. هذا فضلا عن (الإجراءات الآجلة)، والمتمثلة في معالجة استراتيجية شاملة لملف المباني والمناطق التراثية في إطار التنمية العمرانية، لمراجعة جميع الأطر والإجراءات السياسية والتشريعية والإدارية الحالية والتي لم تؤد الدور المطلوب منها في حماية التراث العمراني والمعماري المصري».
ويوضح أبو الخير: «جودة الحياة بالنسبة للبشر تكمن في الطرق والخدمات والمدينة بكل مرافقها، ولا بد أن تكون هناك رؤية حقيقية للمدينة ومستقبلها والعمل بشكل جدي على ملف التراث وإعادة هيكلة النظام الإداري ووضح حد للمخالفات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».