سينتيا خليفة: على الممثلين ألا يستسلموا وأن يستمروا في الحلم

قالت الممثلة سينتيا خليفة إنها سعيدة بخوضها تجربتين دراميتين في موسم رمضان المقبل، في مصر. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «محظوظة كوني أشارك في عملين ضخمين؛ أحدهما من بطولة يسرا بعنوان (حرب أهلية)، والثاني (ضد الكسر)، مع النجمة نيللي كريم».
وعن كيفية دخولها الدراما المصرية من بابها الواسع، وهي التي يعرفها الجمهور اللبناني في أعمال محلية ترد: «لحقتُ بحلمي؛ إذ رغبتُ دائماً في إكمال طريقي في صناعة الدراما. وبعد سفري إلى فرنسا وأميركا قررت أن أحط رحالي في مصر (أم الدنيا). فحلم طالما راودني بأن أدخل الأسواق المصرية، وأن أعمل هناك. بالفعل تحقق الحلم بعد أن قامت مديرة أعمالي، وهي صديقة لي، باتصالاتها، ووصلت إلى ما أنا عليه اليوم».
وسينتيا التي تؤدي دورين مختلفين في العملين؛ أحدهما تجسد خلاله دور فتاة أجنبية من أصول عربية، والثاني تتقمص فيه دور فتاة شعبية، تقول: «نادين هو اسمي في مسلسل (حرب أهلية). وهي شخصية مركّبة تميل صاحبتها أكثر نحو الشر. غاياتها سطحية تدور حول المال والشهرة والسلطة. أما في مسلسل (ضد الكسر)، فألعب شخصية مايا، التي تشبه شخصيتي الحقيقية إلى حد ما. وتختلف عن شخصية نادين بكيفية مواجهتها الحياة وتدبر أمورها».
وتشير سينتيا إلى أنها في المسلسل الأول تتشارك المشاهد بشكل كبير مع الممثلة يسرا، وكذلك مع بطل العمل باسل خياط. وتوضح: «هناك مشاهد محورية وأساسية أتشارك فيها مع النجمة المصرية، وكذلك مع الممثل السوري خياط. ويمكنني القول إن بعضها يتضمن أداء رائعاً وكيمياء تلقائية جمعتني مع هذا الأخير. فلقد استطعت بمعيته أن أخرج طاقة تمثيلية كبيرة تسكنني، وأن أظهر مجموعة مشاعر وأحاسيس مركبة لم يسبق أن أديتها بهذه الطريقة. فمشاهدنا معاً تنقل واقعاً نعيشه، يعبّر عما يخالج أشخاصاً كثيرين. أعتقد أنها ستكون بمثابة مشاهد «ماستر»، كما نسميها في عالم الدراما، أي أساسية ولافتة بامتياز».
وعما إذا هي بدأت مشوارها من الصفر بمجرد دخولها سوق مصر لأول مرة تقول: «لم أبدأ من الصفر أبداً، لا بل أكملت ما بدأت به منذ نحو عشر سنوات كممثلة. فلدي تجربتي الدرامية التي أعتز بها، والتي أسهمت في نضجي كممثلة. وكل ما في الأمر أن مصر تقدم للممثل آفاقاً أوسع، لا سيما أن العمل فيها يرتكز على الاحترافية. ففي لبنان تغيب مثلاً ثقافة مدير الأعمال عن مشوار الممثل؛ فيهتم هو نفسه بكل شاردة وواردة. وهذا الأمر يضع الممثل أحياناً أمام قرارات خاطئة يتخذها، لأن ليس هناك من يوجهه ويهتم بأموره العملية. اليوم لدي كل الثقة بنفسي، ووصلت إلى مصر بمعية تراكم تجارب وخبرات. فلا أخطو أي خطوة من دون تفكير دقيق، وأحسب لكل قرار أتخذه ألف حساب. كل هذا ولّد عندي تحديات عمل من نوع آخر، تطلب مني كثيراً من الجهد والتعب. فلقد كنت على يقين بأني سأصل إلى أهدافي في حال عملت بجدية».
وعن الصعوبات التي واجهتها في تجربتها المصرية تقول: «المصرية لهجة محببة إلى القلب، لكن إتقانها ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض. فسابقاً لم أكن أتابع الأعمال المصرية، كما أن ثقافتي تميل أكثر نحو الأوروبية. فاضطررت إلى أن أستعين بأساتذة واختصاصيين كي أجيدها. تابعت أفلاماً ومسلسلات مصرية كثيرة كي ألتقط روح اللكنة؛ فأن نجيد لغة معينة، فذلك لا يقتصر على نطقها بشكل جيد، بل يلزمها أن تلامسنا عن قرب وتصبح جزءاً من حياتنا. تحدثت المصرية مع سائق التاكسي والبائع والخباز، كي أكون على معرفة بكل عباراتها الشعبية. وهذا الأمر استغرق مدة لا يُستهان بها كي أستوعبها بشكل جيد. إتقاني لغة البلاد كان من أصعب الامتحانات التي خضتُها في هذه التجربة. وهنا لا بد لي من توجيه شكر كبير إلى الشركة المنتجة للعملين، «عدل غروب». فهي وثقت بموهبتي وآثرت تقديمي في عملين مميزين في رمضان».
وهل تقديرك من قبل المصريين يولّد لديك شعوراً بالأسف، لأن لبنان لم يقدم لك الفرص المشابهة؟ ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «طبعاً أحزن، لأنني لم أتلقَّ الفرص المناسبة في بلدي؛ فلبنان ومنذ فترة طويلة يعاني من مشكلات جمة على جميع الأصعدة. وما يشهده اليوم ليس وليد الساعة، بل نتيجة تراكمات كثيرة، كنا نستشعرها من قبل، وننتظر انفجارها بين لحظة وأخرى. والمضحك المبكي أنني منذ أن دخلت المعترك التمثيلي في مصر، صرتُ أتلقى عروضاً تمثيلية كثيرة من لبنان. وهناك شركات لبنانية وثقت بي كـ(فالكون للإنتاج) وشركة (الصباح إخوان). الأولى كانت متفهمة جداً لاعتذاري عن المشاركة في عمل درامي بعد أن كنتُ بدأت مشواري في مصر، وقريباً أعود إلى لبنان كي أشارك في دراما من إنتاج شركة (الصباح)».
وعما إذا كانت تحلم من قبل في الوقوف أمام نجوم كبار مثل يسرا ونيللي كريم وغيرهما تقول: «كنتُ أعرف سلفاً أنني سأقف يوماً ما أمام نجوم كبار، ولن يتوقف الأمر هنا؛ إذ أطمح للوصول إلى العالمية. وفي تجارب لي خضتُها في أميركا وأوروبا، عرفت أن هذا الأمر لن يكون بعيداً؛ فلقد كنتُ على وشك مشاركتي في فيلم بلغاري، ولكن الجائحة حالت دون ذلك. كما وقعتُ عقداً مع مدير أعمال الممثلة شارون ستون لعمل فني قريب». وتضيف: «كنتُ أعلم أنني أتمتع بأساس تمثيلي جيد يعتمد على اختصاص أكاديمي وموهبة جيدة. وما زلت أتوقع الكثير؛ فالأحلام لا تنتهي، شرط أن نعمل على تحقيقها بكدّ».
وعما طبعها في شخصية الفنانة يسرا تقول: «أكثر ما طبعني في شخصيتها هو تواضعها. فهي تتعامل مع الجميع على نفس المستوى، من دون أي غرور. فأن تشاهدي نجمة بهذا المستوى، صاحبة تاريخ طويل في عالم السينما والدراما المصرية تتعامل بمحبة مع الجميع، لهو أمر لافت. وعندما تقف أمام الكاميرا وتبدأ التصوير، تتصرف وكأنها في أول يوم تمثيل لها؛ فيلفتك فيها كل هذه المسؤولية والقلق على تقديم أداء جيد. فالتصرف على قاعدة (أنا النجمة)، غير موجود بتاتاً في كواليس هذه الصناعة في مصر. الفنان المصري هو نموذج حي للفنان الذي يدخل عالم التمثيل سعياً وراء حبه وشغفه لهذه المهنة، وليس من أجل تحقيق شهرة أو جمع الأموال.
وإذا ما تصرف أحدهم على غير هذا المنوال تلفظه الدراما أو السينما تلقائياً، ويصبح من خارج الكادر. وهو ما جرى أخيراً مع ممثلة أجنبية تم استبدال بها أخرى في مسلسل (حرب أهلية)؛ فتصرفاتها لم تكن على المستوى الفني المطلوب مع فريق العمل الواحد، وبموقع التصوير. في مصر الموهبة تأتي قبل الشكل الخارجي، ومقومات التمثيل تعتمد على العملية الأكاديمية، فهنا لا يستعينون بـ(موديل) أو عارضة أزياء، بل على مواهب وجودة في الأداء».
وتؤكد سينتيا خليفة التي يفتقدها الجمهور اللبناني في أعمال محلية نجحت فيها، فشكّل غيابها فراغاً في عالم الدراما، أن ما تعيشه اليوم في مصر هو ما كانت تصبو إليه دائماً. وهي سعيدة جداً بهذه التجربة التي أسهمت في تطورها. وتقول: «لستُ على خلاف مع أحد في لبنان بل إني على ود مع الجميع. ولكن هنا وجدت تقديراً أكبر وأنا فرحة بذلك، ومن يدخل هذه الصناعة هنا تكون قدراته التمثيلية هي بوصلته الأساسية، وتقف وراء ذلك».
لا تزال سينتيا خليفة تتابع الدراما المحلية إلى حد ما، وتقدر مواهب تمثيلية كانت صاعدة وأصبحت اليوم في الطليعة، كالممثلة ستيفاني عطالله. وتعلّق: «سعدت كثيراً بستيفاني، وسررت كون الدراما اللبنانية تتقدم وتتطور، وتفسح المجال أمام مواهب جيدة. فأعمالها ما عادت تقتصر على أسماء نجوم معينين. هناك جيل جديد من الممثلين اللبنانيين الذين بدأوا يشقون طريقهم بقوة في الدراما، بعد أن أعطوهم الفرص اللازمة، وهو أمر يسعدني».
وعن الرسالة التي ترغب في التوجه بها إلى الممثلين اللبنانيين، تقول: «أحب أن أقول لهم ألا يستسلموا أبداً، وأن يثابروا ويعملوا من أجل تحقيق أحلامهم؛ فيجب ألا يتوقفوا عن الحلم، بل أن يتفوقوا على أنفسهم، ويتجاوزوا الصعوبات والعقبات. فما وصلت إليه اليوم تطلب مني جهداً كبيراً وتمسكاً بحلمي. ليس من السهل أن تغيري وجهة حياتك بين ليلة وضحاها وأن تعاني الأمرين في بلد لا تعرفينه وأنت تشقين طريقك وحيدة. ومع ذلك استطعتُ أن أصمد، لا سيما أن المصريين شعب رائع ومضياف ويحب الغير؛ فكل الإرهاق الذي مررتُ به ما لبث أن اختفى، بعد أن حققت أهدافي، من دون دعم أو مساعدة تُذكر. وثقتُ بنفسي وفي المقابل هناك من قدّر جهدي. كل ما في الأمر هو ضرورة أن نعمل على أنفسنا ونتطور، عندها الأمور ستأخذ طريقها الصحيح».