الجزائريون في الشوارع تحت شعار «لا تنازل عن وحدة الحراك»

برز في هتافاتهم بعد صلاة الجمعة

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

الجزائريون في الشوارع تحت شعار «لا تنازل عن وحدة الحراك»

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

«جمعة تمسك الحراك بوحدته»... تحت هذا الشعار الكبير تظاهر الآلاف من الجزائريين أمس بعاصمة البلاد، تعبيراً عن استنكارهم لحادثة شدت إليها الأنظار منذ السبت الماضي، تتمثل في اعتقال قاصر اتهم الشرطة بـمحاولة الاعتداء عليه، وتطورت القضية إلى حبس خمسة نشطاء تضامنوا معه، وجهت لهم النيابة اتهامات أخلاقية وبأنهم «يتلقون أوامر من الخارج، للتحريض على العنف وإخراج الحراك عن طابعه السلمي».
طغت هذه الواقعة بشكل لافت على أحاديث المتظاهرين، وبرزت في هتافاتهم وهم ينتشرون بعد صلاة الجمعة عبر شوارع «ديدوش مراد» و«عسلة حسين» و«حسيبة بن بوعلي»، و«زيغود يوسف» و«باستور»، وفي ساحات الحراك المعهودة. وأبدى معظم المحتجين شكا في رواية النيابة، التي أكدت أول من أمس خلال مؤتمر صحافي، أن الطفل شتوان (15 سنة) «استغل لأغراض سياسية ودعائية»، في إشارة إلى 5 متظاهرين أظهروه في شريط فيديو يبكي بحرقة، ونقلوا على لسانه أنه تعرض لاعتداء أثناء استجوابه مساء السبت الماضي، بمقر الشرطة، على إثر مظاهرة بالعاصمة. وقال شتوات في وقت لاحق إنه تعرض لـ«فعل خادش للحياء». وتلقفت وسائل إعلام أجنبية، فرنسية أساساً، هذه الحادثة وعالجتها بشكل مركز ما زاد من غضب السلطات.
وقال محمد دباح، وهو ناشط لم يفوت أي مظاهرات منذ بدايتها قبل عامين، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تدخر السلطة جهداً منذ بداية الحراك إلا وسعت إلى تشويهه، وإظهار نشطائه في صورة أشخاص منحرفين سهل استغلالهم وتوظيفهم ضد مصلحة البلاد، ولا أشك بأن التعامل مع قضية القاصر تندرج ضمن هذا السيناريو. ولكن في كل مرة كنا ننجح في إحباط ألاعيب النظام بفضل سلميتنا ووحدتنا».
غير أن موقف دباح الذي كان وسط المتظاهرين بالعاصمة، لا يحجب الانقسام الكبير الذي أحدثته «قضية القاصر» وسط النشطاء. فكثير منهم بات مقتنعاً أن الحراك «حاد عن هدفه الرئيسي» وهو تغيير النظام، منذ أن انسحب منه المثقفون. كما أن البعض يرى أن المظاهرات لم تعد تقدم أي بديل ما عدا الخروج إلى الشارع وترديد الشعارات، في حين أن النظام، حسب أصحاب هذا الرأي، ماض في تنفيذ أجندته ومن ضمنها انتخابات البرلمان المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل.
ومنذ عودة المظاهرات في فبراير (شباط) بعد توقف دام قرابة عام بسبب أزمة «كورونا»، لوحظ غياب الوجوه البارزة عنها وبخاصة غياب النساء اللواتي كن بأعداد كبيرة في أشهر الحراك الأولى.
ومع الوقت، ترسخ لدى الكثيرين بأن الحراك أصبح بين قبضة تنظيم موال للإسلاميين، يدعى «رشاد». واتهم النائب العام في مؤتمره الصحافي، النشطاء الخمسة رفاق القاصر الذين أودعهم الحبس الاحتياطي، بأنهم يشتغلون لحساب «رشاد» الذي نفى في وقت سابق تهم «السطو على الحراك» و«زرع إرهابيين وسط المتظاهرين»، و«التحريض على الجيش»، إذ نسبت له شعارات معادية بشدة للجيش وقيادته.
ويبرز من بين الخمسة المحبوسين، محمد تاجديت المكنى «شاعر الحراك»، المعروف بحدته ضد السلطات، وقد سجن العام الماضي بسبب نشاطه في الحراك. كما يوجد ضمن المجموعة الشاب مليك رياحي، سبق أن سجن هو أيضاً.
ورفع المتظاهرون في «الأسبوع الـ112» من الاحتجاجات ضد النظام، صور شهداء ثورة التحرير ورددوا أسماء أبرزهم أمثال العربي بن مهيدي وعميروش ومصطفى بن بولعيد.
وخرج الجزائريون أمس بأعداد كبيرة ببجاية وتيزي وزو والبويرة، وهي أهم ولايات القبائل، حيث عبروا عن تمسكهم بـ«بناء دولة مدنية» ورفضهم الشديد لـ«دولة عسكرية». وفي وهران كبرى مدن الغرب، منعت الشرطة تجمع بعض النشطاء في «ساحة السلاح» بوسط المدينة. وكانت مظاهرات الأسابيع الماضية بوهران، شهدت قمعاً شديداً. وحظرت قوات الأمن مظاهرات بالعديد من المدن والبلدان بشرق البلاد وغربها، حيث تراجع زخم الحراك قياساً إلى بداياته.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».