الدبيبة يواجه «عقبات» تمرير الموازنة العامة من مجلس النواب

الدبيبة (يمين) مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في طرابلس يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
الدبيبة (يمين) مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في طرابلس يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

الدبيبة يواجه «عقبات» تمرير الموازنة العامة من مجلس النواب

الدبيبة (يمين) مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في طرابلس يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
الدبيبة (يمين) مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في طرابلس يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

سلم ديوان المحاسبة بمدينة البيضاء بشرق ليبيا ملاحظاته رسمياً إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة الذي تقدمت به حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مما يراه البعض «تعطيلاً لخطة السلطة التنفيذية الجديدة» في حل أزمات البلاد المتراكمة منذ إسقاط النظام السابق.
ورغم أن الرأي العام في البلاد كان ينتظر تحديد جلسة برلمانية قريباً للبت في الميزانية مما يتيح للحكومة التعاطي مع الأوضاع الاقتصادية وتحسين مستوى الخدمات، والإسراع في صرف الرواتب المتأخرة، فإن ديوان المحاسبة سجل 18 ملاحظة على الميزانية ودعا لأخذها في الاعتبار قبيل التصويت عليها من البرلمان.
وطالب ديوان المحاسبة الحكومة الجديدة في رسالته التي سلمها صالح مساء أول من أمس، بإعادة النظر في مشروع القانون «وضرورة تعديله بما يتناسب واحتياجاتها الحقيقية»، وقال «كان ينبغي عليها (الحكومة) التركيز على الملفات المهمة والتي تتعلق بالاستعداد للانتخابات المقبلة، ومواجهة جائحة كورونا بالإضافة إلى ملفي الكهرباء والأمن الغذائي والدوائي».
وقال مسؤول مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن البعض ينظر إلى قصر مدة بقاء الحكومة في السلطة، والتي من المفترض أن تنتهي بإجراء الانتخابات العامة في 24 ديسمبر (كانون الأول)، «لكنهم يغفلون حجم الأزمات التي تعيشها ليبيا مثل تأخر الرواتب ونقص السيول في المصارف، والتشوهات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني». وتابع: «بات هناك تخوفات لدى كثيرين على خلفية استشراء الفساد خلال العشر سنوات الماضية، لكن يجب ألا تعاقب السلطة التنفيذية على ما سبق من كوارث وأزمات».
وتمحورت الملاحظات التي أجملها رئيس الديون عمر عبد ربه صالح، في رسالته إلى رئيس مجلس النواب، حول مجمل الإنفاق الذي تعتمده الحكومة في ميزانيتها (أكثر من 95 مليار دينار)، لافتاً إلى «إدراج مخصصات لبعض الجهات المعطلة عن ممارسة اختصاصاتها ولا تقوم بأي مهام منها دار الإفتاء»، بجانب «استحداث جهات ومراكز إدارية جديدة وخلق مراكز تكلفة دون وجود مبررات لذلك».
ورأى الديوان أن الميزانية تخالف بنود عدة بقانون النظام المالي للدولة، كما تعطل مادة قانونية تنص على تخصيص حصة من دخل النفط في كل سنة لا تقل عن 15 في المائة لحساب الاحتياطي العام.
وقال ديوان المحاسبة إن الميزانية بشكلها الحالي «لا تساعد على تحليل الآثار الاقتصادية للموازنة والتعرف على الجوانب السلبية والإيجابية للتنفيذ والتحقق من مدى كفاءة الأداء الحكومي والأهداف التي تحققت من الإنفاق العام، كما أنها لا تخلق رقابة الأداء أو اكتشاف الانحرافات المتنوعة».
وتحدث عما سماه «مبالغة في وضع تقديرات الإيرادات النفطية من قبل الحكومة» باعتبارها الممول الرئيسي لتنفيذ الموازنة، وذهب إلى أن توسع الحكومة في الإنفاق دون وجود خطة واضحة المعالم لضبط النفقات، سيؤدي إلى زيادة معدلات التضخم نتيجة للارتفاع الذي سيحصل في أسعار السلع والخدمات الأساسية مما يثقل كاهل المواطن الليبي وتفاقم أكثر لأزمة السيولة.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.