شاشة الناقد

TT

شاشة الناقد

* الفيلم: The Trial of Chicago7 (★★)
* إخراج: أرون سوركِن
* الولايات المتحدة | دراما محاكم (2021)
هناك طريقتان لمشاهدة فيلم السيناريست أرون سوركِن المتحوّل إلى الإخراج سنة 2017 عندما قدّم Molly‪’‬s Game من بطولة جسيكا شستين.
الطريقة الأولى هي أن يقرأ المُشاهد مسبقاً حيثيات إحدى أهم القضايا التي عرفتها المحاكم الأميركية في التاريخ. يسلّح نفسه بالمعرفة حتى لا يبدو ما يراه على الشاشة غريباً عليه أو لكي يلم، على الأقل، بما اختار المخرج عرضه أو تجنّب ذكره.
الطريقة الثانية هو أن يغمض المشاهد عينيه (على أن يفتحهما لاحقاً حال يبدأ الفيلم) ويتابع مجريات ما يدور كما لو أنه من الخيال رغم أنه ليس من الخيال في شيء.
سوركِن هنا، كما في فيلمه السابق الذي دار حول الرياضية مولي بلوم التي تورّطت في جريمة لعب بوكر غير مصرّح جنت منه ملايين الدولارات، يختار موضوعاً حدث بالفعل. في عام 1968 حضّت جهات شبابية أميركية على القيام بمظاهرات عاصفة ضد الحرب الأميركية في فييتنام. نتيجة لها جرت صدامات دامية بين قوى الأمن والحرس الوطني من ناحية والمتظاهرين من ناحية أخرى سقط فيها العديد من الجرحى معظمهم من المتظاهرين. محافظ مدينة شيكاغو طلب محاكمة سبعة مسؤولين عن تلك المظاهرات.
إلى جانب هؤلاء تم ضم رجل ثامن لا علاقة له بالمظاهرات اسمه بوبي سيل (يحيى عبد المتين) لكونه منتمياً إلى منظمة «بلاك بانثرز» التي تأسست انتصاراً لقيم العدالة الاجتماعية والحصول على الحقوق المتساوية مع البيض. بطبيعة الحال، كان للمنظمة ذاتها موقف معارض لحرب فيتنام، لكن بوبي لم يكن على علاقة لا بالمظاهرات ولا بمن دعا إليها. القاضي (أداه المخضرم فرانك لانجيلا) لم يكن عادلاً حيال بوبي، ومحاميا الدفاع عن باقي المتهمين واجهاه بذلك واعتبراه عنصرياً.
‫كتب عديدة صدرت حول هذه القضية الرنّانة لم يذكر سوركِن أي منها. لكن من يريد الوقوف على الحقائق قبل أو بعد مشاهدته الفيلم عليه بكتاب نورمان مايلر «ميامي وحصار شيكاغو»، علماً بأن ملف المحاكمة ذاتها ملأ 22 ألف صفحة.‬
ما يقوم به سوركِن هو القفز بحكايته من اليوم الأول للمحكمة إلى اليوم الثالث ثم الثالث والعشرين ثم اليوم 156 بلا توقف، على ضرورة ذلك نسبة لحجم الفترة الزمنية، يترك العمل بمقتضى انتخاب المشاهد أثراً حسّياً على مشاهديه. الأثر ليس بالضرورة عميقاً ولا بالضرورة سياسياً، بل استغلال عمق القضية والوضع السياسي الذي غلّف المحاكمات لتقديم وجبة عرض تقفز على الحبال برشاقة.
هناك مشاهد قاسية ومعبّرة مستوحاة من الواقع، أهمها ذلك المشهد الذي يتم فيه تكبيل قدمي ويدي الداعي الأسود سيل وتكميم فمه خلال المحاكمة. هنا يطلق المخرج رصاصة تصيب الهدف حول عنصرية القاضي ومعاملته غير المبررة للمتهم (تمت تبرئته لاحقاً). لكن المخرج ذاته يقلب عدداً من الحقائق بينها أن المدّعي العام (يؤديه جوزيف غوردون ليفيت) لم يكن حملاً وديعاً وغير مؤمن كثيراً بما يقوم به، بل كان، حسب الوثائق، رجل حكومة شرس نال لقب «بيتبول» بجدارة.

* الفيلم: كاوبوي صلب Concrete Cowboy (★★★)
* إخراج: ريكي ستروب
* الولايات المتحدة | دراما (2021)
يبحر «كاوبوي صلب» في حيثيات موضوع ليس مطروقاً من قبل: بيئة من مدربي الخيول السود الذين تربطهم بمهنتهم، ولو إلى حد، الحنين إلى زمن الغرب البعيد. الأب هو إدريس ألبا، لكن الموقع هو مدينة فيلادلفيا (وليس تكساس مثلاً). في عمق الفيلم ذلك التباين بين الأب وابنه (كاليب مكلوفلين) الذي عليه الاختيار بين اتباع مهنة أبيه أو الجريمة السهلة.

* الفيلم: غير المقدّس | The Unholy (★★)
‫* إخراج: إيفان سبيليوتوبولوس‬
* الولايات المتحدة | رعب (2021)
الفيلم من إنتاج سينمائي موهوب هو سام رايمي الذي كانت له جولات جيدة في الفانتازيا الداكنة وأفلام الرعب. الحكاية كانت تحتاج منه لتوضيب أفضل، لكنه لا يبدو أنه تدخل كثيراً في هذا النطاق. قصّة فتاة صمّاء بكماء تزورها، مبدئياً، السيدة مريم فتُشفى، لكن من تلك النقطة (بعد نصف ساعة طويلة) تبدأ ظواهر غريبة في الحضور وجرائم قتل.

* الفيلم: الحفر | The Dig (★★★)
* إخراج: سيمون ستون
* بريطانيا | دراما (2021)
واحد من تلك الأفلام الجيدة التي تمر تحت رادار الاهتمام فلا تجد لنفسها المساحة التي تستحق. راف فاينز في دور نقّاب آثار تستعين به أرملة (كاري موليغن) لعلمها بوجود آثار تحت هضاب أرضها. نعم هناك آثار تعود لعصر الفايكنغ، لكن الفترة ذاتها تشهد أحداثاً فوق تلك الأرض يوفرها المخرج على حساب نوع من البطولة الجماعية في الجزء المنتصف من الفيلم.

★ ضعيف| ★ ★ : وسط | ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.