«التدقيق الجنائي» يفتح سجالاً داخليا واتهامات بالاستهداف السياسي

جعجع يتحدث عن «نيل من خصم»... و«التيار» ينفي «تصفية الحسابات»

من اجتماع سابق بين الرئيس ميشال عون وحاكم «المركزي» رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
من اجتماع سابق بين الرئيس ميشال عون وحاكم «المركزي» رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
TT

«التدقيق الجنائي» يفتح سجالاً داخليا واتهامات بالاستهداف السياسي

من اجتماع سابق بين الرئيس ميشال عون وحاكم «المركزي» رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
من اجتماع سابق بين الرئيس ميشال عون وحاكم «المركزي» رياض سلامة (دالاتي ونهرا)

عكس الانتقاد الذي وجهه الرئيس اللبناني ميشال عون إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول التأخر بالبدء بإجراءات التدقيق الجنائي، واتهام القوى السياسية بتوفير الحماية للحاكم، أزمة جديدة مع قوى سياسية تنفي معارضتها للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ومؤسسات الدولة كافة، وتتهم الفريق السياسي لعون بتصفية الحسابات مع خصومه، وهو ما ينفيه «التيار الوطني الحر» الذي يعتبر نفسه «ضحية مجموعات مسؤولة عن إفلاس البلد».
ورأى عون في خطاب متلفز ليل الأربعاء، أن القوى السياسية «وفرت الغطاء بالحد الأدنى للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال». وحمّل رئيس الجمهورية المصرف المركزي «المسؤولية الأساسية» متهماً إياه «بمخالفة قانون النقد والتسليف»، وتحدث عن «مسؤولية جميع الحكومات والإدارات والوزارات والمجالس والهيئات عن كل قرش أُهدِر عبر السنوات»، قائلاً إن «جميعها يجب أن يشملها التدقيق الجنائي».
وفتحت رسالة عون إلى اللبنانيين، أزمة مع معظم القوى السياسية، باستثناء «حزب الله» الذي قال النائب عنه إبراهيم الموسوي إن «مسألة التدقيق الجنائي تحتل مرتبة الصدارة في أولويات الإنقاذ والإصلاح للوضعين المالي والاقتصادي، وإنها معركة تستحق وتستوجب دعم كل القوى الحريصة على الوطن وأهله». وأكد أن «من واجبات مصرف لبنان التقيد بالقانون الصادر في هذا الشأن».
وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أشار إلى الاستهداف السياسي، قائلاً في بيان إن «التدقيق الجنائي ليس شعارا يطرح في المواسم، ولا وسيلة للنيل من خصم سياسي، إنما هو عمل مقدس يهدف إلى الإصلاح»، مضيفا: «عليه، نتوجه إلى كل من يعنيه الأمر بسؤال: لماذا لم تقدموا على دعم فكرة التدقيق الجنائي منذ بداية هذا العهد رغم الأكثرية الموصوفة التي تتمتعون بها إن في مجلس الوزراء أو في المجلس النيابي»؟ وأردف: «بكافة الأحوال هذا لا يعني إطلاقا أننا لسنا بأمس الحاجة لحصول تدقيق جنائي اليوم قبل الغد في المصرف المركزي وإدارات الدولة المعنية تباعا».
وسأل جعجع: «لماذا لا يقدم فخامة رئيس الجمهورية من خلال حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تضمه مع حلفائه فقط لا غير، لماذا لا يقدم على اتخاذ الإجراءات الإدارية والجزائية المطلوبة في حال كان فخامته جديا فيما يطرحه»؟
وتنظر القوى السياسية إلى أن طرح «التيار الوطني الحر» لقضية التدقيق الجنائي، على أنه يأتي «في سياق شعبوي»، و«محاولة لاستهداف الخصوم السياسيين وتبرئة مسؤوليته عن الأزمة»، مؤكدة التزامها بالتدقيق في مختلف إدارات الدولة. وأكد نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش أن «التدقيق الجنائي يحتاج لحكومة تتولى المهمة ولم تقم أي من الحكومات التي سيطرتم عليها بالمهمة»، فيما اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي أن ما يريده «التيار الوطني الحر» من التدقيق الجنائي «سنتيمترات فقط»، بينما «ما يريده رئيس مجلس النواب نبيه بري هو تدقيق كامل وشامل بحرفية القانون الذي أقره المجلس النيابي وبدءا من المصرف المركزي». وقال: «نحن قمنا بواجباتنا التشريعية والعبرة دائما وأبدا في تنفيذ القوانين»، في إشارة إلى القانون الذي أقره مجلس النواب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي القاضي برفع السرية المصرفية عن حسابات المسؤولين لمدة عام، وتوسعة الطلب بإجراء التدقيق الجنائي في كافة مؤسسات ووزارات وإدارات الدولة.
وفي المقابل، نفى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون، أن تكون هناك تصفية حسابات سياسية أو أي استهداف لأي طرف، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى مكان يجب فيه أن تتضح الحقائق»، معتبراً أن رئيس الجمهورية والفريق السياسي المؤيد له في إشارة إلى «التيار الوطني الحر»، «هو ضحية مجموعات مسؤولة عن إفلاس البلد وتدهور الوضع»، معتبراً أن «ما وصلنا إليه ناتج عن إخفاقات المصرف المركزي»، مشيراً إلى أن التدقيق والقضاء سيأخذ مجراه لتحديد المسؤوليات.
وقال عون: «عندما تكون هناك مماطلة من قبل حاكم مصرف لبنان ووزير المالية، وعندما يظهر أن هناك تمييعاً للإجراءات، فهذا معناه أنهم لا يستجيبون لنداءات الرئيس ويواصلون المضي بالواقع الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه». وقال: «كان الرئيس قد نبّهم من محاولة التأخير أو العرقلة قبل الاجتماع الذي عقد مع ممثلي شركة التدقيق، فهو بالتالي لم يفاجئهم بما قاله ليل الأربعاء». وقال النائب عون: «ما يهم الرئيس هو كشف المرتكبين والمذنبين في ملف ضياع أموال المودعين، ولا يستهدف أي طرف، فمن كان مسؤولاً يجب أن يتحمل المسؤولية، وليس على حسابنا»، موضحاً أن «هناك اتهامات للعهد بالفشل والإفلاس، لذلك يجب أن تتوضح الأمور، فالرئيس كان يمتلك نظرة إصلاحية تغييرية، لكن منع من تنفيذها، نعم منعونا، ويحاولون الآن منعنا من الخروج من الأزمة»، مشدداً على التيار «لا يعارض التدقيق في حسابات وزارة الطاقة وكل مؤسسات الدولة».
إلى ذلك، أكد رئيس البعثة والقائم بالأعمال في السفارة البريطانية مارتن لونغدن أن موقف المملكة المتحدة «داعم للتدقيق الجنائي الذي يشكل أحد المكونّات الأساسية للتوصل إلى حل مع صندوق النقد الدولي ويُحدث فرقاً في لبنان».



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.