إسرائيل ترفض التعاون مع المحكمة الدولية

فلسطينيون في خان يونس متضامنون مع أسرى في سجون إسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون في خان يونس متضامنون مع أسرى في سجون إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل ترفض التعاون مع المحكمة الدولية

فلسطينيون في خان يونس متضامنون مع أسرى في سجون إسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون في خان يونس متضامنون مع أسرى في سجون إسرائيلية (أ.ف.ب)

قررت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الخميس)، رفض التعاون مع محكمة لاهاي لجرائم الحرب، وأبلغتها في رسالة موجهة إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، تقول فيها إنها ليست مخولة بالتحقيق في جرائم حرب تشتبه بارتكاب إسرائيل لها، خلال الحرب مع غزة في العام 2014، أو في مشاريع الاستيطان، وتؤكد لها أنها لن تتعاون معها.
وقد اتخذ القرار في عدة جلسات تشاور خلال الأيام الأخيرة، اختتمت بجلسة، عقدت خصيصاً لتلخيص الموقف، أمس (الخميس)، ترأسها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وجرى خلالها التداول حول شكل الرد على رسالة بنسودا، بمشاركة وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير التربية والتعليم، يوآف غالانت، ووزير الطاقة، يوفال شطاينيتس، والمستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، والمدعي العسكري، شارون افيك، ومسؤولين آخرين. وتقرر في نهاية المداولات أن «توضح إسرائيل للمدعية العامة في المحكمة، فاتو بنسودا، أنه ليس لديها صلاحيات للشروع في تحقيق ضد إسرائيل، التي لن تتعاون معها».
وتقرر اعتماد توصيات الفريق الوزاري الذي يترأسه مجلس الأمن القومي والذي أوصى بعدم التعاون مع المحكمة الدولية، مع عدم ترك كتاب المدعية دون رد، وإنما الرد عليه والتوضيح بأن المحكمة تتصرف بلا صلاحية وبأن إسرائيل هي دولة قانون تعرف إجراء التحقيقات داخلياً.
وحسب بيان لمكتب نتنياهو، فإن الرسالة الجوابية إلى بنسودا «ستوضح رفض إسرائيل المطلق للمزاعم بارتكابها جرائم حرب، وتوضح مجدداً موقفها الذي لا لبس فيه من عدم امتلاك محكمة لاهاي أي صلاحية في فتح تحقيق بحقها». وقال إنه «تم التعبير عن هذا الموقف أمام المحكمة بكل وضوح من قبل عدد من الدول المركزية في العالم، والخبراء المشهورين عالمياً في مجال القانون الدولي. إن تدخل المحكمة المرفوض لا يستند إلى أي أسس قانونية، بل يتعارض كلياً مع الغايات التي تم إنشاء المحكمة لأجل تحقيقها. إن دولة إسرائيل ملتزمة بحكم القانون وستواصل البحث في كل اتهام يوجه ضدها بغض النظر عن مصدره، وهي تتوقع من المحكمة أنها ستمتنع عن انتهاك صلاحيتها».
وكان نتنياهو قد صرح، خلال الجلسة، بأنه «في حين يحارب جنود جيش الدفاع بأقصى معايير الأخلاق، الإرهابيين الذين يقترفون جرائم حرب صباحا ومساء، تقرر محكمة لاهاي استهداف إسرائيل بالذات. ولا وصف يليق بهذا التصرف سوى النفاق، حيث أصبحت هيئة أنشئت في سبيل حماية حقوق الإنسان هيئة معادية تحمي الذين يدوسون على حقوق الإنسان»، على حد تعبير البيان.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قدم توصية إلى الحكومة تقضي بعدم التعاون مع محكمة لاهاي، بادعاء الامتناع عن منحها شرعية، وأنه في حال وافقت إسرائيل على التحقيق مع نفسها، بدلاً من تحقيق تجريه المحكمة الدولية، فإنها ستكون مطالبة بإجراء تحقيقات أخرى داخلية في أعقاب عمليات عسكرية في المستقبل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.