محادثات جزائرية ـ فرنسية حول «التعاون العسكري»https://aawsat.com/home/article/2908041/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%C2%BB
أكد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، أمس، أن استقرار الجزائر مرتبط مباشرة بأمن جيرانها. وقال شنقريحة، خلال استقباله الفريق الأول فرنسوا لوكوانتر، رئيس أركان الجيوش الفرنسية، إن الجزائر «تبذل جهوداً جبارة» من خلال تكييف التشكيلات العسكرية على كامل حدودها، بهدف إرساء موجبات الاستقرار في بلدان الفضاء المتوسطي. وأعرب عن أمله في التطرق لإشكالية المفاوضات ضمن الفوج الجزائري - الفرنسي، حول مواقع التجارب النووية، والتجارب الأخرى بالصحراء الجزائرية. ووفق بيان لوزارة الدفاع الوطني، فقد أجرى الطرفان «محادثات تناولت حالة التعاون العسكري بين البلدين، كما تبادلا التحليلات ووجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك». في غضون ذلك، أعلن قصر ماتينيون، أمس، أن رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستيكس، سيزور الجزائر بعد غد (الأحد)، في خطوة جديدة في التقارب الثنائي، الذي بدأه الرئيسان إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون. وسيترأس كاستيكس، بشكل مشترك، مع نظيره عبد العزيز جراد، اللجنة الحكومية رفيعة المستوى، وهي الهيئة التي تجتمع بانتظام لتقييم التعاون الاقتصادي بين البلدين بشكل خاص. لكن هذه اللجنة لم تنعقد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017، بسبب الحراك الشعبي، الذي أدى إلى سقوط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019، ثم بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بـ«كوفيد – 19». وقالت أوساط كاستيكس، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن «زيارة رئيس الوزراء تندرج في إطار إعادة تفعيل العلاقة، التي يريدها الرئيسان»، مشيداً بـ«إطار التقارب» بين البلدين. وهي الزيارة التي تأخرت بسبب دخول الرئيس الجزائري مرتين إلى المستشفى في ألمانيا نهاية 2020 ومطلع 2021. لكن تم تحديد موعدها أخيراً، رغم الموجة الجديدة من الوباء التي تشغل الحكومة وتعقد أي زيارة دولية. وأشار أحد المصادر في ماتينيون إلى أن جان كاستيكس يرغب في إبقاء الزيارة في موعدها «كدليل على التزام فرنسا، والقيام ببادرة صداقة تجاه الجزائر». وقال إن «الرئيسين أطلقا استئناف العلاقات الفرنسية - الجزائرية في جو جديد من الثقة. وهذا يجب أن يترجم عبر استئناف الاتصالات الثنائية، خصوصاً عبر اللجنة الحكومية». وستشكل هذه الزيارة أول رحلة في إطار علاقات ثنائية فعلية لكاستيكس، منذ توليه مهامه في يوليو (تموز) 2020، وسيبحث خلالها رئيسا الوزراء «جميع جوانب العلاقات الثنائية»، الاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية، وسيوقعان اتفاقيات في «بعض مجالات التعاون»، حسبما ذكرت مصادر في باريس، من دون أن تضيف أي تفاصيل. ومع اقتراب الذكرى الستين لانتهاء الحرب الجزائرية (19 مارس/آذار 1962)، واستقلال الجزائر (5 يوليو 1962) قام إيمانويل ماكرون بسلسلة من «الأعمال الرمزية» من أجل «التوفيق بين الذكريات»، ورسم التطبيع في علاقة تظل معقدة وعاطفية. واعترف خصوصاً «باسم فرنسا» بأن المحامي والزعيم الوطني علي بومنجل «تعرض للتعذيب والاغتيال»، من قبل الجيش الفرنسي، وقرر تسهيل الوصول إلى الأرشيفات السرية الخاصة بالحرب الجزائرية. من جهتها، تطالب الجزائر بإعادة الأرشيفات المرتبطة بالاستعمار، وكشف مصير الجزائريين الذين اختفوا خلال الحرب، ودفع تعويضات لضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5088268-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D9%8A%D9%8F%D8%AE%D9%84%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%B7%D9%89-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84%D8%A7%D8%AA
مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»
مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)
دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها واضطرت إلى التخلي عن كثير من الأشياء. مثلما فعلت فرح عدنان.
استبدلت فرح ذات الـ20 عاماً، وسائل نقل عامة، (ميكروباص ومترو)، بـ«أوبر» عند ذهابها إلى الجامعة في حلوان (جنوب القاهرة)، بينما تقطن في هضبة المقطم ويبعدان عن بعضهما نحو 26 كيلومتراً؛ إذ لم تعد أسرتها قادرة على تحمل أكثر من 200 جنيه في الرحلة الواحدة (الدولار الأميركي 49.66 جنيه).
وارتفعت أسعار وسائل النقل متأثرة بزيادة أسعار المحروقات بنسب تصل إلى 17 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
تحاول فرح التي تدرّس اللغة الفرنسية، مقابل نحو 25 ألف جنيه في العام الواحد، التأقلم مع استهلاكها ضِعف الوقت في الطريق وانتظامها في طابور طويل انتظاراً للميكروباص وعودتها مرهقة.
ويرى الخبير الاقتصادي رشاد عبده، في محاولات فرح وغيرها التأقلم مع الأسعار بحيل مختلفة، إعادة تشكيل للنمط الاستهلاكي للطبقة الوسطى، التي تتكون من «الموظفين وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين وغيرهم من أصحاب المهن».
وتكمن أهمية هذه الطبقة، وفق حديث عبده لـ«الشرق الأوسط»، في أنها ذات قدرة على الاكتفاء في الخدمات، يدرسون في جامعات ومدارس خاصة ويقصدون مستشفيات خاصة، وفي الوقت نفسه هم الطبقة المستهلكة للسلع والخدمات؛ لذا يمكن قياس النمو الاقتصادي للدولة من خلالها، لكن مع «التضخم، أصبحت عُرضة للتآكل».
وسجل التضخم على أساس سنوي في أكتوبر الماضي 26.3 في المائة في ظل صعود له منذ أغسطس (آب) الماضي حين سجل 25.6 في المائة.
وتتراكم الأزمة الاقتصادية بالبلاد منذ سنوات؛ ما دفع الحكومة إلى اقتراض مليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي في عام 2016 ثم في عام 2022، مقابل تحرير سعر الصرف وتقليص الدعم.
وتأزم الموقف أكثر في ظل الأوضاع الإقليمية وخسائر قناة السويس جراء حرب غزة. وأصبح الغلاء وعدم القدرة على مجابهة الأسعار حديث المصريين على «السوشيال ميديا».
وضحّت أسر الطبقة الوسطى، بنمطها السابق في الطعام، فأصبحت سمر أمين (35 عاماً) تكتفي بتقديم البروتين لأسرتها مرة واحدة أسبوعياً. تقول وهي تقيم في المعادي (جنوب القاهرة) لـ«الشرق الأوسط» إنها والأمهات في «غروب الماميز» (خاص بأولياء الأمور)، يتندرن على رفاهية تقديم البيض واللبن لأطفالهن حالياً.
أما الصحافية نرمين عبد المنعم (اسم مستعار)، فتحاول هي الأخرى أن تنجو من ارتفاع الأسعار بحيل تغيير نوعيته مع الحفاظ على القيمة الغذائية، فاستبدلت الفراخ والأسماك باللحم.
ويبلغ متوسط سعر كيلو اللحم 400 جنيه، مقابل متوسط 100 جنيه للسمك البلطي والمرجان و80 جنيهاً لكيلو الفراخ، حسب بورصة الدواجن. ويشير رئيس شعبة القصابين (الجزارين) في غرفة القاهرة التجارية مصطفى وهبة لـ«الشرق الأوسط»، إلى تراجع استهلاك المصريين للحوم في آخر عامين بنسبة 30 في المائة؛ ما تسبب في ركود بالقطاع.
الأمهات في الطبقة الوسطى أصبحن على موعد مع عملية حسابية دقيقة بداية كل شهر لوضع خطة للإنفاق، وأملهن مثل سمر، أن تصمد هذه الخطة لنهايته، لكن «مرض طفل واحد كفيل أن يطيح بها». وتشير إلى أن تكلفة زيارة الطبيب بالعلاج 1000 جنيه على الأقل، وهي لا تفضّل الاقتراض فتختار التقشف.
ويشبّه الخبير الاقتصادي رشاد عبده ربة المنزل في الطبقة المتوسطة بـ«وزير المالية»، تحاول تكييف الميزانية على دخل الأسرة الذي يتسم بالثبات عادة.
وتحدد مؤسسة «فيتش سوليوشنز»، إحدى مؤسسات «مجموعة فيتش للتصنيف الائتماني»، الطبقة الوسطى بأنها الطبقة التي يزيد دخل الأسرة فيها على 5 آلاف دولار خلال العام، أي نحو 20 ألفاً و500 جنيه شهرياً.
لدى أسرة إيمان عبد الله دخل يلامس هذا الحد، وليس لديها سوى طفل واحد، فيفترض أن تكون قدرتها على التكييف أفضل من غيرها، لكن بند إيجار المنزل في ميزانيتها يبتلع ثلثها، وينقلها من شقة إلى أخرى بمستوى أقل ومقابل مادي أكبر، في غضون مدد قصيرة، فتعيش قلقاً دائماً.
ينتاب نرمين قلق أيضاً، لكن لعجزها عن اتخاذ أي قرارات طويلة الأمد، مثل نقل نجلها إلى مدرسة أفضل أو الاشتراك له في نشاط ترفيهي؛ خوفاً من أن تخذلها الأسعار مستقبلاً.
ويعدّ القلق، وفق الباحث الاجتماعي عصام فوزي، سمةً أساسية للطبقة المتوسطة ذات الطموح الدائم للصعود الاجتماعي، لكنها تشهد الآن «مرحلة غير مسبوقة من التراجع».
طبقة وسطى... حتى حين
ولا يعتبر فوزي، مصطلح الطبقة الوسطى في عمومه دقيقاً، بل يجب وضعه في سياق، فلكل عصر طبقته الوسطى التي ليست بالحتمية، واحدة، مثلاً في الخمسينات، كانت تتشكل من كبار موظفي الدولة وأصحاب الأملاك والمتعلمين من الأساتذة والأطباء، وبعد الانفتاح تراجعت قيمة العلم لصالح «الفهلوة» فبرزت طبقة وسطى من صغار رجال الأعمال، ومن استطاعوا تحقيق مكاسب سريعة.
ويرى الآن موظفي الدولة يتراجعون مع التوجه لتقليص الدولاب الحكومي، وكذلك طبقة أصحاب المشاريع، يقول: «من لديه مبلغ يفضل أن يضعه في البنك ويعيش من فائدته بدلاً من المضاربة به في وضع اقتصادي غير مستقر».
ويصف فوزي هذه الطبقة حالياً بأنها مهلهلة، وعُرضة للهبوط إلى الفقر... ويتفق معه الخبير الاقتصادي رشاد عبده، قائلاً إنها تواجه التآكل بسبب «ارتفاع الأسعار المستمر، وثبات الأجور أو زيادتها بقدر لا يستوعب الزيادة في الأسعار».
وأشار عبده إلى الفارق بين الدخل النقدي والدخل الحقيقي في القدرة الشرائية للأموال، موضحاً أن الزيادة في الأول بقدر لا يقابل الزيادة في أسعار السلع والخدمات، يعني انخفاض الدخل الحقيقي.
ووفق تقرير «فيتش سوليوشنز» في أكتوبر من عام 2023، فإن الطبقة الوسطى، تراجعت نحو 65 في المائة، من 34.2 في المائة من الأسر في 2022 إلى 12.1 في المائة من إجمالي الأسر في 2023.
تشبث بـ«التعليم» وهجر لـ«الرياضة»
وأملاً في النجاة؛ تتشبث الطبقة الوسطى بالتعليم. قلّصت سمر من مائدتها، لكنها تحرص على عدم التقصير في مدارس نجليها، فألحقتهما بمدارس قومية، وهي حكومية مميزة بمصاريف تصل إلى 25 ألف جنيه في العام الواحد.
الأمر نفسه بالنسبة لإيمان، رغم أن نجلها دون سن المدرسة، تضطر إلى تركه في حضانة تكلفها 2000 جنيه.
وبخلاف توفير فرص جيدة للتعليم، فشلت الأمهات الثلاث في إلحاق أبنائهن برياضة، رغم إيمانهن بأهميتها لأجسادهم، فأقل رياضة تتكلف 300 جنيه في الشهر للطفل الواحد، بخلاف مصاريف التمرين من مواصلات وملابس وطعام وغيره، حسب سمر.
ومثل كل البنود الأخرى في ميزانية الأسر، تأثر بند الملابس، الذي لا يخضع للفصول السنوية من صيف وشتاء أو الأعياد، لكن للضرورة، وتعتمد الأسرة على تبديل الملابس بين الأطفال، فيستخدم الطفل الأصغر ملابس أخيه أو قريب له لم تعد مناسبة لمقاسه، وهكذا.
الدولة تتدخل
وتحاول الحكومة تخفيف وقع الأزمة، بمبادرات لتوفير السلع بأسعار مخفضة في مواسم معينة، مثل «أهلاً رمضان»، و«أهلاً مدارس»، وأخرى في أماكن معينة على مدار العام، وتشهد إقبالاً متزايداً من طبقات اجتماعية مختلفة ليس الفقراء فقط، حسب ما أكده بائع في منفذ بمنطقة الهرم (شمال محافظة الجيزة).
ويرى أحد الخبراء، أن هذه المبادرات لها هدف اقتصادي في تخفيف العبء على المواطن، وآخر سياسي لاستيعاب الغضب المتصاعد داخل الطبقة الوسطى؛ حرصاً على الاستقرار.