واشنطن تنظم استخدام «الطائرات من دون طيار» المدنية وتبقي سرعتها دون 160 كيلومترا

أوباما يوافق على تقييد «الدرون» التجاري بعد شهر من حادثة البيت الأبيض

صورة أرشيفية لبدء انطلاق طائرات الدرون في الخدمة التجارية (أ.ب)
صورة أرشيفية لبدء انطلاق طائرات الدرون في الخدمة التجارية (أ.ب)
TT

واشنطن تنظم استخدام «الطائرات من دون طيار» المدنية وتبقي سرعتها دون 160 كيلومترا

صورة أرشيفية لبدء انطلاق طائرات الدرون في الخدمة التجارية (أ.ب)
صورة أرشيفية لبدء انطلاق طائرات الدرون في الخدمة التجارية (أ.ب)

بعد قرابة شهر من سقوط طائرة «درون» (من دون طيار) صغيرة في فناء البيت الأبيض، والتحقيق مع شخص قال إنه من هواة «درون»، أثار ضجة أثيرت بسبب أخطار «درون» الأمنية، أعلن الرئيس باراك أوباما، أمس، موافقته على مسودة قانون ينظم طيران هذا النوع من الطائرات.
وقال بيان أصدره البيت الأبيض باسم وكالة الطيران الاتحادية (إف إيه إيه) إن القانون، إذا أجيز، سيبدأ العمل به خلال عامين.
حسب مشروع القانون يجب أن تحلق هذه الطائرات على ارتفاعات منخفضة جدا. ويجب ألا يزيد وزنها على 55 رطلا (20 كيلوغراما تقريبا). واقترحت وكالة الطيران المدني الأميركية أمس أن يحصل من يستعملون طائرات من دون طيار لأغراض تجارية على شهادة خاصة للطيران، وأن يبقوا بعيدا عن المشاة، وأن يقتصر استعمال تلك الطائرات على أوقات النهار.
وتقضي مسودة اللائحة التي طال انتظارها بتقييد السرعة إلى نحو 160 كيلومترا في الساعة (مائة ميل في الساعة) والارتفاع إلى 500 قدم (5.‏152 متر تقريبا) فوق مستوى الأرض.
وسريعا، صدرت بيانات ترحيب بمشروع القانون من منظمات تمثل الآلاف من الشركات التي تريد استخدام طائرات من دون طيار للتصوير، أو الأبحاث، أو الزراعة، أو المراقبة. وكانت هناك اقتراحات تطلب من قائد الطائرة من دون طيار الحصول على رخصة، والسفر لفترة محددة في طائرة عادية. لكن، قال مدير «إف إيه إيه» إن الاقتراح يحتمل أن يكون مكلفا. واقترح أن الطيار، بدلا من ذلك، يجب أن يجتاز اختبارا مكتوبا في مركز التدريب على الطيران. ورفضت الوكالة أن يكون الاختبار في الإنترنت.
ورفضت، أيضا، طلبات من عمالقة التكنولوجيا الأميركية، مثل «أمازون» و«غوغل» أن تكون الارتفاعات الجوية المسموح بها 500 قدم تقريبا، وذلك لاستخدامها في نقل كتب، أو معدات صغيرة. لهذا، سوف تضطر هذه الطائرات للبقاء تحت ارتفاع أقل، يسمح لطيارها أن يراها بالعين المجردة. وتمنع «إف إيه إيه» الرحلات الجوية ليلا، وحمل أي شحنة إضافية. بالإضافة إلى بيان «إف إيه إيه»، أصدر البيت الأبيض بيانا عن خصوصية الطائرات من دون طيار، بهدف حماية الأمن العام، وبهدف حماية خصوصية الآخرين. ودعا البيان الوكالات الاتحادية لتنسيق السياسات والإجراءات لجمع البيانات، ولاستخدامها، وللاحتفاظ بها، ولنشرها.
ودعا البيت الأبيض ألا تستخدم طائرات من دون طيار «بأي طريقة من شأنها أن تنتهك التعديل الأول للدستور (حرية الرأي)، أو بأي طريقة من شأنها أن تنطوي على تمييز ضد الأشخاص على أساس العرق، أو الجندر، أو الميول الجنسية، أو الأصل القومي، أو الدين، أو الهوية الجنسية».
وتشمل المذكرة، أيضا، شروطا على الرقابة والشفافية. وتشمل، أيضا، مراجعة دورية لتلك السياسات.
وفي الشهر الماضي، أصدرت الشرطة السرية بيانا قالت فيه إنها عثرت على طائرة «درون» طولها قدمان في فناء البيت الأبيض. وحسب البيان: «سمع واحد من ضباط الشرطة السرية، وشاهد، جهازا مروحيا رباعيا، طوله نحو قدمين، يحلق على ارتفاع منخفض جدا، ثم يتحطم في الجانب الجنوبي الشرقي من المبنى الرئيسي».
في وقت لاحق، أعلنت «إف إيه إيه» أنها تدرس إصدار قانون ينظم هذا النوع من الطائرات. في العام الماضي، وقعت حوادث طائرات «درون» مماثلة في واشنطن. وتحظر «إف إيه إيه» الطائرات فوق البيت الأبيض، والكونغرس، و«ناشيونال مول» (الميدان الوطني) بالقرب منهما.
وقال بريندان شولمان، محام في نيويورك متخصص في القانون التجاري الخاص بطائرات «درون»، بأن أغلبية هذه الطائرات تزن أقل من 3 أرطال (نحو كيلوغرام واحد)، يمكن شراؤها بتكلفة بين مائتين وثلاثمائة دولار.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.