تنظيم داعش يتمدد بعيدًا عن قاعدته

مخاوف من تورط أميركي في صراع متعدد الجبهات وطويل الأمد

تنظيم داعش يتمدد بعيدًا عن قاعدته
TT

تنظيم داعش يتمدد بعيدًا عن قاعدته

تنظيم داعش يتمدد بعيدًا عن قاعدته

بدأ تنظيم داعش في التوسع متجاوزا حدود قاعدته في سوريا والعراق، ليقوم بإنشاء أفرع له في أفغانستان، والجزائر، ومصر، وليبيا، حسبما أفاد مسؤولون استخباراتيون أميركيون، وهو ما ينذر بشنّ حرب عالمية جديدة على الإرهاب.
ويتراوح عدد مقاتلي التنظيم في سوريا والعراق بين 20 ألفا و31.5 ألف، بحسب تقديرات مسؤولي الاستخبارات. وتم الإعلان عن بيعات تأييد رسمية «مما لا يقل عن بضع مئات من المتطرفين» في دول مثل الأردن، ولبنان، وتونس، واليمن، وفقا لمسؤول مكافحة إرهاب أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشته معلومات سرية بشأن التنظيم.
من جانبه، قال الفريق فنسنت ستيوارت، مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، في تقييم صدر الشهر الحالي، إن تنظيم داعش «بدأ يضع بصمة يتزايد وضوحها على الساحة الدولية». واتفق نيكولاس راسموسين، مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب، مع تحليل الفريق ستيوارت في شهادته التي أدلى بها أمام الكونغرس الأسبوع الماضي.
ولكن لم يتضح مدى فعالية مثل هذه الأفرع، أو إلى أي مدى يمكن اعتبار الانضمام إلى تنظيم داعش فرصة يستغلها المتطرفون الجدد لإعادة تقديم أنفسهم أملا في تجنيد أعضاء جدد عن طريق استغلال شهرة تنظيم داعش سيئ السمعة.
ويخشى المعارضون من أن تؤدي هذه التقييمات إلى تورط الولايات المتحدة مرة أخرى في صراع متعدد الجبهات، وطويل الأمد، حيث طلب الرئيس أوباما من الكونغرس الحصول على تفويض يتضمن صلاحيات جديدة لشنّ حرب على تنظيم داعش. وقال آدم شيف، عضو مجلس النواب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، والعضو البارز في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب «لا أرغب في أن أقدم شيكا آخر على بياض يبرر استخدام القوات الأميركية في أي مكان».
وتسبب الانتشار المفاجئ لأفرع تنظيم داعش والمسلحين التابعين له في ممارسة البيت الأبيض لضغوط بهدف منح أوباما وخلفه تفويضا جديدا من أجل مطاردة التنظيم أينما ظهر له أتباع، تماما مثلما فعل جورج بوش الابن في مطاردته لأفرع تنظيم القاعدة خارج مقرات التنظيم، التي كانت موجودة في البداية في أفغانستان ثم في باكستان، على مدى العقد الماضي.
قال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، يوم الأربعاء «لا نريد أن يتكون انطباع لدى أي شخص ينتمي لتنظيم داعش بأنه إذا انتقل إلى بعض الدول المجاورة، فسيكون في مأمن ولن يكون في نطاق نفوذ الولايات المتحدة الأميركية».
وكان تنظيم داعش قد بدأ في الحصول على البيعة من تنظيمات ومقاتلين أفراد بعد إعلانه تأسيس «دولة الخلافة» في شهر يونيو (حزيران) عام 2014. ويقول محللون في مكافحة الإرهاب إنه يستخدم هيكل تنظيم القاعدة من أجل توسيع نطاق تأثيره الجغرافي، ولكن دون الالتزام الصارم بطريقة التنفيذ التي اتبعها تنظيم القاعدة والتي استغرقت عدة سنوات. ويمكن لهذه الطريقة أن تسمح بنمو الأفرع بشكل أسرع وأسهل وعلى نطاق أوسع.
من جانبه، يقول ستيفن ستالينسكي، المدير التنفيذي لمعهد البحوث الإٍعلامية في الشرق الأوسط، والذي يراقب وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية الناطقة باللغة العربية «انتقلت الفصائل التي كانت في وقت ما جزءا من تنظيم القاعدة والتي كانت تابعة له وكذلك الجماعات الموالية له أو التي كانت تتبع نهجه بشكل ما، إلى ما ينظرون إليه حاليا على أنه التنظيم المنتصر».
وثبتت جاذبية تنظيم داعش، حتى في الغرب، عندما أعلن أحمدي كوليبالي، وهو أحد المسلحين اللذين نفذا الهجمات الإرهابية في باريس، مبايعته لهذا التنظيم.
كانت طائرة من دون طيار أميركية قد قتلت خلال الأسبوع الماضي الملا عبد الرؤوف خادم، أحد قادة حركة طالبان السابقين في أفغانستان، والذي كان قد أعلن البيعة لتنظيم داعش وبدأ مؤخرا في تجنيد مقاتلين، لكن هذه البيعة تبدو مؤشرا على وجود انقسام داخل حركة طالبان، أكثر من كونها مؤشرا على توسع كبير لتنظيم داعش في أفغانستان.
كما أنه لا يوجد ما يؤكد استيلاء تنظيم داعش على أراض في أفغانستان، رغم أن التنظيم أعرب عن اهتمامه بكل من أفغانستان وباكستان، وتشير تقارير إلى أنه بعث رسلا بهدف استقطاب عناصر من هناك.
وظل قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن يستخدمون لهجة غير تصادمية لإخفاء حقيقة وجود اختلافات مستعرة مع تنظيم داعش وزعيمه أبو بكر البغدادي؛ غير أن حدة التوترات وصلت إلى ذروتها في شهر نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي عندما أعلن أحد فصائل «القاعدة» البيعة للبغدادي.
ربما يتحول أي تفويض لاستخدام القوة العسكرية الأميركية ضد تنظيم الدولة إلى غطاء للتدخل في ليبيا، حيث أعلنت التنظيمات المسلحة العاملة هناك البيعة لتنظيم داعش، وحصلت على اعتراف عام باعتبارها «أقاليم» تابعة لدولة الخلافة المفترضة. ورغم عدم وجود أدلة أو ربما بعض الأدلة القليلة على أن قادة تنظيم داعش في سوريا والعراق يسيطرون عمليا على أقاليمه الموجودة في شمال أفريقيا، فإن نفوذ التنظيم واضح بالفعل من خلال عملياته ومن خلال زعزعة استقرار الدول الموجودة حوله. وتضمن بيان صادر عن التنظيم منتصف الأسبوع الماضي صورة للمسلحين التابعين لفرع التنظيم في ليبيا وهم يقتادون 20 أسيرا مسيحيا مصريا يرتدون القمصان برتقالية اللون، التي يرتديها أسرى تنظيم داعش، وهو ما يدل على وجود درجة من درجات التواصل على الأقل.
* خدمة «نيويورك تايمز»



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).