تفاصيل عملية إنقاذ رهائن فاشلة من أيدي «داعش»

منفذو العملية ربما تحركوا بعد نقل الرهائن بيوم أو اثنين.. والمهمة جرى إطلاقها دون توافر معلومات استخباراتية تؤكد وجودهم

الرهينة كايلا مولر أعلن عن موتها الأسبوع الماضي بعد إرسال المسلحين صور جثتها لأسرتها (واشنطن بوست)
الرهينة كايلا مولر أعلن عن موتها الأسبوع الماضي بعد إرسال المسلحين صور جثتها لأسرتها (واشنطن بوست)
TT

تفاصيل عملية إنقاذ رهائن فاشلة من أيدي «داعش»

الرهينة كايلا مولر أعلن عن موتها الأسبوع الماضي بعد إرسال المسلحين صور جثتها لأسرتها (واشنطن بوست)
الرهينة كايلا مولر أعلن عن موتها الأسبوع الماضي بعد إرسال المسلحين صور جثتها لأسرتها (واشنطن بوست)

مساء الخميس الموافق 26 يونيو (حزيران) الماضي، بعث البنتاغون بخطة جريئة لإنقاذ رهائن إلى البيت الأبيض للحصول على الموافقة عليها. تبعا للخطة المقترحة، كان من المقرر توجيه العشرات من قوات العمليات الخاصة إلى داخل سوريا ليلا في ضوء القمر وفي قلب المناطق التي يسيطر عليها «داعش» لإنقاذ 4 أميركيين يحتجزهم مسلحو التنظيم. وبالفعل، جرت عملية إنزال القوات بعد نحو أسبوع بالضبط لاحقا، لكن قوات الكوماندوز التي هرعت عبر طلقات النار داخل السجن المستهدف لم يعثروا سوى على وجبات طعام تم تناول نصفها وخصلة شعر.
بحلول نهاية العام، كان «داعش» قد قتل بوحشية 3 من الأميركيين، ونشر صور قطع رؤوسهم عبر الإنترنت. أما الرهينة الأخيرة، وهي المرأة الوحيدة بينهم، وتدعى كايلا مولر، فقد أعلن عن موتها الثلاثاء الماضي بعد إرسال المسلحين لصور جثتها لأسرتها.
وقد أثارت هذه الأنباء تساؤلات مؤلمة حول ما إذا كان من الممكن بذل المزيد من الجهود لإنقاذ هؤلاء الرهائن. كما انتقد أقارب الضحايا المكلومون، الذين اتهم بعضهم الإدارة بالانتظار لفترة طويلة للغاية قبل الشروع في تنفيذ عملية إنقاذ، سياسة عدم التفاوض التي تتمسك بها الولايات المتحدة تجاه خاطفي الرهائن. من جهتها، اعترفت الإدارة أنه كان باستطاعتها بذل مجهود أكبر عبر التواصل مع أسر الرهائن رغم استمرار رفضها لسياسة دفع فدية، وأطلقت عملية مراجعة بقيادة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب.
إلا أن بعض من شاركوا في مهمة الإنقاذ يعتقدون أن البيت الأبيض نفسه يتحمل جزءا على الأقل من اللوم عن إخفاق المهمة، حيث يثيرون اتهامات حول حدوث تأخير في طرح الخطة على مكتب أوباما، وبالتالي تأخر القائمين بعملية الإنقاذ عن الرهائن بفارق أيام قليلة، بل وربما ساعات.
وخلال مقابلات مع «واشنطن بوست» وشهادات أخرى منشورة، قال عدد من مسؤولي الاستخبارات والمسؤولين العسكريين الأميركيين إن إحباطهم من فشل المهمة اختلط بإحباطهم من عملية صنع القرار.
وقد اعترف أوباما ذاته خلال مقابلة إعلامية بأن منفذي العملية «ربما تحركوا بعد نقل الرهائن بيوم أو اثنين»، لكنه استطرد بأنه من غير الدقيق «القول بأن حكومة الولايات المتحدة لم تفعل كل ما بوسعها».
ونفى مسؤولون بارزون بالإدارة بشدة حدوث أي تأخير في الموافقة على خطة الإنقاذ، خاصة بمجرد وصولها البيت الأبيض.
وأكد 4 مسؤولين بارزين شاركوا مباشرة في صنع القرار بخصوص الخطة، وكذلك الكثير من المسؤولين الآخرين المقربين من الأمر، على أن عملية التخطيط والموافقة والتنفيذ جرت بسرعة بالغة.
ولإثبات وجهة نظرهم، كشف المسؤولون عن تفاصيل جديدة بخصوص مهمة الإنقاذ، التي بمجرد فشلها توقفت خطوات الإعلان عنها.
من بين هؤلاء، سوزان رايس، مستشارة الأمن الوطني لأوباما: «بالنسبة لنا، تبدأ الساعة في العمل بمجرد أن يخطرونا بوجود عملية بحاجة لمراجعة الرئيس والموافقة عليها». وأضافت أن الساعة بدأت العمل بخصوص إنقاذ جيمس فولي وستيفن سوتلوف وبيتر كاسيج وكايلا مولي «الجمعة وانتهت مساء السبت» عندما وافق الرئيس عليها خلال اجتماع مع كبار مستشاريه.
وأكدت رايس أنه «لا يمكن أن يحدث الأمر أسرع من ذلك... خاصة بالنظر لمستوى تعقيد المخاطرة».
علاوة على ذلك، فإنه بينما عثر منفذو مهمة الإنقاذ على أدلة بالموقع المستهدف توحي بأن الرهائن كانوا به، فإن المهمة جرى إطلاقها من دون توافر معلومات استخباراتية تؤكد وجودهم. من جانبه، أعرب نائب مستشار الأمن الوطني بالبيت الأبيض بين رودز عن اعتقاده أنه «بصراحة، لقد اتخذ الرئيس قرارا ينطوي على مخاطرة كبرى. في بعض الجوانب، يحمل هذا القرار مخاطرة أكبر عن عملية بن لادن».
وأفاد مسؤول رفيع المستوى بالبنتاغون بأن «إنقاذ الرهائن أصعب أمر نقوم به، إنه يبلغ ضعف صعوبة ضبط سجين» داخل بيئة أجنبية معادية، مثلما فعلت قوات العمليات الخاصة مرارا بنجاح خلال إدارة أوباما.
وأضاف أنه لو تعرض السجين المستهدف للقتل أثناء العملية «لا يعد هذا بالأمر الكبير».
وقد انتهى الحال بأسامة بن لادن مقتولا، بغض النظر عما إذا كان هذا جزءا من الخطة أم لا. كما انتهى الحال باثنين من المشتبه فيهم تم ضبطهما في إطار غارات أميركية في ليبيا - نزيه عبد الحميد الرقيعي (أبو أنس الليبي) عام 2013، وأحمد أبو ختالة عام 2014 - في السجون الأميركية.
إلا أن تنفيذ مهمة إنقاذ أمر مغاير تماما. وتبعا لما ذكره عدد من المسؤولين المشاركين في مثل هذه العمليات، فإن دراسة العملية تبدأ بتقدير مستوى التأكد من موقع الرهائن. وأفاد مسؤولون بأنه كانت هناك حالة واحدة فقط من بين محاولات وعمليات الإنقاذ الناجحة التي جرت في السنوات الأخيرة، كان هناك معرفة مطلقة خلالها بموقع الرهينة وظروف أسره.
وتعد عملية إنقاذ عاملة الإغاثة الأميركية جيسيكا بوشانان وزميلها الدنماركي في يناير (كانون الثاني) 2012، يسيرة نسبيا، نظرا لتوافر استخبارات برية كبيرة وتأكيد البنتاغون لأوباما أنهم على ثقة كاملة من مكان احتجازها في براري شمال وسط الصومال. وكان البنتاغون على دراية بأن مقاتلي جماعة «الشباب» الذين يحتجزونها مسلحون تسليحا خفيفا ويفتقرون إلى التدريب الجيد وأنه لا تتوافر تعزيزات بالجوار لهم. وبالفعل، لم تستغرق عملية إنقاذها سوى بضع دقائق.
الخريف الماضي، نفذت قوات الكوماندوز الأميركية محاولتين لإنقاذ المصور الصحافي الأميركي لوك سمرز الذي اختطفته «القاعدة» في اليمن عام 2013.
* خدمة «واشنطن بوست»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.