واشنطن وبغداد تواصلان التعاون والتركيز على «تدريب» قوات الأمن لمواجهة «داعش»

إرجاء تحديد موعد مغادرة القوات الأميركية

جنود أميركيون في بغداد (رويترز)
جنود أميركيون في بغداد (رويترز)
TT

واشنطن وبغداد تواصلان التعاون والتركيز على «تدريب» قوات الأمن لمواجهة «داعش»

جنود أميركيون في بغداد (رويترز)
جنود أميركيون في بغداد (رويترز)

في ختام الحوار الاستراتيجي الثالث بين الولايات المتحدة وحكومة العراق، لم يصل الطرفان إلى موعد محدد لمغادرة القوات الأميركية من البلاد، على الرغم من التأكيدات الأميركية والعراقية مسبقاً بمغادرة القوات التي يزيد عددها عن 2500 جندي، إلا أن الطرفين أرجآ الموعد إلى اجتماع آخر في المستقبل، وركّزا على القضايا الأخرى التي تمحورت حول 5 ملفات، هي قضايا الصحة، وعودة الاستثمار، والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، والتعاون في مجالي الطاقة والمناخ، وأخيراً قضايا التعليم والثقافة.
وأفاد البيان الختامي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بأن الطرفين العراقي والأميركي جددا تأكيد العلاقة الثنائية بينهما، والمبادئ التي اتفق عليها البلدان في اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي أبرمت عام 2008، واحترام واشنطن سيادة العراق وسلامة أراضيه والقرارات ذات الصلة الصادرة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية في العراق.
وكان الحوار قد انطلق أمس برئاسة وزيري الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن والعراقي فؤاد حسين. وضم الوفد العراقي ممثلين لحكومة إقليم كردستان.
وفي مناقشة الأمن ومكافحة الإرهاب، أكد الطرفان من جديد نيتهما مواصلة التنسيق والتعاون الأمني الثنائي، وتأكيد وجود القوات الأميركية في العراق بدعوة من الحكومة العراقية، وذلك لدعم قوات الأمن العراقية في قتالها ضد «تنظيم داعش». بيد أن الطرفين أرجآ تحديد موعد مغادرة القوات الأميركية البلاد إلى وقت آخر.
وجاء في البيان: «بناء على القدرة المتزايدة لقوات الأمن العراقية، أكد الطرفان أن مهمة القوات الأميركية وقوات التحالف قد انتقلت الآن إلى التدريب والاستشارات العسكرية، وهذا سيسمح بإعادة انتشار أي قوات قتالية متبقية من العراق، مع تحديد التوقيت في المحادثات التقنية المقبلة بانتقال القوات الأميركية والقوات الدولية الأخرى من العمليات القتالية إلى تدريب وتجهيز ومساعدة قوى الأمن الداخلي، وهذا يعكس نجاح الشراكة الاستراتيجية، ويضمن دعم جهود قوى الأمن الداخلي، والمستمرة لضمان عدم تمكن (داعش) من تهديد استقرار العراق مجدداً».
وأكدت حكومة العراق من جديد التزامها بحماية أفراد التحالف الدولي وقوافله ومنشآته الدبلوماسية، مع التشديد على أن القواعد التي يوجد فيها أفراد القوات الأميركية والتحالف، هي قواعد عراقية، ووجودهم هو فقط لدعم جهود العراق في محاربة «داعش». ويعتزم البلدان مواصلة المحادثات من خلال اللجنة العسكرية المشتركة، لضمان توافق أنشطة التحالف الدولي مع احتياجات قوى الأمن الداخلي ودعمها بشكل مناسب، بما في ذلك قوات البشمركة.
وفي مجال الصحة والتجارة، أعادت الولايات المتحدة والعراق تأكيد شراكتهما الاقتصادية القوية، وذلك لمواجهة الآثار التي ترتبت على جائحة «كورونا»، وأثنت الولايات المتحدة على العراق لخطواته الأخيرة نحو الانضمام إلى اتفاقية نيويورك للتحكيم، وإدخال نظام التأشيرات عند الوصول لتعزيز التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي. كما ناقش البلدان زيادة التعاون لمكافحة جائحة «كوفيد 19».
وفي مجالي الطاقة والمناخ، أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لجهود العراق لإصلاح قطاع الطاقة، بحيث يحصل مواطنوه على كهرباء أرخص وأكثر موثوقية، ونقص أقل في الطاقة، مؤكدة دعمها للعراق في تنويع مصادر طاقته، من خلال بناء علاقات أوثق مع جيرانه في الأردن وفي دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال المضي قدماً في مشروعات ربط الشبكة الكهربائية.
كما أشار الوفدان العراقي والأميركي خلال المحادثات الاستراتيجية، إلى نيتهما المشتركة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية، والعمل معاً لتعزيز الطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ، بما في ذلك مع القطاع الخاص في الولايات المتحدة، من خلال تنفيذ المشروعات التي تعزز تنمية الطاقة النظيفة، وتحسين توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية وكفاءة الطاقة.
وأعادت الولايات المتحدة تأكيد احترامها سيادة العراق وسلامة أراضيه وحرية التعبير التي يكفلها الدستور العراقي، وناقش الوفدان أفضل السبل لحماية المتظاهرين السلميين، ونشطاء المجتمع المدني ومتابعة المساءلة القضائية. كما رحّب العراق بدعم الولايات المتحدة للانتخابات البرلمانية من خلال تمويل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق. وأكدت الولايات المتحدة مجدداً عزمها المستمر على دعم العراق في تقديم حلول دائمة للنازحين داخلياً تكون طوعية وآمنة وكريمة، وتحقيق مزيد من التقدم في مجال التعاون القضائي، واسترداد الأموال المسروقة، ومكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه.
وأخيراً في مجالي التعليم والثقافة، ناقش الطرفان دعم الولايات المتحدة لجهود العراق لتعزيز التعليم العالي، وذلك بالتعاون مع الجامعات الأميركية من خلال برنامج «فولبرايت»، ومبادرة الشراكة للتعليم العالي للسفارة الأميركية، والدعم الأميركي الموسع لمبادرة الجامعات المحررة.
وأضاف البيان: «في أغسطس (آب) الماضي عام 2020، حصلت الحكومة العراقية على أرشيف حزب البعث من الحجز الوقائي الموقت لمؤسسة هوفر، وساعدت وزارة الخارجية في ترتيب هذا النقل، وقامت وزارة الدفاع بنقل 6.5 مليون وثيقة إلى بغداد، من بينها ملفات العمل الخاصة بحزب البعث، والتي تعد جزءاً من تاريخ الشعب العراقي، ويمكن اعتبار عودتها إلى العراق ثمرة ملموسة للحوار الاستراتيجي الأميركي العراقي الأخير».
كما ناقش البلدان التقدم المحرز في منحة أميركية لمؤسسة «سميثسونيان» لمواصلة وتوسيع مشروع إنقاذ نمرود، الذي يدعم أهداف العراق في الحفاظ على التراث الثقافي.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.