الجيش التركي يسيّر دورية «منفردة» بإدلب وروسيا تقصف قرب «نقاطه»

TT

الجيش التركي يسيّر دورية «منفردة» بإدلب وروسيا تقصف قرب «نقاطه»

سيرت القوات التركية دورية منفردة جديدة على طريق حلب - اللاذقية جنوب إدلب وسط حالة من التوتر نتيجة قصف الطيران الحربي الروسي مناطق بالقرب من بعض نقاط المراقبة التابعة لها، في وقت قال فيه المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري إن بلاده وتركيا «شريكان مقربان للغاية في سوريا، ويمكنهما العمل معاً في هذا البلد».
وخرجت دورية عسكرية منفردة للقوات التركية، أمس، من القاعدة العسكرية في قرية ترنبة قرب سراقب في شرق إدلب، ووصلت حتى قرية عين الحور بريف اللاذقية، وهو المسار المتفق عليه للدوريات التركية - الروسية المشتركة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في موسكو في 5 مارس (آذار) 2020؛ حيث امتنعت القوات الروسية عن المشاركة في الدوريات منذ أغسطس (آب) الماضي بسبب الاستهدافات المتكررة للدوريات والاحتجاجات؛ من جانب «هيئة تحرير الشام» والأهالي الرافضين الوجود الروسي.
وحملت موسكو أنقرة المسؤولية عن عدم تأمين مسار الدوريات ووقف هجمات المجموعات المتشددة على جنودها وآلياتها، بموجب ما يقضي به اتفاق موسكو. وتزامنت الدورية التركية مع غارات جوية روسية على منطقة حرش بسنقول جنوب غربي إدلب، لليوم الثاني على التوالي، وقصف مدفعي لقوات النظام على قرى سفوهن والبارة وكنصفرة في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وشهدت أجواء إدلب تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي الروسي وطائرات الاستطلاع، تزامناً مع الدورية التي جاءت بعد ساعات من قصف الطائرات الروسية رتلاً عسكرياً مشتركاً من الجيش التركي والفصائل السورية المنضوية تحت «الجبهة الوطنية للتحرير» بالقرب من قرية بسنقول على طريق «إم 4» جنوب غربي إدلب، ما أسفر عن إصابات بين عناصر «الجبهة الوطنية للتحرير».
وتعد الدورية التركية الثانية خلال أسبوع واحد بعد دورية مماثلة جرى تسييرها في 30 مارس (آذار) الماضي. في غضون ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» على محور الدغلباش بريف مدينة الباب الغربي، في شرق حلب، بالتزامن مع قصف مكثف ومتبادل، وتدخلت القوات التركية في العمليات العسكرية، حيث قصفت بكثافة محاور القتال وسط تحليق لطيران مسير تركي في الأجواء، ومعلومات عن استهدافه مواقع «قسد» في المنطقة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوجود معلومات عن خسائر بشرية في صفوف الجانبين.
وفي الوقت ذاته، أصيب 3 من عناصر «قسد» بجروح متفاوتة، جراء القصف المدفعي التركي على مواقع بالقرب من صوامع الشركراك، شرق عين عيسى، بريف محافظة الرقة الشمالي، حيث تعرضت مناطق عدة خاضعة لسيطرة «قسد» إلى قصف مدفعي تركي، منذ صباح أول من أمس. ونفت مصادر عسكرية تركية، أمس، ما تناقلته وسائل إعلام مقربة من النظام السوري، عن مقتل وإصابة 11 جندياً تركياً بانفجار لغم أرضي في مدينة رأس العين شمال غربي محافظة الحسكة، والواقعة ضمن ما تسمى بمنطقة «نبع السلام» التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال شرقي سوريا. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية، عن المصادر أنه لا صحة لـ«مزاعم» بسقوط قتلى وجرحى من الجيش التركي جراء انفجار اللغم.
كانت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري أفادت، أول من أمس، بأن 4 جنود من الجيش التركي قتلوا، وأصيب 7 آخرون، بينهم إصابات خطيرة، في 3 انفجارات هزت ريف رأس العين ناتجة عن انفجار عدد من الألغام الأرضية بمجموعة من الجنود الأتراك ظهر الثلاثاء. إلى ذلك، قال المبعوث الأميركي الخاص السابق لسوريا جيمس جيفري، إن تركيا والولايات المتحدة «شريكان مقربان للغاية في سوريا، ويمكنهما العمل معاً في هذا البلد».
وأضاف جيفري، في مقابلة مع وكالة «الأناضول»، أمس، أنه واقعي في قضية صعبة للغاية مثل القضية السورية، وأن «من الضروري قراءة الحقائق الجديدة جيداً واتخاذ الموقف وفقاً لذلك، في حال عدم وجود حل كامل».
وبشأن المسار المحتمل للعلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، قال الدبلوماسي الأميركي، الذي سبق له العمل سفيراً لبلاده في أنقرة، إن أولوية بايدن في الوقت الراهن هي مكافحة وباء «كورونا»، والتوازنات السياسية الداخلية، والمنافسة مع الصين، وتغير المناخ، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «لا ترغب في تخصيص أموال وموارد عسكرية كثيرة للشرق الأوسط في الفترة المقبلة، لذلك ستعمل مع شركاء إقليميين في المنطقة»، مشيراً إلى أن «واشنطن تعمل بالتنسيق مع تركيا في ملفين مهمين في منطقة الشرق الأوسط؛ هما: إدلب في سوريا، وطرابلس في ليبيا».
وتابع أنه أوصى إدارة بايدن بالاستمرار في «سياسات واقعية» وتطبيق منهج وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، وكتلك التي اتبعتها واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، مشيراً إلى أن العلاقات التركية - الأميركية «ليست متقاربة الآن، إلا إنها تشهد فترة من الهدوء، وسوف تتجه نحو التحسن خلال الأشهر الـ6 المقبلة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».