تقرير جديد يشير إلى «تصاعد» انتهاكات قوات الحشد الشعبي في المناطق السنية بالعراق

«هيومان رايتس ووتش» تدعو حكومة العبادي للالتفات إلى «آفة الميليشيات»

تقرير جديد يشير إلى «تصاعد» انتهاكات قوات الحشد الشعبي في المناطق السنية بالعراق
TT

تقرير جديد يشير إلى «تصاعد» انتهاكات قوات الحشد الشعبي في المناطق السنية بالعراق

تقرير جديد يشير إلى «تصاعد» انتهاكات قوات الحشد الشعبي في المناطق السنية بالعراق

تصاعدت انتهاكات الميليشيات المتحالفة مع قوات الأمن العراقية، في المناطق السنية في الشهور الأخيرة، «وتم إجبار سكان على ترك منازلهم، وخطفهم وإعدامهم ميدانيا في بعض الحالات»، حسبما جاء في تقرير نشرته أمس منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تعنى بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك.
وحسب التقرير، فقد «فر ما لا يقل عن 3 آلاف شخص من منازلهم في منطقة المقدادية بمحافظة ديالى منذ يونيو (حزيران) الماضي، ومنعوا من العودة منذ أكتوبر» (تشرين الأول) الماضي، مشيرا إلى شهادات تفيد بأن قوات الميليشيات (الحشد الشعبي) والقوات الخاصة «قتلت 72 مدنيا في بلدة بروانة الواقعة في المقدادية أيضا».
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «يتعرض المدنيون في العراق لمطرقة (داعش)، ثم مطرقة الميليشيات الموالية للحكومة في المناطق التي يستعيدونها من (داعش). ومع رد الحكومة على من تعتبرهم إرهابيين بالاعتقالات التعسفية وعمليات التصفية، لا يجد السكان مكانا يلجأون إليه لالتماس الحماية».
وأفاد التقرير بأن المنظمة تحدثت مع 6 نازحين من سكان القرى القريبة من المقدادية، وقال خمسة منهم إنهم غادروا قراهم في البداية في يونيو ويوليو (تموز) الماضيين، إثر هجمات من ميليشيات «عصائب أهل الحق» ومقاتلين متطوعين والقوات الخاصة. وفي منتصف أكتوبر الماضي بدأ السكان في العودة إلى بيوتهم حين سمعوا بمغادرة الميليشيات للمنطقة، ليكتشفوا أنها أحرقت الكثير من المنازل. وبعد ذلك بقليل بدأ أفراد الميليشيات التي سيطرت على المنطقة في خطف السكان العائدين وإطلاق النار عشوائيا في الشوارع وفي الهواء من أسلحة آلية. ووصف السكان الذين أجريت معهم المقابلات عمليات خطف وقتل لثلاثة رجال بأيدي الميليشيات.
وحسب التقرير، فإن «الهجمات على شمال المقدادية تبدو كأنها جزء من حملة تشنها الميليشيات لتهجير السكان من المناطق السنّية والمختلطة، بعد نجاح الميليشيات مع قوات الأمن في دحر (داعش) من تلك المناطق». ونسب التقرير إلى هادي العامري، قائد فيلق «بدر» ووزير النقل في عهد الإدارة السابقة لنوري المالكي، «تهديده» سكان المقدادية بقوله إن «يوم الحساب قادم» و«سنهاجم المنطقة حتى لا يبقى منها شيء. هل رسالتي واضحة؟».
وتضيف المنظمة أن باحثيها «لاحظوا في أكتوبر ميليشيات تحتل منازل وتشعل فيها النيران في محيط آمرلي بمحافظة صلاح الدين، عقب انسحاب مقاتلي (داعش)». وفي 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أفادت صحيفة (وول ستريت جورنال) ووسائل إعلامية أخرى بأن الميليشيات تجري عمليات إخلاء وإخفاء وقتل في حزام بغداد بعد إجراء عمليات عسكرية ضد (داعش). وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أفادت وسائل إعلامية بأن الميليشيات ألقت القبض على آلاف الرجال في سامراء دون تصريح، ومنعتهم من العودة إلى منازلهم.
وقال ستورك: «يتعين على الحكومة العراقية وحلفائها الدوليين الالتفات إلى آفة الميليشيات التي تجتاح مناطق مثل المقدادية. وينبغي لأي رد فعال على (داعش) أن يبدأ بحماية أرواح المدنيين ومحاسبة من يسيء إليهم، خصوصا في المناطق التي تعرض الناس فيها بالفعل للمعاناة من احتلال (داعش) وهجماته».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم