دعا المجلس الرئاسي لحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية القوى السياسية والاجتماعية كافة إلى «الانخراط في مسارات (المصالحة الوطنية) لإخراج البلاد من أزمتها، وتذليل الصعاب التي تعترض هذه العملية من خلال الجهود الجماعية».
وجاءت تصريحات المجلس الرئاسي، عقب تدشين رئيسه محمد المنفي، رسمياً المفوضية العليا للمصالحة في ليبيا، بهدف العمل على إزالة الاحتقان والخصومات بين المدن الليبية، المترسبة منذ إسقاط الرئيس الراحل معمر القذافي قبل 10 أعوام من الآن.
ويرى متابعون أن مسار المصالحة في ليبيا تعترضه جملة من الأزمات السياسية القديمة، بعضها يتعلق بالحروب البينية بين بعض المدن عقب مقتل القذافي، والبعض الآخر يرجع إلى الموقف من «ثورة 17 فبراير (شباط)» تأييداً أو معارضة.
وتتشكل المفوضية العليا من رئيس وستة أعضاء يُناط بهم جبر الضرر وتحقيق العدالة بين الليبيين بما يكفله القانون. وقال محمد المُبشر، رئيس «مجلس أعيان ليبيا للمصالحة»، إن المصالحة «ليست كلاماً معسولاً، لكنها تحتاج إلى شجاعة ومصارحة واعتراف بالأخطاء، واعتذار وتعويض جميع الضحايا ومعالجة الآثار الإنسانية بالعدالة».
وفي أول تعليق على هذه الخطوة، رحب يان كوبيش، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، أمس، بإنشاء المجلس الرئاسي للمفوضية العليا، بهدف إطلاق عملية مصالحة وطنية، لتعزيز الوحدة والتسامح والعدالة وحقوق الإنسان، وترميم النسيج الاجتماعي بين مكونات المجتمع. مؤكدا «استعداد الأمم المتحدة لدعم السلطات الليبية في جهودها، والحاجة إلى عملية مصالحة شاملة قائمة على حقوق الإنسان، باعتبارها ضرورية لتأمين السلام الدائم والاستقرار والوحدة والازدهار».
وقال أحد مشايخ قبيلة ليبية، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «السلاح الموجود في حوزة بعض المدن والقبائل يعد أكبر التحديات أمام أي مصالحة مستقبلية»، مشيراً إلى أن «هناك آلاف الليبيين الذين أجبروا على النزوح من ديارهم وترك ممتلكاتهم تحت التهديد، فضلاً عن سقوط عشرات القتلى»، متسائلاً: «من سيعوض هؤلاء؟».
وأهاب المنفي بجميع الليبيين خلال اجتماع عقده لتدشين المفوضية، برفقة نائبيه عبد الله اللافي وموسى الكوني «اغتنام فرصة الأجواء الإيجابية التي تسود ليبيا للوصول إلى مناخ ملائم» لإطلاق عملية الانتخابات الرئاسية والنيابية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لافتاً إلى أنه أسس هذه المفوضية عملاً بمخرجات (ملتقى الحوار السياسي)، وما نتج عنه من تشكيل حكومة «وحدة وطنية»، و«ما أنجزه مجلس النواب من توافق بين جميع أعضائه على منح الثقة للحكومة».
وتابع المنفي مبرزا أن المفوضية العليا للمصالحة الوطنية «سترعى عملية توافق وطني، يقوم على التسامح والعدل وإزالة آثار الماضي، سعياً نحو تعايش سلمي بين مكونات المجتمع الليبي يضمن الانتقال إلى الديمقراطية».
من جانبه، رأى اللافي أن مشروع المصالحة الوطنية يعد «ركيزة أساسية لاستعادة الاستقرار في ليبيا»، وأوضح أن اللجان الفرعية «ستعمل على لقاء المواطنين في مدنهم، وستكون هناك لجنة لمناقشة وضع النازحين والمهجرين»، متوعداً بأن المجلس الرئاسي «لن يترك ملف المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية، وستتم إحالة جميع المتورطين للقضاء».
ولم يكشف إلى الآن عن من يترأس المفوضية؛ لكن اللافي شدد على أهمية اختيار الشخصيات التي ستعمل ضمن هذه المفوضية، ومدى قدرتها على تجاوز الصعوبات والعراقيل، متحدثاً عن تشكيل لجنة فنية واستشارية تعالج المسائل، التي قد يختلف عليها أعضاء المفوضية.
وبالنظر إلى تجذر الخلافات بين المدن الليبية، ذهب الكوني، إلى أن مدة عمل المفوضية «غير مرتبط بموعد الانتخابات الوطنية، وقد تستمر سنوات»، لكنه عبر عن آماله في أن تطوي صفحة الماضي، وتقضي على الخصومات بين جميع الليبيين.
في شأن قريب، قال أبو بكر سعيد، عضو مجلس النواب، إن وزارة الشؤون الاجتماعية كلفت لجنة فنية مكونة من 32 عضواً، وصلت ترهونة صباح أمس لتبدأ عملها بإجراء مسح شامل للتعرف على أوضاع أهالي ضحايا «المقابر الجماعية»، الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية، وإعداد قاعدة بيانات رسمية يتم إحالتها للجهات المختصة. ورأى أن هذه «خطوة طيبة لتوثيق عدد الضحايا، والبدء في إجراءات معالجة أوضاع ذويهم».
تحديات تحاصر المفوضية العليا لـ«المصالحة الوطنية» في ليبيا
الأمم المتحدة ترحب بإنشائها وتعرض الدعم
تحديات تحاصر المفوضية العليا لـ«المصالحة الوطنية» في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة