نشاط الاستخبارات الروسية ينتعش في أوروبا

الرئيس فلاديمير بوتين يضع باقة ورود على ضريح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف في موسكو فبراير الماضي (أ.ب)
الرئيس فلاديمير بوتين يضع باقة ورود على ضريح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف في موسكو فبراير الماضي (أ.ب)
TT

نشاط الاستخبارات الروسية ينتعش في أوروبا

الرئيس فلاديمير بوتين يضع باقة ورود على ضريح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف في موسكو فبراير الماضي (أ.ب)
الرئيس فلاديمير بوتين يضع باقة ورود على ضريح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف في موسكو فبراير الماضي (أ.ب)

اكتسبت أجهزة الاستخبارات الروسية سمعة قوية وشهد نشاطها في السنوات الأخيرة انتعاشاً في أوروبا، وهو اتجاه يُحاط للمفارقة بدعاية إعلامية ليشهد على استخدام التجسس في المعارك الدبلوماسية بين موسكو والغرب، حسبما كتبت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من باريس أمس.
فقد أعلنت إيطاليا الأسبوع الماضي طرد موظفَين روسيين بعد اعتقال ضابط في البحرية الإيطالية بالجرم المشهود وهو يسلم وثائق سرية إلى عسكري روسي. كما طُرد عدد من الدبلوماسيين الروس بتهمة التجسس في الأشهر الأخيرة من بلغاريا وهولندا والنمسا وفرنسا وجمهورية التشيك. وفي كل مرة، ردت موسكو بالمثل وشجبت اتهامات وصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة وتنمّ عن «كراهية لروسيا».
يقول مارك غاليوتي، مؤلف كتاب «لمحة تاريخية عن روسيا» إن «الاستخبارات الروسية تبنّت عقلية الحرب. إنها تعتقد أنها تخوض معركة وجودية من أجل الحفاظ على مكانة روسيا في العالم (...) تبلور هذا في عام 2014. الثورة في أوكرانيا كانت في نظر (الرئيس) فلاديمير بوتين عملية نفّذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وجهاز (إم آي 6) البريطاني». وهو ما يؤكده أندريه سولداتوف، رئيس تحرير موقع «أجنتورا.رو» الروسي المتخصص في شؤون الاستخبارات بقوله: «إنهم يعتقدون أن أي عمل غربي، مثل انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان أو عمل الصحافيين الأجانب، يمكن أن يؤدي إلى ثورة».
في الواقع، تذهب أجهزة الاستخبارات الروسية إلى ما هو أبعد من مجرد التجسس وإفساد المسؤولين الأجانب، وهي أعمال تشترك بها كل القوى العظمى. ففي عام 2018 تعرّض العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال لمحاولة اغتيال عبر تسميمه في لندن. في العام التالي، قُتل في برلين مقاتل سابق من المتمردين الشيشان على يد رجل يُشتبه في أنه تصرف بناءً على أوامر من موسكو. وحالياً، يتهم الغربيون روسيا بتسميم أليكسي نافالني بغاز الأعصاب نوفيتشوك.
وتشير الوكالة الفرنسية إلى أن نافالني نجا وجرى التعرف على مهاجمي سكريبال. ولم يكن يفترض أن تموت امرأة وأن يصاب شرطي بجروح خطيرة في الهجوم على سكريبال. بل الأسوأ من ذلك بالنسبة للاستخبارات الروسية، نجحت منصة الصحافة الاستقصائية «بلينغكات» في التعرف على عشرات العملاء، بعد اكتشاف ممارسات متكررة في إنشاء هويات مزيفة لعملاء الاستخبارات العسكرية وتلك الأمنية.
ويُبدي ميخائيل ليوبيموف، العقيد المتقاعد من جهاز «كي جي بي»، أسفه لـ«التدهور الآيديولوجي» للعملاء، ويشير إلى سياق جيوسياسي غير مواتٍ.
أما أندريه سولداتوف فيتحدث، من جانبه، عن أجهزة فاسدة أضعفها الخوف من عمليات تطهير في صفوفها. ويقول إنه «من خلال الاعتماد على تفاني العملاء على حساب حرفيتهم -عندما يكون الأمر الأكثر أهمية هو تنفيذ الأوامر حتى الأكثر غباءً منها- فإنك تحصل على جواسيس مطيعين ولكن غير أكفاء».
ويختار الأوروبيون كما يبدو الخروج أحياناً إلى العلن، فتتسرب معلومات مثلما حدث عندما كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية في نهاية عام 2019 عن أن نحو 15 ضابطاً من الاستخبارات العسكرية الروسية استخدموا جبال الألب كقاعدة خلفية للعمل في أوروبا لمدة أربع سنوات. ويشرح مسؤول فرنسي رفيع المستوى جيد الاطلاع على هذه الأوساط: «يحدث أن يُتخذ قرار بالإعلان عن المعوقات أو العقبات التي نمارسها. إنه تحذير. ويقوم الموقف هنا على أن يظهر بوضوح أنه لن يكون هناك تسامح بعد الآن مع هذه التصرفات».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».