جائزة حمد بن عيسى كافأت مشروعين تربويين من الصين وفنلندا

طلاب يدرسون بالكمامات
طلاب يدرسون بالكمامات
TT

جائزة حمد بن عيسى كافأت مشروعين تربويين من الصين وفنلندا

طلاب يدرسون بالكمامات
طلاب يدرسون بالكمامات

تقرر منح جائزة «اليونيسكو - الملك حمد بن عيسى آل خليفة» لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم، إلى برنامج «طالب جامعي واحد لكل قرية» من جمهورية الصين الشعبية، وإلى منصة التعليم التعاونية (ViLLE) من فنلندا. ويحصل كل فائز على مبلغ قدره 25 ألف دولار أميركي عن استخدامه الذكاء الصناعي في النهوض باستمرارية التعلُم وجودته.
أنشئت الجائزة في عام 2005 بدعم من مملكة البحرين في خطوة لتكريم الأفراد والمنظمات التي تستخدم التكنولوجيات الرقمية للنهوض بالتعليم والتعلّم وبالأداء الأكاديمي ككل. وتشجع «اليونيسكو» من خلال الدورة الحالية للجائزة، استخدام تطبيقات الذكاء الصناعي الشاملة للجميع ومحورها الإنسان، في دعم استمرارية التعلُّم الجيد في الوقت الذي اضطرب فيه التعليم المدرسي في العديد من مناطق العالم بسبب جائحة «كوفيد - 19». فمنذ بدايات تفشي الجائحة، لجأت دول عديدة إلى أسلوب التعلُّم عن بعد بالاعتماد على تكنولوجيات متنوعة. ومع ذلك، تسبب اضطراب التعليم المدرسي في تفاقم الأزمة التعليمية التي كانت قائمة أصلاً؛ مما نتج منه خسارة جديدة هائلة في التعلُّم.
ويستخدم برنامج «طالب جامعي واحد لكل قرية» الذي تنفذه جامعة الصين المفتوحة، الذكاء الصناعي لتزويد الطلاب في المناطق الريفية والنائية بفرص الحصول على التعلُّم الجيد. ويعمل البرنامج من خلال منصة ذكية للتعلُّم تعتمد على تحليل الصوت والتحليل الدلالي، والتقييم الآني، والتسجيل التلقائي للعلامات مع كل تجربة، وتحليل البيانات الضخمة؛ الأمر الذي يتيح لعدد متزايد من المتعلمين في المناطق الريفية والمناطق النائية الانتفاع من تجارب تعليمية ذات جودة. والتحق أكثر من 800 ألف متعلم، ابتداءً من عام 2020، بـ3.735 مركزاً تعليمياً من المراكز التي انتفعت بالبرنامج في جميع أنحاء البلاد.
أما المنصة التعليمية التعاونية التابعة للمركز المعني بتحليل عملية التعلّم في جامعة توركو، فإنها تقدم جملة من التمارين ذات الطابع الشخصي مستندة في ذلك إلى إداء الطلبة أنفسهم. كما تزود المعلمين بتقارير مفصلة عن التقدم الذي يحرزه طلبتهم. ويكفل الأساس الأكاديمي المتين الذي يقوم عليه هذا المشروع استخدام البيانات التي تستند إلى الأدلة، وتحليل عملية التعلّم بالاستعانة بالذكاء الصناعي. وتجدر الإشارة إلى أن 300 ألف طالب يستخدمون المنصة، وعمل 14 ألف معلّم مُنتسب إليها، يداً بيد، لإنتاج وتصميم أكثر من 4000 درس و13 ألف تمرين.
ونظرت لجنة دولية مؤلفة من مجموعة من الخبراء التربويين في الترشيحات التي قدّمتها الدول الأعضاء لدى «اليونيسكو» والمنظمات التي تربطها علاقة شراكة مع المنظمة، ورفعت بناءً على ذلك توصيتها باختيار الفائزَين.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.