تنديد حقوقي باستهداف الحوثيين للمدنيين والنازحين في مأرب

طفل جريح يعالج في مستشفى بعد هجوم للميليشيات الحوثية على مأرب السبت (أ.ف.ب)
طفل جريح يعالج في مستشفى بعد هجوم للميليشيات الحوثية على مأرب السبت (أ.ف.ب)
TT

تنديد حقوقي باستهداف الحوثيين للمدنيين والنازحين في مأرب

طفل جريح يعالج في مستشفى بعد هجوم للميليشيات الحوثية على مأرب السبت (أ.ف.ب)
طفل جريح يعالج في مستشفى بعد هجوم للميليشيات الحوثية على مأرب السبت (أ.ف.ب)

على وقع تصاعد عمليات الاستهداف المتواصلة من قبل الميليشيات الحوثية للمدنيين والنازحين في مأرب، نددت 56 منظمة من منظمات المجتمع المدني اليمنية، بما اعتبرته صمت المجتمع الدولي، تجاه جرائم ميليشيا الحوثي الانقلابية واستهدافها مخيمات النازحين والأحياء السكنية في محافظة مأرب.
ونددت المنظمات في بيان مشترك بالجرائم الإنسانية التي ترتكبها ميليشيا الحوثي الإرهابية وقصفها المستمر للأحياء السكنية ومخيمات النازحين بمحافظة مأرب، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، ومنها الصواريخ الباليستية وصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون والقصف المدفعي التي تسببت بمقتل وإصابة مدنيين بينهم أطفال ونساء.
ولفتت المنظمات إلى ما ارتكبته الميليشيا من جريمة إنسانية، السبت الماضي، عندما قصفت حي الروضة في مأرب، بصاروخ باليستي، أدى إلى مقتل طفل وإصابة خمسة آخرين، مؤكدة أن هذه الجرائم الحوثية تمثل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والمواثيق الدولية الخاصة بمعاملة المدنيين أثناء الحروب.
وطالبت المنظمات مجلس الأمن والأمم المتحدة ولجنة الخبراء بمجلس الأمن والمبعوث الأممي إلى اليمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية والمحلية كافة، بإدانة وإيقاف جرائم الميليشيا الحوثية الإرهابية تجاه المدنيين والنازحين والأعيان المدنية.
وكان نائب وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان الدكتور سمير الشيباني دعا في وقت سابق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى تحمل مسؤوليتها في حماية النازحين بمحافظة مأرب وغيرها من مناطق النزوح.
وعبر الشيباني في تصريح رسمي عن استنكاره للحملة التحريضية الممنهجة التي تشنها ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانياً وقياداتها على مخيمات النازحين بمحافظة مأرب، مشيراً إلى البعد الخطير والنوايا السيئة للميليشيات الحوثية ضد النازحين والتي تبرر من خلالها اعتداءاتها على تلك المخيمات.
وناشد نائب وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة اليمنية من وصفه بـ«العالم الحر» لممارسة أشكال الضغط كافة لمنع الاعتداءات المتكررة على مخيمات النازحين واللاجئين في بلادنا من قبل ميليشيات الحوثي.
وكانت الميليشيات الحوثية توجت حملتها التحريضية المتصاعدة لاستهداف المدنيين والنازحين في مدينة مأرب بقصف حي سكني في المدينة بصاروخ ما أدى إلى مقتل طفل على الأقل وإصابة خمسة آخرين، بحسب ما أكدته المصادر الرسمية.
جاء ذلك في وقت تواصل الميليشيات هجماتها في المحافظة للسيطرة عليها بينما يواصل الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية التصدي لهذه الهجمات ويواصل تقدمه في أكثر من جبهة، وفق تأكيدات الإعلام العسكري.
وأوضحت وكالة «سبأ» الرسمية أن طفلاً قتل وخمسة آخرين أصيبوا بشظايا صاروخ أطلقته ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على حي سكني مكتظ بالنازحين شمال مدينة مأرب.
وبحسب المصادر الرسمية، فإن اثنين من الجرحى في حالة حرجة، بينما تسبب الصاروخ أيضاً بأضرار مادية وألحق أضراراً بالغة بمنزلين وحافلة نقل في الحي المستهدف.
وتقول الحكومة الشرعية إن الميليشيات الحوثية مستمرة في ارتكاب جرائمها المروعة بحق المدنيين وتواصل قصفها المكثف على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في مدينة مأرب بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة معرضة حياة أكثر من 2 مليون مدني من سكان المدينة للخطر.
الهجوم الحوثي الجديد على الأحياء السكنية جاء بعد موجة من التحريض من قبل قادة الجماعة على النازحين في المدينة، إذ يروجون أن سكان المدينة والنازحين في محيطها ممن يصفونهم بـ«التكفيرين» ومن عناصر «القاعدة» و«داعش»، وفق زعمهم.
خطاب الميليشيات التحريضي كان بدأه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وعدد من قادة الجماعة حين حاولوا التقليل من أعداد النازحين الذين هربوا من مناطق سيطرتهم إلى مخيمات النزوح في مأرب، زاعمين أن هذه المخيمات تؤوي من تصفهم الجماعة بـ«التكفيريين»، وهي التهمة الأثيرة التي عادة ما تطلقها الجماعة لاستهداف خصومها ومعارضيها.
وتواصلاً لهذا الخطاب، وزعت الجماعة الحوثية عبر داخلية انقلابها قبل أيام تعميماً على وسائل إعلامها ومسؤولي دعايتها الحربية تحضهم على تصوير النازحين بالإرهابيين وعلى اتهام الحكومة الشرعية باتخاذ النازحين دروعاً بشرية وتصوير المخيمات على أنها معسكرات.
وتتويجاً لهذا التصعيد الحوثي، حرض متحدث الجماعة محمد عبد السلام فليتة أتباع الانقلابيين في تغريدة على «تويتر» ضد النازحين زاعماً أن «عناصر (القاعدة) و(داعش) يتمترسون بمخيمات النازحين ويضعون النازحين في المقدمة لحماية المعسكرات في الخلف»، وذلك في سياق مسعاه لتبرير هجمات جماعته على هذه المخيمات التي تؤوي أكثر من 60 في المائة من إجمالي النازحين في اليمن.
الحكومة الشرعية استنكرت في وقت سابق خطاب الميليشيات التحريضي وعدته «دليلاً على أن الاعتداء على المدنيين بمن فيهم النازحون سلوك مقر من قبل الجماعة وليست مجرد أخطاء».
وأشارت في بيان إلى أن هذا الخطاب التحريضي المصحوب بالقصف الصاروخي والمدفعي المتكرر على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في محافظة مأرب «يكشف النية المسبقة لتصعيد جرائم الميليشيات ضد النازحين، ويؤكد ضلوعها في جرائم القصف السابقة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.