أصحاب المولدات الخاصة في لبنان يقننون التغذية خوفاً من التوقف

أزمة مازوت وارتفاع تكلفة اشتراك المولدات أكثر من 20 %

ارتفاع تكلفة اشتراك المولدات أكثر من 20 % (الوكالة المركزية)
ارتفاع تكلفة اشتراك المولدات أكثر من 20 % (الوكالة المركزية)
TT

أصحاب المولدات الخاصة في لبنان يقننون التغذية خوفاً من التوقف

ارتفاع تكلفة اشتراك المولدات أكثر من 20 % (الوكالة المركزية)
ارتفاع تكلفة اشتراك المولدات أكثر من 20 % (الوكالة المركزية)

«لم يعد الأمر مرتبطاً برفع التعرفة فقط بل أيضاً بالقدرة على الاستمرار». يردد هذه العبارة أصحاب المولدات الخاصة في لبنان، وهي شبكة الكهرباء الموازية التي يشترك اللبنانيون بها في ساعات انقطاع التغذية بالتيار من شركة كهرباء لبنان، محذرين المواطنين من ساعات تقنين مرتفعة أو الوصول إلى الإطفاء الكلّي لمولداتهم إذا ما استمرت أزمة المازوت وارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية وازدياد ساعات تقنين كهرباء الدولة في مختلف المناطق اللبنانيّة، مع العلم بأنّ تعرفة اشتراك المولد ارتفعت أكثر من 20 في المائة أخيراً.
ويلفت رئيس تجمّع المولّدات الكهربائية في لبنان عبدو سعادة إلى أن استمرار المولدات الخاصة بتأمين التغذية الكهربائيّة وعدد ساعات التغذية يرتبطان بأمرين أساسيين لا علاقة لأصحاب المولدات فيهما: تأمين المازوت غير المتوافر حالياً، وساعات تقنين كهرباء الدولة. ويشير سعادة في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ أصحاب المولدات يواجهون حالياً مشكلة كبيرة بتأمين المازوت، فهم لا يستلمونه من الموزعين بحجّة عدم توافره فيضطرون إلى شرائه من السوق السوداء بسعر يتراوح بين الـ37 والـ40 ألف ليرة (25 دولاراً على سعر الصرف الرسمي، ونحو 3.5 دولارات على سعر صرف السوق) للصفيحة الواحدة (20 ليتراً) مع العلم أنّ التسعيرة الرسميّة للصفيحة هي 27 ألفاً، لافتاً إلى أنّ كميّات المازوت المتوافرة عند عدد كبير من أصحاب المولدات وفي مختلف المناطق اللبنانية غير كافية، لذلك عمدوا إلى تقنين ساعات التغذية حتى لا يضطروا إلى التوقف كلياً.
وعمد أصحاب المولدات منذ أكثر من أسبوع إلى تقنين ساعات التغذية في مختلف المناطق اللبنانية. ففي بيروت مثلاً لجأ بعضهم إلى تقنين التغذية ساعتين في النهار و6 ساعات في الليل، وذلك في ظلّ ارتفاع ساعات تقنين الدولة في العاصمة لتتجاوز الـ10 ساعات بعدما كانت محددة بـ3 ساعات.
وناشد سعادة الأمن العام بالتدخل سريعاً منعاً لاحتكار المازوت تماماً كما حصل في الصيف الماضي، إذ كان الأمن العام قام نهاية العام الماضي بمراقبة تسليم مادة المازوت وعدم احتكارها أو التلاعب بسعرها الرسمي، وقامت دوريات من المديرية بالإشراف على تسلم شركات توزيع المحروقات لمادة المازوت من منشآت النفط وتابعت توزيعها.
وترافق ارتفاع ساعات التقنين أيضاً مع ارتفاع بتسعيرة المولدات 20 في المائة في شهر واحد. فبعدما كانت وزارة الطاقة حدّدت سعر الكيلوواط بـ730 ليرة في شهر مارس (آذار) الماضي حدّدت السعر هذا الشهر بـ882 ليرة مع الإشارة إلى أنّها كانت بحدود الـ698 قبل أشهر.
أمّا أصحاب المولدات الذين لا يلتزمون بالعدّاد فعمد بعضهم إلى زيادة التعرفة الشهرية بدءاً من 50 ألفاً (33 دولاراً على سعر الصرف الرسمي) على اشتراك الـ5 أمبير ليصل إلى 200 ألف (133 دولاراً) بعدما كان 150 ألفاً (100 دولار) في شهر فبراير (شباط) الماضي، هذا وترتفع قيمة الزيادة كلما زادت السعة حتى وصل بدل اشتراك الـ15 أمبير إلى 600 ألف (400 دولار) بعدما كان في فبراير الماضي 450 ألفاً (300 دولار)، أي بنسبة 33 في المائة خلال شهرين حسب ما يؤكد عدد من المواطنين.
ويعود ارتفاع تعرفة فاتورة المولدات إلى أكثر من عامل. ويشرح سعادة أن الارتفاع ينطلق من 3 معطيات أولها سعر صفيحة المازوت الذي ارتفع عالمياً، وسعر صرف الدولار باعتبار أنّ 15 في المائة من سعر المازوت يدفع على أساس سعر صرف السوق السوداء المرتفع وغير المستقر، وساعات التغذية التي ارتفعت مؤخراً بسبب تراجع تغذية كهرباء الدولة، معتبراً أنّ أصحاب المولدات يتحملون هم فرق سعر صفيحة المازوت التي يشترونها من السوق السوداء ولا يحملونها للمواطن.
ويضيف سعادة أنّ المولدات باتت مضطرة لتأمين تغذية تصل إلى 22 ساعة في اليوم الواحد في ظلّ أزمة كهرباء الدولة، وأنّ هذا يعني ارتفاع تكاليف الصيانة والزيت وغيرها من الأمور التي يتحملها أصحاب المولدات على أساس سعر صرف الدولار في السوق الموازية.
ويعيش لبنان منذ أكثر من شهرين تقنيناً شديداً لساعات تغذية كهرباء الدولة تجاوز الـ18 ساعة في عدد من المناطق يعود إلى نقص بالفيول بسبب عدم قدرة الدولة تمويل استيراده، وكان البرلمان اللبناني أقر منذ أسبوعين سلفة خزينة بقيمة بـ200 مليون دولار بهدف تسديد عجز شراء المحروقات تكفي لمدة أقصاها ثلاثة أشهر، حسب ما يرى الخبراء.
ومع ارتفاع ساعات التقنين، زاد الطلب على اشتراك المولدات ولا سيما في بيروت، إذ يؤكد أحد أصحاب المولدات أنّ عدداً كبيراً من المواطنين لم يكن لديهم اشتراك بالمولد في السابق، ذلك أن انقطاع الكهرباء في العاصمة ثلاث ساعات كان أمراً محمولاً، أما اليوم فعدد ساعات تقنين كهرباء الدولة تضاعف مرتين على الأقل، فضلاً عن الخوف من الانقطاع الكلي، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن عددا من المولدات لا يحتمل تقنيا المزيد من الاشتراكات ولا سدّ ساعات تقنين كهرباء الدولة كلها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».