سرقات تطال أبواب المدافن وأنابيب النفط

وقفة احتجاجية في شرق لبنان بمشاركة نائبين من المنطقة

اعتصام في رياق الفوقا على خلفية سرقة أبواب المدافن (الوكالة الوطنية)
اعتصام في رياق الفوقا على خلفية سرقة أبواب المدافن (الوكالة الوطنية)
TT

سرقات تطال أبواب المدافن وأنابيب النفط

اعتصام في رياق الفوقا على خلفية سرقة أبواب المدافن (الوكالة الوطنية)
اعتصام في رياق الفوقا على خلفية سرقة أبواب المدافن (الوكالة الوطنية)

أضافت الأزمة الاقتصادية والتفلت الأمني الأملاك العامة وإنشاءات المقابر إلى قائمة السلع المعرضة للسرقة، حيث سُجّلت خلال اليومين الماضيين سرقة أبواب مدافن مقبرة مسيحية في رياق بشرق لبنان، فيما سجلت تعديات على أنابيب النفط المتوقفة عن العمل في الشمال، بغرض سرقتها.
وباتت التعديات على الأملاك العامة في لبنان بهدف سرقتها، تتكرر بشكل شبه أسبوعي منذ تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية. وقد وثقت السلطات اللبنانية تعديات على أعمدة نقل الكهرباء في المناطق النائية، مما تسبب في سقوط أحد الأعمدة في البقاع شرق لبنان. كما وثقت عمليات سرقة لأغطية «ريغارات» الصرف الصحي في الجنوب وبيروت، حيث يعمل المتورطون على بيعها خردة.
ووصل الأمر، أول من أمس (الأحد)، إلى حد سرقة الأبواب الحديدية التابعة لمدافن رعية بلدة رياق الفوقا بواسطة الكسر والخلع، ويبلغ عددها نحو العشرة. كما عمد السارقون إلى كسر قفل البوابة الرئيسية للمدافن، وهو ما أثار موجة رفض واسعة عبر عنها المشاركون في وقفة احتجاجية أمس، واصفين الأمر بغير الأخلاقي.
وانطلقت الوقفة الاحتجاجية لأهالي رياق - حوش حالا بعد ظهر أمس، رفضاً لما تعرضت له مدافن رياق بمشاركة النائبين جورج عقيص وأنور جمعة، والمطرانين جوزف معوض وعصام درويش، والمخاتير وأهالي المنطقة. ووصف أهالي المنطقة السرقة بأنها «فعل محزن وجبان وحقير يخالف أبسط القيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية، والتعرض لحرمة الموت لجهة كسر وخلع أبواب المدافن وسرقتها».
وتحركت القوى الأمنية والجيش اللبناني على خط ملاحقة المتورطين، حيث أوقفت مديرية أمن الدولة في البقاع ليل الأحد، أحد المشتبه بهم في سرقة الأبواب الحديدية لمدافن رعية رياق الفوقا، وبدأت التحقيقات معه لمعرفة باقي أفراد العصابة ومكان المسروقات.
وكانت قوة من الجيش اللبناني داهمت مخيماً للنازحين السوريين على طريق حارة الفيكاني - رعيت، حيث عثرت على كميات من القطع الحديدية وأدوات السرقة والخلع التي تستعمل في خلع الأبواب الحديدية، بحسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. كما صادر الجيش كمية كبيرة من الأسلاك الكهربائية المسروقة. وتحدثت معلومات عن أن السارقين هم من تجار الحديد. كما نفذ الجيش مداهمات داخل مخيمات للنازحين السوريين في رياق والجوار، في حين تستمر التحريات لمعرفة مكان السارقين لتوقيفهم.
وسجلت هذه الحادثة بموازاة تسجيل حادثة أخرى تمثلت في التعديات على الأملاك العامة في الشمال، حيث تعدّى مجهولون على أنابيب النفط التي كانت في وقت سابق تنقل النفط الخام من كركوك إلى الساحل اللبناني في شمال البلاد؛ إذ أقدموا على ثقب الأنابيب بهدف سرقتها وبيعها، مما دفع بالمواطنين للتحذير من كارثة بيئية ستترك ضررها على الحقول والمزروعات.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن التعدي الحاصل هذه المرة فوق مجرى مائي شتوي يصب في مجرى النهر الكبير، بين منطقتي دارين والشيخ عياش في سهل عكار (شمال لبنان) حيث تعبر الأنابيب من سوريا إلى منشآت النفط في البداوي - طرابلس، وتدفقت المواد النفطية بكثافة؛ الأمر الذي غير لون المياه.
ووجه الأهالي صرختهم للجهات الرسمية المعنية في وزارة الطاقة بضرورة الإسراع في سد الثغرة في أنبوب النفط، منعاً للتلوث الكبير الحاصل والذي لا بد من أنه سيترك آثاره السلبية على مياه النهر الكبير وعلى الأراضي الزراعية والثروة السمكية. كما أبدوا تخوفهم من اشتعال هذه المواد النفطية. وكان الحادث هو الثاني خلال يومين؛ حيث حصل تعدٍّ آخر على الخط نفسه، وعملت الفرق الفنية في منشآت نفط طرابلس على إصلاح الأعطال، ليعود المعتدون ويثقبوه مجدداً. وطالب الأهالي الجهات الأمنية المعنية بالكشف عن الفاعلين ومعاقبتهم.
وكانت أنابيب النفط نفسها، تعرضت لاعتداءات سابقة؛ كان أبرزها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث اندلع حريق فيها أثناء إحداث ثقوب في أنبوب النفط كركوك - طرابلس. واشتعلت النار آنذاك في المواد النفطية المتسربة مما أدى إلى ارتفاع أعمدة الدخان الأسود في فضاء المنطقة، ذلك أن المواد النفطية تتدفق بكثافة في الأقنية المائية ومتفرعاتها في الحقول وعلى الطرق.
والأنابيب التي تعبر سهل عكار في اتجاه منشآت النفط في البداوي، جرى تمديدها في عام 1935، وعُرفت باسم «خط أنابيب كركوك - طرابلس»، لكنها توقفت عن العمل وتوقف ضخ النفط فيها في عام 1975 إثر اندلاع الحرب اللبنانية. ولا تزال أنابيب النفط توجد فيها رواسب نفطية منذ ذلك الوقت، مما يدفع بالسكان المحليين إلى إحداث ثغرات فيها بهدف الاستحواذ على النفط المترسب في داخلها، وإما لسرقة المعادن وإعادة بيعها وتدويرها.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.