مسيرة للمعارضة الجزائرية احتجاجا على منعها من اجتماع يبحث نزاهة الانتخابات

تنسيقية الحريات قالت إن رفض السلطات يتنافى مع الدستور والقانون

مسيرة للمعارضة الجزائرية احتجاجا على منعها من اجتماع يبحث نزاهة الانتخابات
TT

مسيرة للمعارضة الجزائرية احتجاجا على منعها من اجتماع يبحث نزاهة الانتخابات

مسيرة للمعارضة الجزائرية احتجاجا على منعها من اجتماع يبحث نزاهة الانتخابات

احتجت «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم أهم أحزاب المعارضة في الجزائر، بشدة، على رفض السلطات منحها أمس رخصة لعقد اجتماع كان مخصصا لبحث «شروط نزاهة الانتخابات في الجزائر»، ونظم قادة «التنسيقية» مسيرة في قلب العاصمة تنديدا بـ«تعسف (من جانب السلطات) يتنافى مع الدستور والقانون».
وانطلقت المسيرة من فندق «السفير»، حيث كانت المعارضة ترغب في عقد اجتماعها، لتصل إلى «البريد المركزي» على مسافة أقل من كيلومتر. وشارك فيها محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، وعبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» (إسلامي)، ومحمد ذويبي، أمين عام حركة النهضة (إسلامي)، وسفيان جيلالي، رئيس «جيل جديد» (ليبرالي)، وقيادي «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، الأخضر بن خلاف، والكثير من نشطاء «التنسيقية»، التي تم إنشاؤها على خلفية رفض المعارضة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة خلال الانتخابات التي جرت في ربيع العام الماضي.
وتجمع رموز المعارضة بساحة «البريد المركزي»، دون أن يتعرضوا للمنع من طرف رجال الشرطة، الذين جرت العادة أن يتلقوا تعليمات بعدم السماح بخروج أي مظاهرة في العاصمة. وقال مقري إن «قرار منع التنسيقية من تنظيم ندوتها دليل على أن النظام السياسي يعادي الحريات، ويسعى إلى تكميم الأصوات المعارضة»، مضيفا أن البلاد «توجد اليوم بين أيدي المافيا واللوبيات المالية التي تمارس الاستغلال في ثرواتنا وتاريخنا.. ولا يمكن أن نسمح لهؤلاء الناس بأن يستحوذوا على ثرواتنا وتاريخنا، فهذا الأمر لا يهم الأحزاب وحدها، بل كل أفراد المجتمع».
ودعا بلعباس الجزائريين إلى «إعلان موقفهم ضد رفض السلطات تنظيم المظاهرات، وسنتوجه إلى الشارع لاستعادة حقنا في عقد التجمعات وفي العمل السياسي»، مشددا على أن «التنسيقية ستدافع عن استقلالها حيال الأجنحة المتصارعة في النظام».
من جهته، صرح جيلالي بأن «السلطة تدفع المعارضة إلى الخروج إلى الشارع، بدل أن تسمح لنا بتنظيم ندواتنا في القاعات، وينبغي على الجزائريين أن يدركوا أن نشاطنا يندرج في إطار بناء جزائر ديمقراطية». أما بن خلاف، فقال إن «السلطة أغلقت كل شيء أمام الأحزاب المعتمدة».
وفي حين كان نشطاء «التنسيقية» يتداولون الكلمة، تجمع عدد قليل من سكان العاصمة بدافع الفضول لمتابعة ما يجري، وسرعان ما عادوا إلى شؤونهم اليومية. وخلال المسيرة بين الفندق و«البريد المركزي»، لوحظ أن عددا قليلا من الأشخاص انضموا إليها، على عكس ما كان يتوقعه رؤوس المعارضة.
وبعد أن انفض الاعتصام، أصدرت «التنسيقية» بيانا شديد اللهجة، جاء فيه أن طلب الترخيص للاجتماع «تم تقديمه في الآجال، ووفق جميع الشروط المنصوص عليها في القانون، غير أن السلطة رفضت الطلب دون تقديم أي مبرر قانوني».
ويشترط القانون الخاص بالاجتماعات في الأماكن العامة تقديم طلب خلال مدة لا تقل عن 15 يوما، من طرف 3 أشخاص على الأقل، في حال أرادوا القيام بنشاط سياسي.
وذكر البيان أن «هذا الرفض يعتبر رسالة سياسية جد سلبية من طرف السلطة للداخل والخارج، وينم عن غياب أدنى إرادة لفتح السلطة مجال الحريات السياسية في الجزائر». وأضاف أنه أضحى من الواضح أن «السلطة لا ترغب بتاتا في اجتماع الطبقة السياسية الجادة والمسؤولة، ولا تريد التعاون معها من أجل خدمة الجزائر، وإنما القصد هو العمل على تشتيتها».
وتابع مؤكدا أن «رفض الترخيص لعقد ندوة تتطرق إلى شروط نزاهة الانتخابات دليل قاطع على أن منطق التزوير هو السائد والمتحكم في العملية السياسية بالجزائر».
وشجبت المعارضة «تصرفات السلطة الحاكمة غير المسؤولة»، وأعلنت عزمها «مواصلة نضالها حتى نيل حقها في الحريات والانتقال الديمقراطي، كما نصت عليه أرضية مزفران بتاريخ 10 يونيو (حزيران) 2014»، في إشارة إلى مؤتمر التأسيس الذي عقد بالضاحية الغربية العاصمة، الصيف الماضي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».