إسرائيل تدرس خياراتها في مواجهة «الجنائية»

تتراوح بين تحقيق داخلي ورفض التعاون وتأجيل الرد

الأمن الإسرائيلي في مواجهة مع فلسطينيين بنابلس في الضفة احتجوا الجمعة على نشاط مستوطنين بالمنطقة (د.ب.أ)
الأمن الإسرائيلي في مواجهة مع فلسطينيين بنابلس في الضفة احتجوا الجمعة على نشاط مستوطنين بالمنطقة (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تدرس خياراتها في مواجهة «الجنائية»

الأمن الإسرائيلي في مواجهة مع فلسطينيين بنابلس في الضفة احتجوا الجمعة على نشاط مستوطنين بالمنطقة (د.ب.أ)
الأمن الإسرائيلي في مواجهة مع فلسطينيين بنابلس في الضفة احتجوا الجمعة على نشاط مستوطنين بالمنطقة (د.ب.أ)

تدرس الحكومة الإسرائيلية السيناريوهات والاحتمالات التي يمكن اللجوء إليها في مواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية.
ويفترض أن يجري بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية، الثلاثاء، جلسة نقاش خاصة، بحضور وزير الجيش بيني غانتس، والخارجية غابي أشكنازي، وكبار المسؤولين، من أجل تقديم إجابات لمكتب المدعية العامة الجنائية فاتو بنسودا، التي طلبت رداً على رسالة سابقة حول التحقيق حتى 9 أبريل (نيسان) الحالي.
وكانت بنسودا أعلنت في 3 مارس (آذار) الماضي، فتح تحقيق رسمي في جرائم مفترضة بالضفة الغربية والقدس الشرقية وكذلك قطاع غزة، منذ 13 يونيو (حزيران) عام 2014. وأرسلت بنسودا رسالة إلى إسرائيل ركزت على 3 موضوعات تعتزم المدعية التحقيق فيها؛ هي: العدوان على غزة عام 2014، واستهداف المشاركين في مسيرات العودة، والمستوطنات.
وأمهلت بنسودا إسرائيل حتى 9 أبريل الحالي للرد على رسالتها. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الجلسة المقبلة ستقر طبيعة الرد الإسرائيلي على طلب المدعية بشأن التحقيق في قضيتين؛ هما: عدوان 2014 على قطاع غزة، والبناء في المستوطنات.
ويوجد أمام إسرائيل خيارات عدة: الأول أن تعلن أنها تريد فتح تحقيق داخلي؛ أي إنها ستحقق مع نفسها، وهو خيار يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن تمتثل له المدعية العام للمحكمة، مما سينقل الكرة إلى الملعب الإسرائيلي، لكن التخوف في هذه الخطوة هو الاعتراف باختصاص المحكمة، وبالتالي سيُطلب من إسرائيل تقديم تقرير إلى المحكمة كل 6 أشهر حول التحقيقات.
أما الخيار الثاني؛ فهو ألا تلتزم تل أبيب بأي شيء، ومقابل ذلك، يتوقع أن يفتح الادعاء العام تحقيقاً فورياً ضد إسرائيل للاشتباه بارتكابها جرائم حرب، وفي مثل هذا الوضع الحساس، ستعرض إسرائيل نفسها للمساءلة وأوامر اعتقال محتملة ضد كبار المسؤولين فيها.
وقالت الصحيفة إن هناك احتمالاً ثالثاً يمكن من خلاله أن تطلب تل أبيب تأجيلاً تقنياً للرد، بسبب الوضع السياسي وعدم وجود حكومة جديدة، وهو طلب قد يمكنها من تأجيل الرد لمدة 30 يوماً، وهو أمر ممكن، ولا يعدّ اعترافاً بسلطة المحكمة.
وتأتي النقاشات على خلفية أن الجيش الإسرائيلي سبق أن أوصى المستوى السياسي بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية، وتجنب إضفاء الشرعية على قرارها بأي شكل، خشية أن مثل هذه الخطوة قد تفتح الباب لمزيد من التحقيقات من قبل المحكمة في قضايا أمنية ومستقبلية.
وإضافة إلى ذلك، ستناقش الجلسة تداعيات القرار الأميركي رفع العقوبات عن كبار الشخصيات في المحكمة، وهو قرار يوجد بشأنه انقسام في إسرائيل. ويرى مسؤولون أن القرار كان بمثابة رسالة أميركية ذات أبعاد مختلفة، لمحاولة فتح صفحة جديدة مع المدعي العام الجديد للمحكمة كريم خان، الذي سيتولى منصبه في يونيو المقبل، وقالوا إن حواراً قد يساعد في نزول المحكمة عن الشجرة، خصوصاً إذا مارست الولايات المتحدة الضغط على القيادة الفلسطينية فتوقفت عن مطالبة المحكمة بالتحقيق. ويرى المسؤولون أن كل ذلك قد يسهل على المدعي العام الجديد اتخاذ قرار بتعليق التحقيقات.
وطرح الفلسطينيون ملفات عدة أمام المحكمة؛ هي: «العدوان على غزة بما يشمل استخدام القوة المفرطة وأسلحة محرمة وارتكاب مجازر وقتل مدنيين»، و«الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، بما يشمل سوء المعاملة للأسرى وعائلاتهم والإهمال الطبي الذي أدى إلى وفاة أسرى»، وملف «الاستيطان بما يشمل البناء غير القانوني على الأرض الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين أنفسهم الذي أدى إلى قتل مدنيين فلسطينيين»، ثم قتل المتظاهرين في الضفة وقطاع غزة.
ويتوقع الفلسطينيون أن يبدأ التحقيق أولاً بملف الاستيطان.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.