رئيس مجموعة اليورو «متشائم» بشأن جدوى التفاوض مع اليونان حول أزمة الديون

عشية الاجتماع الوزاري في بروكسل

رئيس مجموعة اليورو «متشائم» بشأن جدوى التفاوض مع اليونان حول أزمة الديون
TT

رئيس مجموعة اليورو «متشائم» بشأن جدوى التفاوض مع اليونان حول أزمة الديون

رئيس مجموعة اليورو «متشائم» بشأن جدوى التفاوض مع اليونان حول أزمة الديون

قال جيروين ديسلبلوم وزير مالية هولندا ورئيس مجموعة اليورو، إنه غير متفائل بشأن جدوى استمرار المحادثات مع اليونان، غدا (الاثنين) في بروكسل، لإيجاد حلول لأزمة الديون اليونانية، وأبلغ ديسلبلوم زملاءه في الحكومة بذلك خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الهولندي.
ونقلت وسائل الإعلان في لاهاي عن ديسلبلوم قوله إنه «ما زال متشائما بشأن فرص نجاح المحادثات مع اليونان، غدا (الاثنين)، على هامش الاجتماع الوزاري لدول منطقة اليورو في بروكسل»، وقال ديسلبلوم: «الوضع معقد جدا، لأنه يمكن إنفاق الأموال فقط إذا كان لديك هذه الأموال، واليونان تريد أشياء كثيرة، ولكن هناك قليلا جدا من الأموال، وهذه مشكلة حقيقية بالنسبة لليونانيين».
الوزير الهولندي الذي يترأس مجموعة اليوم التي تضم 19 دولة تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، أضاف أن أعضاء الحكومة اليونانية الجديدة لديهم آمال وطموحات كبيرة ونبيلة، ولكن الإمكانات والوضعية الاقتصادية محدودة للغاية.
ويأتي ذلك بعد أن تجنب قادة أوروبا، سواء عبر التصريحات أو من خلال البيان الختامي لقمة بروكسل، الخوض في مشكلة مستقبل المديونية اليونانية، ورموا بالكرة في ملعب أثينا، وحولوا المسؤولية في هذا الملف إلى وزراء مالية دول منطقة اليورو للشروع بمفاوضات مقبلة، وستكون البداية غدا (الاثنين). وفي المؤتمر الصحافي الختامي أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن قلقه إزاء أزمة ديون اليونان.
وقال إنه من المحتمل أن توافق الحكومة اليونانية على نسبة 70 في المائة مما يتضمنه برنامج الإنقاذ الأوروبي الحالي «ويجب أن نبحث فيما يجب فعله في الـ30 في المائة التي لم يتم الاتفاق عليها».
وشدد على ضرورة إدخال تغييرات جوهرية على طريقة عمل منطقة اليورو، لتجنب انتشار البطالة، وضعف نمو اقتصادها في السنوات المقبلة. وحسب كثير من المراقبين كانت مشكلات اليونان الاقتصادية واحدة من القضايا المقلقة للقادة، وحضر رئيس الوزراء اليوناني اليساري المعارض للسياسة التقشفية أليكسيس تسيبراس، القمة لأول مرة، وكله ثقة من أن حكومات منطقة اليورو ستجد حلا متبادلا ومقبولا من الطرفين لمشكلات الديون اليونانية.
ووافق رئيس الوزراء اليوناني أن يلتقي مسؤولون يونانيون، أول من أمس (الجمعة)، مع ممثلين عن المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
وقال: «لا نتفق مع الإجراءات والقوانين الصارمة والضبط المالي الشديد، ولكن الاتفاق المستقر يتوجب علينا أن نحترمه، لأنهم يجدون قوانين للاتفاقيات الاتحاد الأوروبي، أعتقد أن هذه تسوية مصيرية، ودمج حاسم، لاحترام المبادئ الأساسية للديمقراطية والقانون».
وعمل رئيس الوزراء اليوناني على إقناع الشركاء بمقترحات جديدة بعيدة عن الابتزاز السياسي.
وقالت تقارير إعلامية من بروكسل: «أول قمة لرئيس الوزراء اليوناني انتهت بهدنة مؤقتة رغم التوتر ليس من جانب ألمانيا، لكن من جانب إسبانيا، والآن الشركاء الأوروبيون ينتظرون معرفة ماذا سيحدث خلال المفاوضات نهاية الأسبوع، ونتائج اجتماع دول منطقة اليورو، غدا (الاثنين)».
ويذكر أنه قبل أيام قليلة صدقت التوقعات، وفشلت المحادثات بين اليونان وباقي دول منطقة اليورو خلال الاجتماع الاستثنائي على مستوى وزراء المالية في بروكسل، الذي استمر حتى وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، وذلك بسبب التباين في المواقف وإصرار كل طرف على موقفه، من مسألة برنامج المساعدات الذي ارتبطت به اليونان مع الصناديق الدائنة، وبالتالي مع خطط التقشف وترشيد الإنفاق.
ورغم الإعلان صراحة في المؤتمر الصحافي الختامي عن عدم التوصل إلى صيغة للاتفاق حول تمديد برنامج المساعدات الحالي لليونان، وعوضا عن ذلك جرى الإعلان عن الاتفاق على العودة من جديد لاستئناف النقاش غدا (الاثنين).
إلا أن كثيرا من المراقبين هنا في بروكسل عقدوا آمالا على القمة التي انعقدت، الخميس الماضي، لإجراء محادثات على مستوى أعلى لتوجيه رسالة سياسية واقتصادية واضحة للرأي العام الأوروبي بشكل عام واليوناني بشكل خاص، ولكن بشرط تقديم بعض التنازلات من الجانبين، وهو الأمر الذي كان مطلوبا في الاجتماع الوزاري ولم يتحقق.
ويريد الأوروبيون إقناع أثينا بطلب تمديد البرنامج الحالي قبل البحث عن حلول لتخفيف الديون التي تمثل أكثر من 175 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي. ويفترض اتخاذ القرار في 16 فبراير (شباط) على أبعد تقدير خلال الاجتماع الجديد لمنطقة اليورو، لأنه ينبغي الحصول على مصادقة البرلمانات.
وحذر وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله بقوله: «كل بلد حر تماما في أن يفعل ما يريد. ولكن لدينا هذا البرنامج. فإما الالتزام به إلى النهاية، أو ليس هناك برنامج».
وأضاف المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي: «البرنامج هو أساس قانوني، مرجع، إطار. من الصعب جدا تجاوزه».
وبعد 6 سنوات عجاف فرضت عليها، ترغب اليونان في وضع «برنامج - مرحلي» حتى سبتمبر (أيلول) تحترم فيه 70 في المائة من التزاماتها بشأن الإصلاحات التي اتفقت عليها مع دائنيها. وتستبدل الـ30 في المائة الباقية بمجموعة من الإصلاحات الرامية إلى استئناف النمو يتم وضعها بالتنسيق مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وأقر موسكوفيسي بوجود «هامش للمناورة» في هذه المحادثات.
وقال: «هناك ناخبون في اليونان، ولكن كذلك في ألمانيا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا».. وتواجه اليونان ممانعة من البلدان التي ترزح تحت سياسات التقشف، وخصوصا فنلندا، التي تنظم انتخابات تشريعية في أبريل (نيسان).
وقال دبلوماسي إن هناك فرصة للتوصل إلى حل ينقذ ماء وجه الجميع.. «ثمة سبيل لتحسين هذا البرنامج عبر مراعاة صياغة المضمون وآلية المتابعة، (لأن) اليونانيين لديهم النية فعلا لتطبيق بعض الإصلاحات».. وقبل أيام قليلة استبعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أي «شطب جديد» لدين اليونان، كما طلب رئيس الوزراء اليوناني الجديد ألكسيس تسيبراس.
وقالت ميركل: «حدث تخلٍّ طوعي من قبل الدائنين الخاصين، وتخلت المصارف عن مليارات من الأموال لليونان»، مؤكدة: «لا أرى أي شطب جديد للدين». وبحسب البعض من الخبراء الاقتصاديين، فإن صعود حزب سيريزا اليساري الراديكالي إلى السلطة في أثينا الذي يرفض التقشف ويريد إعادة التفاوض على ديون البلاد يثير الارتباك داخل الاتحاد الأوروبي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.