الراعي يصعّد ضد «مَن يتلاعبون بمصير لبنان»... وعون يرفض تعميم تهم الفساد

سجال غير مباشر بينهما قبل الظهر ولقاء معايدة بعده

البطريرك الراعي خلال استقباله الرئيس ميشال عون أمس (الرئاسة اللبنانية)
البطريرك الراعي خلال استقباله الرئيس ميشال عون أمس (الرئاسة اللبنانية)
TT

الراعي يصعّد ضد «مَن يتلاعبون بمصير لبنان»... وعون يرفض تعميم تهم الفساد

البطريرك الراعي خلال استقباله الرئيس ميشال عون أمس (الرئاسة اللبنانية)
البطريرك الراعي خلال استقباله الرئيس ميشال عون أمس (الرئاسة اللبنانية)

في موقف طُرحت حوله علامة استفهام لا سيما من ناحية التوقيت، انتقد رئيس الجمهورية ميشال عون، تعميم تهمة الفساد، واصفاً ذلك بأنه «تضليل للرأي العام». وأتى انتقاد عون بعد وقت قليل من موقف تصعيدي للبطريرك الماروني بشارة الراعي، ما تم تفسيره على أنه ردٌّ عليه، وهو ما لم تنفِه مصادر مطّلعة على موقف الرئاسة، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن كلام عون هو رد على كل مَن يعمّمون التُّهم وكان آخرهم البطريرك، وبعد الظهر حصل لقاء بين عون والراعي في زيارة للمعايدة بعيد الفصح كانت مقررة مسبقاً، حسب المصادر، لعدم قدرة عون على المشاركة في القداس اليوم بسبب إجراءات وباء «كورونا».
في المقابل، قالت مصادر مطلعة على موقف بكركي لـ«الشرق الأوسط» إن ما يقوله الراعي ليس موجهاً ضد طرف بعينه، وهو يضع الإصبع على الجرح الذي يعاني منه لبنان، وبالتالي يجب ألا يؤثر على العلاقة بين بكركي والرئاسة، والدليل الزيارة التي قام بها عون أمس، وسألت في الوقت عينه: «هل المطلوب من الراعي أن يحدد الفاسد والفاسدين أم الدولة والقضاء عليهما القيام بهذه المهمة؟».
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد كتب عبر «تويتر» قائلاً: «أول خطوة حقيقية في محاربة الفساد تكون بتسمية الفاسدين والإشارة إليهم بوضوح. أما تعميم التهمة فيصبّ في مصلحتهم لأنه تجهيل للفاسد الحقيقي، وتضليل صريح للرأي العام».
وأتى كلام عون بعد كلام للبطريرك الماروني انتقد فيه «المتلاعبين بمصير لبنان»، محذراً من مخطط لتغيير هويته، وداعياً إلى تشكيل حكومة اختصاصيين من دون ثُلث معطِّل لأي طرف.
وقال الراعي في رسالة عيد الفصح: «كم يؤلمنا أن نرى الجماعة الحاكمة ومَن حولها يتلاعبون بمصير الوطن كياناً وشعباً وأرضاً وكرامة! ويؤلمنا بالأكثر أنها لا تدرك أخطاء خياراتها وسياساتها، بل تمعن فيها على حساب البلاد والشعب! وكم يؤلمنا أيضاً أن بعضاً من هذه الجماعة يتمسك بولائه لغير لبنان وعلى حساب لبنان واللبنانيين! وأضاف: «وما القول عن الذين يعرقلون قصداً تأليف الحكومة ويشلّون الدولة، وهم يفعلون ذلك ليوهموا الشعب بأن المشكلة في الدستور، فيما الدستور هو الحل، وسوء الأداء السياسي والأخلاقي والوطني هو المشكلة؟ لقد صار واضحاً أننا أمام مخطط يهدف إلى تغيير لبنان بكيانه ونظامه وهويته وصيغته وتقاليده.
هناك أطراف تعتمد منهجية هدم المؤسسات الدستورية والمالية والمصرفية والعسكرية والقضائية، واحدة تلو الأخرى. وهناك أطراف تعتمد منهجية افتعال المشكلات أيضاً لتمنع الحلول والتسويات. فليدرك الجميع أن الحياة الوطنية ليست حصصاً، بل هي تكامل قيم ولقاء إرادات وربح مشترك».
ودعا الراعي الجميع إلى الخروج «من متاريسهم السياسية»، مؤكداً أن «معيار إعادة النظر في النظام هو الحاجة إلى مواكبة العصر والتقدم وتحقيق الأمن الاجتماعي، لا العودة إلى الوراء وتحقيق المكاسب الفئوية والسياسية والطائفية والمذهبية والحزبية.
إن حقوق الطوائف وحصصها تتبخر أمام حقوق المواطنين في الأمن والغذاء والتعليم والطبابة والعمل والازدهار والسلام». مضيفاً: «من هذه المنطلقات الحضارية والإنسانية والوطنية طرحنا مشروعي إعلان حياد لبنان وانعقاد المؤتمر الدولي الخاص به.
فلبنان الحيادي هو لبنان الاستقرار والسلام. أما لبنان المنحاز فهو لبنان الاضطراب والحرب.
نحن نريد السلام لا الحرب. الحياد هو لمصلحة الجميع، وينقذ الجميع. أما المؤتمر الدولي، فيزيل النقاط الخلافية المتراكمة، وهو خشبة خلاص لأنه سيعطي لبنان عمراً جديداً من خلال تثبيت كيانه، وحدوده الدولية، وتجديد الشراكة الوطنية، وتعزيز السيادة والاستقلال، وإحياء الشرعية، وتقوية الجيش، وتنفيذ القرارات الدولية، وحل موضوعي النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. إن الأمم المتحدة وأصدقاءنا العرب والدوليين منفتحون على نقاش هذا الطرح لأنهم مهتمون بمساعدة لبنان على بقائه دولة حرة ومميزة في هذا الشرق».
وفي موضوع الحكومة، قال الراعي: «إننا نُعلي الصوت مع جميع اللبنانيين بتأليف حكومة تُعيد إنعاش المؤسسات، وتطلق ورشة الإصلاح لتأتينا المساعدات العربية والدولية الموعودة». وسأل: «لماذا هذا التأخير ما دام الجميع يعلنون، إذا صحت النيات (أي لا نقول الشيء ونفعل نقيضه)، أنهم يريدون حكومة تتميز بالخصائص ومعايير محددة، هي ‌حكومة اختصاصيين مستقلين غير حزبيين يتمتعون بالمهارة والخبرة والحس الوطني، وحكومة لا يملك فيها أي طرف سياسي أو حزبي أو نيابي الثلث المعطل الذي هو أساساً غير موجود في الدستور أو في الميثاق، وحكومة تتّبع في عملية تأليفها نص المواد الدستورية وروحها ومفهوم الميثاق الوطني من دون فذلكات لا مكان لها في الظرف الراهن، وأخيراً حكومة تلبّي حاجات المواطنين ويرتاح إليها المجتمعان العربي والدولي؟».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).