إيران تستغل الأزمة الاقتصادية لـ«تجنيد سوريين» في ميليشياتها

تقرير حقوقي يتحدث عن 25 ألف عنصر غرب الفرات بينهم 10 آلاف سوري

مدنيون سوريون ينزحون من ريف إدلب في 29 يناير 2020 (أ.ب)
مدنيون سوريون ينزحون من ريف إدلب في 29 يناير 2020 (أ.ب)
TT

إيران تستغل الأزمة الاقتصادية لـ«تجنيد سوريين» في ميليشياتها

مدنيون سوريون ينزحون من ريف إدلب في 29 يناير 2020 (أ.ب)
مدنيون سوريون ينزحون من ريف إدلب في 29 يناير 2020 (أ.ب)

أفاد تقرير حقوقي سوري بأن إيران تستغل الأزمة الاقتصادية لـ«ترسيخ التغلغل» في غرب نهر الفرات وريف حلب والمناطق الواقعة بين دمشق وحدود لبنان وتجنيد شباب في ميليشياتها، لافتاً إلى أن عدد عناصر الميليشيات الإيرانية غرب الفرات بلغ 25 ألف عنصر بينهم نحو عشرة آلاف سوري.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن «الميليشيات الموالية لإيران عمدت إلى استقدام تعزيزات عسكرية في الثاني من الشهر الماضي، حين وصلت 3 حافلات مقبلة من العراق، تقل عناصر إلى مقرات ميليشيا (سيد الشهداء) في قرية الهري الواقعة بريف البوكمال على الحدود السورية - العراقية شرق دير الزور، حيث تزامن دخول تلك القوات مع استنفار لعناصر الميليشيات الإيرانية، وأتبعت هذه التعزيزات تدريبات عسكرية أجرتها الميليشيات في السابع من الشهر الماضي، حيث ضربت انفجارات عنيفة بادية الميادين شرق دير الزور، ناجمة عن تدريبات بالذخيرة الحية بمناطق عدة ضمن بادية الميادين، أبرزها منطقة المزارع أكبر تجمع لهم في تلك المنطقة، وجرى استخدام أسلحة ثقيلة من قذائف وغيرها في التدريبات التي يشرف عليها قيادات من الحرس الثوري ولواء فاطميون».
وفي نهاية مارس (آذار)، رصد وصول شحنة أسلحة جديدة تابعة للميليشيات الموالية لإيران إلى منطقة الميادين مقبلة من الأراضي العراقية، حيث دخلت 3 شاحنات تحمل خضاراً وفاكهة مقبلة من العراق وتوجهت في بداية الأمر إلى «سوق الهال» في الميادين، وأنزلت صناديق خضار وفاكهة كنوع من التمويه، قبل أن تغادر الشاحنات وتتوجه إلى منطقة المزارع - أكبر تجمع للميليشيات في منطقة الميادين، وأفرغت الأسلحة ضمن أنفاق موجودة هناك كان تنظيم «داعش» قد حفرها سابقاً، وحالياً يتم استخدامها من قبل الميليشيات الموالية لإيران للتنقل وتخزين السلاح والذخيرة.
وتشهد منطقة غرب الفرات حركة تجارية مستمرة بين الإيرانيين والميليشيات التابعة لها مع الجانب العراقي، حيث تشهد المعابر الشرعية وغير الشرعية بين سوريا والعراق غرب الفرات، دخول وخروج شاحنات محملة بخضار وفاكهة وسلع تجارية أخرى بشكل يومي. وقال «المرصد» إن «الميليشيات الإيرانية تعمل على استغلال هذه الحركة التجارية بكثير من الأحيان لإدخال شحنات أسلحة إلى مناطقها ضمن شاحنات الخضار والفاكهة، إلا أن ذلك لا يعني أن كل عملية دخول وخروج لشاحنات تجارية تكون محملة بأسلحة وذخائر».
وعمدت في منتصف الشهر الماضي، إلى تخزين أسلحة وذخائر ضمن قلعة الرحبة الأثرية في محيط مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث كان «داعش» يعمل على تخزين أسلحته تحت الأرض في سراديب وأقبية القلعة إبان سيطرته على المنطقة، وهو ما تستغله الآن الميليشيات الموالية لإيران وتعاود فعل التنظيم، خوفاً من الاستهدافات المتكررة لمواقعها ومراكز تخزين أسلحتها وذخائرها، لا سيما أن القلعة كبيرة ومحصنة بشكل كبير.
في غضون ذلك، تواصل إيران «ترسيخ» وجودها ضمن المناطق الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات ابتداء من الميادين ووصولاً إلى مدينة البوكمال الاستراتيجية عند الحدود السورية - العراقية، فتارة تعمل على ترسيخ وجودها من خلال تجنيد الشبان مستغلة الفقر والأوضاع المعيشية، وتارة أُخرى تعمل على مصادرة واستملاك وشراء العقارات من أصحابها المهجرين إلى مناطق أُخرى من الأراضي السورية، أو موجودين في دول اللجوء والاغتراب.
وقال: «قامت دوريات تابعة للأمن العسكري بإنذار قاطني نحو 50 منزلاً في مدينة البوكمال، بضرورة إخلائها خلال مدة زمنية قصيرة وتعود ملكية المنازل لأشخاص معارضين للنظام السوري ممن شاركوا في الحراك الثوري ضده في بدايات الثورة السورية وهُجروا من مدينة البوكمال بعد سيطرة (داعش) عليها ومن ثم الإيرانيين، وإن إنذار قاطني المنازل جاء بطلب مما يسمى (مكتب الأصدقاء) التابع بشكل مباشر لـ(الحرس الثوري الإيراني)، الذي أبلغ بدوره قوات (الأمن العسكري) بتسليم البلاغات لقاطني المنازل التي ستصادر خلال الأسبوع المقبل، حيث يقطن تلك المنازل أقرباء لأصحابها».
كما استولت مجموعات تابعة لميليشيات «أبو فضل العباس» بتاريخ 12 الشهر الماضي، على محطة وقود القلعة الواقعة بمنطقة البلعوم على أطراف مدينة الميادين. وفي 22 مارس، قامت الميليشيات الموالية لإيران بمصادرة عدد كبير من المحال التجارية والمنازل في مدينة الميادين. وزاد: «تواصل الميليشيات الموالية لإيران العمل على استقطاب الشبان والرجال في منطقة غرب الفرات، وتجنيدهم في صفوفها في استغلال واضح وصريح للفقر المدقع المسيطر على كامل مناطق النظام السوري، وسط سوء الأوضاع المعيشية والانهيار الكارثي بالاقتصاد، حيث تتسلح الميليشيات بالمال وتقوم بإغراء الشبان والرجال للانخراط في صفوفها، فضلاً عن استقطاب عشائر المنطقة». ووفقاً لمصادر، فإن «عدد الأشخاص الذين جرى تجنيدهم لصالح الميليشيات الموالية لإيران في منطقة غرب الفرات ارتفع إلى 9850 شخصاً. كما يذكر أن تعداد الإيرانيين والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية في المنطقة هناك بلغ أكثر من 25 ألفاً، في الوقت الذي تواجه فيه روسيا صعوبة كبيرة على مزاحمة الإيرانيين غرب الفرات من خلال محاولاتها باستقطاب العشائر والأشخاص، إلا أن الكفة إلى الآن لا تزال راجحة بقوة لصالح الإيرانيين».
وتشهد المناطق السورية قرب الحدود مع لبنان بريف دمشق، تحركات متواصلة للميليشيات الموالية لإيران بقيادة «حزب الله» الذي يعد «الحاكم الفعلي للمنطقة»، وتتمثل هذه التحركات في عمليات شراء الأراضي الواقعة على الشريط الحدودي بين البلدين. وقال: «قامت تلك الميليشيات حتى اللحظة بشراء أكثر من 200 أرض في منطقة الزبداني، وما لا يقل عن 305 أراضٍ في منطقة الطفيل الحدودي التي باتت كقرية الهيبة الأسطورية في أحد المسلسلات السورية. كما قامت باستملاك ومصادرة 120 شقة وفيلا».
وقرب حلب، تواصل الميليشيات الموالية لإيران سواء المحلية منها أو الأجنبية من جنسيات عربية وآسيوية «عملية شراء العقارات في أحياء متفرقة من مدينة حلب وعلى الوتيرة المتصاعدة نفسها، مستغلة الواقع المزري والأوضاع المعيشية الكارثية، ولا تزال الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي هُجر كثير من أهلها قبل سنوات، تتصدر المشهد من حيث استملاك الميليشيات الموالية لإيران للعقارات فيها من منازل ومحال تجارية كأنه تغيير ديموغرافي للمنطقة»، حسب «المرصد». وزاد: «لا تزال الميليشيات الموالية لإيران بقيادة (لواء فاطميون) الأفغاني مستمرة بالتمدد والتغلغل في ريف حلب، عبر استمرار عمليات التجنيد. وإن تعداد المجندين ارتفع إلى نحو 645 منذ تصاعد عمليات التجنيد مطلع فبراير (شباط) 2021».
وأشار «المرصد» إلى أن «جمعية خيرية» تعمل على استقطاب الشبان من أبناء مدينة حمص والمقيمين فيها من مختلف المحافظات، وإغرائهم برواتب شهرية لتجنيدهم عسكرياً لصالح الميليشيات الموالية لإيران لـ«حماية وحراسة خط النفط التابع للإيرانيين والممتد من العراق إلى حمص، حيث يقومون بحماية الخط من الحدود السورية - العراقية وصولاً إلى محافظة حمص».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.