صاروخ انقلابي يقتل طفلاً ويصيب 5 آخرين في مأرب

الجيش اليمني يتصدى لهجمات الميليشيات ويتقدم في أكثر من جبهة

TT

صاروخ انقلابي يقتل طفلاً ويصيب 5 آخرين في مأرب

صعدت الميليشيات الحوثية حملتها التحريضية المتصاعدة لاستهداف المدنيين والنازحين في مدينة مأرب، أمس (السبت)، بقصف حي سكني في المدينة بصاروخ ما أدى إلى مقتل طفل على الأقل وإصابة خمسة آخرين، حسب ما أكدته المصادر الرسمية.
جاء ذلك في وقت تواصل الميليشيات هجماتها في المحافظة للسيطرة عليها، بينما يواصل الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية التصدي لهذه الهجمات ويواصل تقدمه في أكثر من جبهة، وفق تأكيدات الإعلام العسكري.
وأوضحت وكالة «سبأ» الرسمية أن طفلاً قتل وأصيب خمسة آخرون بشظايا صاروخ أطلقته ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على حي سكني مكتظ بالنازحين شمال مدينة مأرب.
وحسب المصادر الرسمية، فإن اثنين من الجرحى في حالة حرجة، بينما تسبب الصاروخ أيضاً بأضرار مادية وألحق أضراراً بالغة في منزلين وحافلة نقل في الحي المستهدف.
وتقول الحكومة الشرعية إن الميليشيات الحوثية مستمرة في ارتكاب جرائمها المروعة بحق المدنيين، وتواصل قصفها المكثف على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في مدينة مأرب بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة معرضة حياة أكثر من 2 مليون مدني من سكان المدينة للخطر.
الهجوم الحوثي الجديد على الأحياء السكنية جاء بعد موجة من التحريض من قبل قادة الجماعة على النازحين في المدينة، إذ يروجون أن سكان المدينة والنازحين في محيطها ممن يصفونهم بـ«التكفيريين» ومن عناصر «القاعدة» و«داعش»، وفق زعمهم.
في السياق الميداني، ذكر الإعلام العسكري للجيش اليمني أن القوات الحكومية مسنودة بالمقاومة الشعبية نفذت في جبهة مريس بمحافظة الضالع، هجوماً واسعاً على مواقع ميليشيات الحوثي، تحديداً جنوب مدينة دمت.
ونقلت المصادر عن قائد اللواء الخامس قوات خاصة العميد أحمد سمنان قوله إن قوات الجيش والمقاومة شنت هجوماً واسعاً ومباغتاً تمكنت من خلاله من الوصول إلى ما بعد خطوط العدو وقتل وجرح أكثر من 30 حوثياً، واغتنام عدد من الذخائر والآليات.
وأكد العميد سمنان أن عناصر الجيش تمكنوا من تدمير وإحراق دورية للميليشيات في الخط العام بالعرفاف، في حين أكد مسؤول التوجيه المعنوي باللواء الرابع العقيد نصر الرزاقي، أن المواقع التي تم السيطرة عليها من قبل الجيش الوطني هي تبة العلم والتبة الكبيرة وتباب الخريبة وخواو العبد وتباب ملازق والعدان وبيت عبد السلام، حيث جرى فيها تكبيد الميليشيات أكثر من 15 قتيلاً وأكثر من 20 جريحاً.
كان المتحدث باسم الجيش اليمني أفاد في إيجاز للصحافة بأن الانتصارات «متواصلة ومستمرة في جبهات محافظة مأرب، حيث جبهات صرواح والكسارة وهيلان والمشجح وصولاً إلى جبهة المخدرة وجبهة ماس والجدعان».
وقال مجلي «إن الميليشيا الحوثية ما زالت مصرة على تنفيذ الأجندة الإيرانية، ضاربة عرض الحائط بكل المبادرات، بعدوانها على الشعب اليمني»، مؤكداً انكسارها أمام التضحيات الكبيرة للجيش والمقاومة الشعبية في كل الجبهات القتالية.
وأضاف: «خلال الأسبوع المنصرم لم تتوقف المعارك، ولا الإسناد الجوي للطيران الذي دك تعزيزات الميليشيات وآلياتها ودباباتها وعتادها القتالي، وذلك في المشجح وهيلان والكسارة، وصولاً إلى الجدعان والجدافر، حيث حقق الجيش في الميدان تقدماً استراتيجياً بمعنويات عالية، وجاهزية قتالية، مستنزفاً الميليشيات الحوثية بالكمائن والالتفاف والتطويق والمناورة والأعمال التعرضية وإحكام الحصار».
وفي محافظة تعز، أكد العميد مجلي أن العمليات العسكرية تواصلت غرب وجنوب المحافظة، وصولاً إلى جبهة القبيطة محافظة لحج، في استنفار لجميع وحدات الجيش والأمن وبإسناد شعبي كبير، حيث حققت القوات في مديرية مقبنة تقدماً نوعياً، وحررت مواقع استراتيجية كانت تتمركز فيها الميليشيات الحوثية الانقلابية.
وفي محافظة حجة، أفاد مجلي بأن قوات الجيش «تحقق هي الأخرى التقدم بإسناد من تحالف دعم الشرعية، وذلك في عزلة بني حسن التابعة لمديرية عبس ومديرية مستبأ، حيث تمكنت من تأمين المواقع التي حررتها خلال الأيام الماضية والسيطرة على الخطوط الإسفلتية والترابية، واقتربت إلى منطقة سوق الربوع وقطعت طرق إمداد الميليشيات الحوثية».
وقال مجلي إن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية شنوا هجوماً معاكساً على عدد من المواقع كانت تتمركز فيها الميليشيا الحوثية في منطقة الظهرة ببرط العنان بمحافظة الجوف، وتمكنت من خلاله من تحرير عدة مواقع في سلسلة جبال المطابق الواقعة بين محافظتي الجوف وصعدة.
وأضاف أن مدفعية الجيش الوطني، في مديرية باقم بصعدة، دكت تعزيزات وآليات قتالية تابعة لميليشيات الحوثي أثناء محاولتها التسلل باتجاه مواقع لقوات الجيش الوطني في مديرية باقم شمال غربي محافظة صعدة.
وعن الاستهداف الممنهج من قبل الميليشيات للنازحين في مأرب، قال متحدث الجيش اليمني إن ذلك يستوجب تحرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التدخل الفوري، ووصفها بأنها «أعمال مدانة وترقى إلى جرائم حرب وتخالف القانون الدولي الإنساني».


مقالات ذات صلة

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
TT

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)

على الرغم من تجديد مجلس الأمن الدولي عقوباته على الحوثيين لاحتواء تهديداتهم، تُشير كثير من الوقائع والآراء إلى أن هذه الضغوط لم تُحقق التأثير المأمول منها، إذ يتواصل الكشف عن مؤشرات على أن الجماعة المتحالفة مع إيران تُعيد إنتاج نفسها بوصفها تهديداً أكثر تعقيداً واتساعاً، وتطوّر قدراتها العسكرية، وتوسع نطاق عملياتها البحرية.

وكان مجلس الأمن الدولي قد جدد منتصف الشهر الماضي العقوبات على الجماعة الحوثية، بما في ذلك حظر الأسلحة المفروض منذ أكثر من عقد، ومدّد ولاية فريق الخبراء المعنيّ بمراقبة تنفيذ العقوبات حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك على خلفية استمرار أنشطتها وهجماتها على الشحن التجاري وعلى دول المنطقة، وتهديدها المدنيين والشحن الدولي والسلام والأمن الإقليميين.

وبينما يعكس القرار الأممي إدانة متجددة لسلوك الحوثيين، تستمر الجماعة في نقل تكلفة العزلة الدولية إلى مستويات أخرى من الأنشطة المزعزعة للأمن، وتنقل عزلتها الخارجية إلى توسع في الأنشطة والعلاقات العسكرية مع كيانات وأطراف معزولة بدورها، تأكيداً على أن الضغط على القرار السياسي لم يكسر بعد منطق القوة الذي يحكم سلوكها.

في هذا السياق، كشفت دراسة حديثة صادرة عن «مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية» عن أنه، ورغم تراجع الهجمات، فإن التهديد الحوثي في البحر الأحمر أصبح خلال العام الحالي، أكثر خطورة وتعقيداً مقارنة ببداية أزمة الممر المائي العام قبل الماضي، بعد مسارعة الجماعة للارتباط بشبكات تعاون مع تنظيمات إرهابية.

صورة عبر قمر اصطناعي تظهر النفط المتسرب من سفينة «روبيمار» بعد هجوم حوثي قبالة سواحل الحديدة (أ.ب)

ولا يُعدّ انخفاض وتيرة العمليات تراجعاً في قدرات الجماعة وفقاً للدراسة، بل هو تحول في طبيعة الهجوم إلى أساليب أشد تأثيراً، بعد مراكمة الخبرات وتطوير منظومات تسليحها، واتساع نطاقها.

وتمتلك الجماعة الحوثية، بعد كل ما تعرضت له من هجمات، ترسانة عسكرية متقدمة تشمل صواريخ باليستية مضادة للسفن، وقوارب مسيّرة انتحارية، وطائرات دون طيار، إلى جانب توسع جغرافي لعملياتها بين شمال البحر الأحمر وبحر العرب إلى محيط أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وفقاً لتقديرات أميركية استندت إليها الدراسة.

روافد تمويل جديدة

وتلفت الدراسة إلى احتمالية أن تكون الجماعة قادرة على تهديد مناطق أبعد، بما فيها البحر الأبيض المتوسط، بوصف ذلك قفزة نوعية مقارنة بقدراتها قبل عامين. ويفرض هذا التحول، حسب «مركز لاهاي»، تحديات مباشرة على دول المنطقة، في ظل استمرار هشاشة التنسيق الأمني الإقليمي، وغياب استراتيجية شاملة لأمن البحر الأحمر، في حين مكّن استمرار الوضع غير المستقر في اليمن، ووقوعه في حالة «اللاسلم واللاحرب» الجماعة، من تعزيز تفوقها النوعي، وفرض قواعد اشتباك جديدة، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة لأمن أحد أهم الممرات المائية في العالم.

الجماعة الحوثية تستغل العقوبات داخلياً لقمع السكان وإجبارهم على مناصرتها وفق الخبراء (أ.ب)

يذهب علي الخولاني، الأكاديمي والباحث السياسي اليمني، إلى أن تراخي المجتمع الدولي «مكّن الجماعة الحوثية من التوغل، حتى أصبحت اليوم تهديداً حقيقياً لدول الجوار والملاحة الدولية، في حين يُمثل استمرار المجتمع الدولي في رفع راية الحوار السياسي والسلام معها، دعماً لتفكيك اليمن إلى كانتونات ميليشاوية، مذهبية، جهوية وطائفية لابتزاز واستنزاف دول الخليج».

ويدخل كل ذلك «في إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى إلى تفكيك الدول الوطنية في الوطن العربي، بما يخدم ويُحافظ على مصالح الولايات المتحدة وعلى أمن إسرائيل»، طبقاً لحديث الخولاني لـ«الشرق الأوسط» الذي ذكّر فيه: «بمنع القوى الدولية تحرير الساحل الغربي للبلاد حيث محافظة الحديدة».

ويخلص الخولاني، وهو أيضاً رئيس «المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية»، إلى أن قرار مجلس الأمن لا يُقدم جديداً في الإجراءات سوى توسيع نطاق المراقبة والتفتيش، لكنه يعكس نفوذ الدول دائمة العضوية فيه، على المنطقة.

الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

وباتت علاقات الجماعة أكثر إثارة للقلق بعد تعاونها مع تنظيمات إرهابية، مثل «القاعدة» في جزيرة العرب و«حركة الشباب» الصومالية، حسب الخبراء الأمميين، وهي تطورات جعلت من الجماعة، مورداً رئيسياً للسلاح بوصفه رافداً حيوياً لتمويلها واستمرار عملياتها، طبقاً للدراسة الدولية.

إجراءات غير كافية

لم تدفع العقوبات الجماعة إلى المرونة بل رفعت منسوب التهديد العسكري والإقليمي، واستخدمت التصعيد ورقةَ تفاوض غير مباشرة.

ويرى فيصل المجيدي، الباحث القانوني ووكيل وزارة العدل اليمنية، «أن تجديد مجلس الأمن العقوبات على الجماعة الحوثية، لا يُعدّ إجراءً دوريّاً بقدر ما يُمثل تثبيتاً قانونياً جديداً لوضعها بوصفه تهديداً للأمن والسلم الدوليين، لا طرفاً محلياً في نزاع داخلي»، متوقعاً: «بدء الانتقال من إدارة العقوبات إلى تفعيلها عملياً، وتحويل الضغط القانوني إلى أداة ردع فعلي».

وهذا التوصيف القانوني، حسب حديث المجيدي لـ«الشرق الأوسط»، يُعزز الإطار القانوني الدولي الذي يسمح بملاحقة شبكات التمويل والتهريب الداعمة للجماعة، ويوسّع صلاحيات تتبّع مصادر التسليح والمكونات العسكرية، وتشديد الخناق الدبلوماسي والاقتصادي والأمني عليها.

مخاوف كبيرة يبديها المراقبون من تأثير العقوبات الدولية على السكان في مناطق سيطرة الحوثيين (غيتي)

ودعا المجيدي «مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة الشرعية، إلى تعزيز التعاون المباشر مع فريق الخبراء، وتفعيل منظومة وطنية للملاحقة المالية تشمل قوائم سوداء محلية للأفراد والكيانات، وتحويل العقوبات إلى رافعة سياسية لدعم موقف الحكومة في المسار التفاوضي، بحيث لا يُكافأ الحوثيون سياسياً، وهم يخرقون القرارات الأممية».

وتلجأ الجماعة إلى استثمار العقوبات وتوظيفها دعائياً، لتبرير أعمال القمع والتجنيد وتشديد القبضة الأمنية.

ويتوقع خبراء اقتصاد الحرب أن العقوبات لن تضعف اقتصاد الجماعة إلا بشكل محدود، ما لم تُقترن بمسار سياسي صارم وضغط وتعاون إقليميين.

من جهته، يجد فارس البيل، الباحث السياسي والأكاديمي اليمني، في تمديد العقوبات على الجماعة الحوثية، «تعميقاً لعزلتها السياسية بوصفها طرفاً منبوذاً، وتقييداً لقدرتها على التحرك السياسي أو الاستفادة من المناورات السياسية التي تجريها، ومحاولة فتح ممرات سياسية تستفيد منها وتراوغ من خلالها أو تحتمي بها».

التعاون بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية يضاعف من المخاطر على الأمن الإقليمي وأمن الملاحة (أ.ف.ب)

لكنه يلفت إلى أن هذه الإجراءات «قد تنعكس بشكل غير مباشر على الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الجماعة، دون أن تُمَكِّن من هزيمتها عسكرياً بالضرورة، وإن كانت ستُسهم في إضعاف قدراتها اللوجيستية والعسكرية، خصوصاً المرتبطة بالبحر الأحمر، وتعزز الرقابة الدولية».

ومع ذلك، يخلص البيل إلى «محدودية فاعلية العقوبات بوصفها أداة ضغط دون دمجها بضغوطات كبيرة سياسية وتمويلية وعسكرية أيضاً، وإلحاقها بتوجهات للتعامل مع الحوثيين بكونهم جماعة إرهابية متطرفة تؤذي اليمن والإقليم والأمن الدولي».

يشار إلى أنه بات واضحاً أن الجماعة الحوثية تتعامل مع العزلة والعقوبات بوصفهما عبئاً يمكنها تحميله للسكان من خلال الجبايات وإجراءات تزيد من معاناتهم، وليس إنذاراً يجبرها على التراجع.


ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
TT

ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تُصر مصر على أن تضع «صفقة الغاز» مع إسرائيل في إطارها التجاري في ظل تعدد الملفات الخلافية بين البلدين. وعزز ذلك النفي الرسمي القاطع من جانب القاهرة بشأن وجود ترتيبات للقاء يجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يطرح تساؤلات حول تأثير استمرار التوتر على استدامة الصفقة التي تستمر حتى عام 2040.

وقال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها من الصحة مطلقاً»، مشيراً في تصريحات إعلامية، مساء الجمعة، إلى أن «هذه الأخبار المتداولة يروّجها الإعلام الإسرائيلي في الأساس».

وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى محاولة واشنطن ترتيب لقاء بين السيسي ونتنياهو، ضمن زيارة محتملة من كليهما إلى الولايات المتحدة قريباً للقاء الرئيس دونالد ترمب.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والتواجد الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وظلت «صفقة الغاز» التي أعلن نتنياهو، الأربعاء الماضي، الموافقة عليها أسيرة موقف إسرائيلي رافض لإتمامها رغم الإعلان عنها في أغسطس (آب) الماضي، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة التي تعد شركاتها جزءاً من الصفقة للضغط على إسرائيل لضمان عدم انهيار الصفقة.

وذكرت «الخارجية الأميركية» في بيان، الخميس، أن «موافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز التي أبرمتها شركة (شيفرون) مع مصر، إنجاز كبير للأعمال التجارية الأميركية والتعاون الإقليمي». وأضافت أن «اتفاقية الغاز بين إسرائيل ومصر لا تعزز أمن الطاقة فحسب، بل تدعم أيضاً الجهود الأوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار غزة».

واعتبر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المصالح الأميركية يمكن أن تضمن استدامة «اتفاق الغاز»، لكن ذلك لا يمنع من تأثر التعاون في مجال الطاقة بين مصر وإسرائيل بالتوترات الإقليمية، وكذلك بما تؤول إليه تطورات الصراع في غزة وانعكاساته على العلاقة بين الطرفين.

سياج أمني على الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وتمتلك شركة «شيفرون» الأميركية 40 في المائة من حقل «ليفياثان» الإسرائيلي الذي يتم من خلاله تصدير الغاز إلى مصر إلى جانب شركة «نيو ميد إنرجي» الإسرائيلية، وتُقدر احتياطات الحقل بنحو 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وسبق أن أوقفت إسرائيل تصدير الغاز إلى مصر دون إخطار مسبق في ظل حربها على قطاع غزة وكذلك مع بدء الضربات على إيران خلال يونيو (حزيران) الماضي، وفي ذلك الحين أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «الحكومة وفّرت بدائل لتأمين احتياجات البلاد خلال فترات توقُّف الإمدادات الإسرائيلية، عبر تشغيل سفن لاستقبال الغاز المسال لضمان استمرار تشغيل المصانع ومحطات الكهرباء دون انقطاع».

الباحث في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الولايات المتحدة لديها رغبة في استدامة «اتفاقية الغاز» بين مصر وإسرائيل بما يحفظ الحقوق التجارية لشركاتها، وفي حال جرى استخدامه كأداة ضغط سياسي على مصر فإن القاهرة لن ترضخ لذلك وهو ما يجعل الاتفاق لا يترك تأثيرات سياسية على علاقة البلدين.

وأضاف عكاشة أن التحولات الإيجابية في العلاقة بين البلدين تتوقف على بدء دخول المرحلة الثانية من اتفاق «وقف إطلاق النار» وإيجاد مسار واضح لدولة فلسطينية مستقبلية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ووقف أي محاولات من شأنها تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، موضحاً: «يمكن أن يفتح ذلك المجال أيضاً لعقد لقاء في المستقبل بين الرئيس السيسي ونتنياهو كما يضمن استدامة صفقة الغاز». وأشار إلى أن ملف الطاقة دائماً ما يشكل مشكلة، وسبق أن تسببت الهجمات على أنابيب الغاز المصرية في سيناء في أعقاب الاضطرابات الأمنية في عام 2011 في توقف الإمدادات المصرية إلى إسرائيل، وكان من الصعب تحمل تكلفة التأمين وتضررت القاهرة كما الوضع بالنسبة لإسرائيل.

مصر تعدد خياراتها لتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز الطبيعي (وزارة البترول المصرية)

وأوضح عكاشة أنه «في حال جرى عرقلة الاتفاق الذي أعلن نتنياهو التصديق عليه أخيراً، فإنه سيكون أمام التزامات قانونية يصعب تجاوزها، كما أن مصر أثبتت خلال الأشهر الماضية أنها لن تقبل بأن يتم الضغط عليها سياسياً بورقة الغاز».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو رفض التصديق على الاتفاق «بسبب تحركات الجيش المصري في شمال سيناء»، وهدّد بتجميده أو إلغائه إذا لم يُحصَل على موافقته الشخصية على أي خطوات لاحقة، قبل أن يُعاد التصديق عليه بعد استكمال المفاوضات.

ووقّع البلدان صفقة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في عام 2019، قبل تعديلها لتنص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي لمصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، بمعدل يومي قدره 1.8 مليار قدم مكعب.

خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، يرى أن المصلحة الأميركية في استدامة «صفقة الغاز» تشكّل عاملاً مهماً في التزام إسرائيل بالاتفاق، خاصة أنه يحقق مكاسب إيجابية لجميع الأطراف الموقعة على الصفقة، لكن في الوقت ذاته فإن الحكومة المصرية تتوقع جميع الاحتمالات، ما يجعلها تعتمد على 4 سفن لـ«التغييز» لاستقبال الغاز المسال.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وسبق أن تحدث خبراء لـ«الشرق الأوسط» عن توجه القاهرة نحو تنويع مصادر الغاز الطبيعي دون انتظار موقف إسرائيل من الصفقة أبرزها إنشاء 4 محطات لتمويل السفن بالغاز الطبيعي، والتوسع في استيراد سفن الغاز من دول مختلفة، إلى جانب تعزيز الاكتشافات المحلية، وتشجيع الشركات الأجنبية على توسيع عمليات التنقيب.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً، ويُقدر حالياً بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعب يومياً في أشهر الصيف، وفق تقديرات حكومية.


«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بينما تتعثر «الخطة العربية الشاملة» بشأن الإعمار الذي يعد أبرز ملامح المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع المتعثرة حالياً.

تلك الخطة الأميركية المتداولة، تأتي بينما تبحث مصر إقامة مؤتمر لتمويل إعمار كامل غزة بالشراكة مع واشنطن بعد تأجيله نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويعتقد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه عودة لمخططات تهجير الفلسطينيين مجدداً رغم الرفض المصري والعربي، ما قد يطرح 3 سيناريوهات: المضي في تلك الخطة الأميركية الجزئية في رفح الفلسطينية، ومن ثمّ تأجيل نظيرتها العربية الشاملة؛ أو الدمج بين الخطتين دون تهجير؛ أو تعطيل كل الخطتين لتعثر إتمام الاتفاق».

وتحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الجمعة، عن خطة أعدها كوشنر وويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية، ونقل سكان غزة «من الخيام إلى الشقق الفاخرة»، و«من الفقر إلى الازدهار»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

وبحسب المسودة «ستبلغ تكلفة المشروع الإجمالية 112.1 مليار دولار على مدى عشر سنوات»، على أن تلتزم الولايات المتحدة بتقديم منح وضمانات ديون لـ«جميع مسارات العمل المطروحة» خلال تلك الفترة، لكن التحديات هائلة، وفق الصحيفة، لافتة إلى أن إعادة إعمار غزة مشروطة بأن تقوم «حماس» بـ«نزع السلاح وتفكيك جميع الأسلحة والأنفاق».

وسيُنفّذ الإعمار عبر أربع مراحل، تبدأ من الجنوب في رفح وخان يونس، ثم تتجه شمالاً إلى «مخيّمات الوسط»، وأخيراً إلى العاصمة غزة، وتتضمن إحدى الشرائح، المعنونة بـ«رفح الجديدة»، تصوراً لجعلها «مقر الحوكمة» في غزة وموطناً لأكثر من 500 ألف نسمة، يعيشون في مدينة تضم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، و200 مدرسة أو أكثر، وأكثر من 75 منشأة طبية، و180 مسجداً ومركزاً ثقافياً.

وهذه التسريبات تأتي بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأميركية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

طفل فلسطيني نازح ينتظر مع حاويته لتلقي حصص غذائية متبرع بها في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن «خطة ترمب للسلام تعطي منذ البداية مساحة أكبر للأميركيين والإسرائيليين، والخطة الجديدة المطروحة للإعمار من جانب واشنطن، محاولة لتحقيق هدف تهجير الفلسطينيين مرة أخرى».

فيما يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن «خطة شروق الشمس» تؤكد أن الولايات المتحدة لم تتخل عن فكرتها في ترحيل جزئي لسكان غزة مع ضخ استثمارات عقارية تحقق أمن إسرائيل فقط.

ووفق «وول ستريت جورنال»، فإن «بعض المسؤولين الأميركيين الذين اطّلعوا على (خطة شروق الشمس) يبدون شكوكاً جدّيةً بشأن مدى واقعيتها. فهم يستبعدون أن توافق حركة (حماس) على نزع سلاحها لبدء تنفيذ الخطة». وذكرت الصحيفة أنه «حتى في حال حدوث ذلك، يشكّك المسؤولون في قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول ثرية بتحمّل تكلفة تحويل بيئة ما بعد الحرب إلى مشهد حضري عالي التقنية».

وعلى مقربة من هذه الشكوك، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في تصريحات الجمعة: «لن تقنع أحداً بالاستثمار في غزة إذا كان يعتقد أن حرباً أخرى ستندلع بعد عامين أو ثلاثة»، وأضاف: «لدينا ثقة كبيرة بأننا سنحصل على المانحين لجهود إعادة الإعمار والدعم الإنساني على المدى الطويل».

ويرى حسن أن روبيو يتحدث بحديث إسرائيل نفسه بشأن نزع سلاح «حماس»، ومن الصعب بدء المرحلة الثانية في ضوء عدم تحقيق التزاماتها مثل نشر «قوات الاستقرار» ونزع سلاح الحركة.

تلك التسريبات الأميركية، جاءت بعد نحو 17 يوماً من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «أننا نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

تجمع فلسطينيون نازحون لتلقي حصص غذائية تبرع بها أحد المتبرعين في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وبعد ذلك قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في جلسة بـ«منتدى الدوحة»، أخيراً: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، ووصفت وقتها تلك التصريحات القطرية، من جانب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «ضغط على واشنطن لدفع إسرائيل لتنفيذ انسحاب وبدء إعمار».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت ستنظمه القاهرة في نهاية نوفمبر الماضي، أجل دون ذكر السبب، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن ما يطرح أميركياً قد يؤخر عملية الإعمار وفق «الخطة العربية الشاملة»، مشيراً إلى أن تعثر مؤتمر الإعمار بسبب عدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم انسحاب إسرائيل. وحول المتوقع، إزاء الخطة الجديدة للإعمار، أوضح أنه يمكن التزاوج بين الخطتين العربية والأميركية شريطة ألا يحدث تهجير للفلسطينيين.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن مستقبل الإعمار قد يشهد المضي في الخطة الأميركية بشكل منفرد، وتأخير الخطة العربية الشاملة، أو استمرار التعثر لعدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم دخول أي من الخطتين حيز التنفيذ.