تركيا: المتدربون يواجهون نفس عقوبة الجنرالات نفسها بسبب محاولة الانقلاب

أشخاص يقتربون من دبابة عسكرية في أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 20216 (رويترز)
أشخاص يقتربون من دبابة عسكرية في أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 20216 (رويترز)
TT

تركيا: المتدربون يواجهون نفس عقوبة الجنرالات نفسها بسبب محاولة الانقلاب

أشخاص يقتربون من دبابة عسكرية في أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 20216 (رويترز)
أشخاص يقتربون من دبابة عسكرية في أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 20216 (رويترز)

كسرت عائلات «الطيارين المتدربين»، المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، صمتهم، احتجاجاً على براءتهم. حيث اتهم أكثر من 600 مجنّد، من بينهم أدين 13 «طياراً متدرباً»، من 14 خريجاً من أكاديمية القوات الجوية التركية، بالانضمام إلى محاولة انقلاب عام 2016 (واحد منهم لم يُتهم لأنه احتفل بزفافه أثناء محاولة الانقلاب)، التي ألقت بالبلاد في فوضى لم تخرج منها بعد. حسبما أفاد به تقرير صحيفة «نيويورك تايمز».
تحطمت حياتهم العسكرية وأحلامهم في تحليق طائرات «إف 16»، بعدما حُكم عليهم بالسجن مدى الحياة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسيدخل كل أفراد المجموعة السجن، في غضون أشهر.
يقول التقرير، إنه في أعقاب محاولة الانقلاب، واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان محاولة الانقلاب باتخاذ إجراءات صارمة، وفرض حالة الطوارئ لمدة عامين، واعتقل 100 ألف شخص وطرد 150 ألف موظف حكومي من وظائفهم. وتمت محاكمة أكثر من 8000 فرد عسكري لدورهم في محاولة الانقلاب، بما في ذلك أكثر من 600 متدرب وطلبة عسكر ومجندين - معظمهم في أوائل العشرينات من العمر.
وتخشى عائلات ومحامي المتهمين التحدث علانية، بعد تم التغاضي عن مصيرهم إلى حد كبير في تركيا، حيث كان الخطاب الحكومي ضد منفذي الانقلاب صارخاً.
قررت بعض عائلاتهم الخروج عن صمتهم، بعد الحكم على 13 منهم بالسجن المؤبد، وتلقى 12 منهم «الأشغال الشاقة»، وهو أقسى أشكال عقوبة السجن المؤبد، دون إعطاء فرصة لإفراج المشروط.
قال كزبان كالين، والد ألبير (30 عاماً)، من بين المحكوم عليهم، وهو نفسه رقيب متقاعد «لم نتوقع تبرئتهم، بصراحة، لكننا كنا نتوقع الإفراج عنهم على الأقل».
وأضاف: «عندما يتعلق الأمر بالانقلاب، يكون الأمر على مستوى الجنرالات».
يفيد التقرير، بأنه، في بداية الأمر، كان الطيارون المتدربون وعائلاتهم يثقون في النظام، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن تاريخ تركيا مليء بالانقلابات، ولم تتم محاسبة القوات ذات الرتب الأدنى بهذه الطريقة.
ففي صيف عام 2016، كانت المجموعة قد وصلت لتوها إلى قاعدة إنجرليك الجوية التركية خارج العاصمة أنقرة، لبدء التدريب على طائرات مقاتلة من طراز«F - 16».
وفي 15 يوليو (تموز)، تم استدعاؤهم إلى القاعدة لإجراء اختبار اللغة الإنجليزية، ثم طُلب منهم الوقوف في حالة تأهب لمراقبة عملية مكافحة الإرهاب.
تبين بعدها أن قاعدة إنجرليك كانت مقراً لمدبري الانقلاب، وهي مجموعة من العسكريين والمدنيين الذين أمروا القوات في ذلك المساء بالسيطرة على المنشآت الرئيسية والطائرات لقصف البرلمان ووحدة من الكوماندوز للقبض على إردوغان.
دعا إردوغان المواطنين لمواجهة الانقلاب، بعد هروبه من محاولة القبض عليه، وذلك مقابلة بالهاتف الجوال مع محطة تلفزيونية. بحلول صباح اليوم التالي، استعادت القوات الموالية للحكومة السيطرة وهاجمت القاعدة الجوية، واعتقلت العديد من المتورطين.
ووفقاً لتصريحات «الطيارين المتدربين»، للمحققين وفي المحكمة، والتي طعنتها الحكومة فيما بعد، لم يكن الطيارون المتدربون على دراية بما يجري.
وقالوا إن هواتفهم الجوالة سُلبت منهم - وهو أمر طبيعي أثناء التدريبات العسكرية، وأُزيل التلفزيون من قاعة الطعام حيث أمضوا معظم الليل جالسين. فنقلوا الكراسي وشربوا الشاي. ووقف بعضهم في حراسة المدخل الخلفي لمبنى السرب، وأرسل ثلاثة منهم إلى البوابة الأمامية وسلموا بنادق، رغم أن المحكمة وجدت أنهم لم يستخدموها.
وغادر معظم المتدربين القاعدة الجوية، اليوم التالي، نحو الساعة 8 صباحاً، بواسطة سياراتهم الخاصة، بعدما تعرضت القاعدة لإطلاق النار من القوات الخاصة، وطُلب منهم المغادرة، وصل ألبير كالين إلى المنزل خائفاً ومرهقاً، لكن والديه طمأناه.
قال كالين: «لم أكن أعتقد أن أي شيء سيحدث لهؤلاء المتدربين، لم يستخدموا أسلحتهم النارية. ولم يشاركوا في أي شيء، فقط كانت القاعدة الجوية مكان عملهم».
تم استدعاء المجموعة إلى القاعدة للإدلاء بشهادتها حول الأحداث، بعد 11 يوماً من محاولة الانقلاب، ولكن تم اعتقالهم على الفور. وفي غضون ساعات، ظهرت أسماؤهم على قائمة الأفراد الذين تم حذفهم من الجيش.
فكان ذلك بمثابة صدمة للمتدربين وعائلاتهم التي ما زالوا يعانون منها. وظل الطيارون رهن الاعتقال منذ ذلك الحين. وعندما حاول آباؤهم وأشقاؤهم العثور عليهم في مراكز الشرطة وقواعد الجيش، تعرضوا للإهانات والإساءات. ومن كونهم آباء فخورين لأبناء عسكريين مشهورين، إلى آباء متهمين بالخيانة والإرهاب.
تم إدراج إردوغان ضمن ضحايا الأحداث، وتم تمثيله طوال المحاكمة من قبل محاميه، حسين أيدين، الذي تصادم في كثير من الأحيان مع المتهمين ومحاميهم.
وقال أيدين في إجابات مكتوبة عن أسئلة من صحيفة «نيويورك تايمز»: «إن جريمة انتهاك الدستور، التي اتُهم بها العديد من المتهمين، بمن فيهم الضباط المتدربون، كان هدفها إردوغان».
ووجهت إلى المتدربين تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي ومحاولة قلب النظام الدستوري والقتل ومحاولة القتل، حيث قتل ثمانية مدنيين في اشتباكات عند مدخل القاعدة الجوية.
قال محامي المتهمين، الذي طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التداعيات القانونية على نفسه: «إن النيابة لم تقدم أدلة على تورطهم في مؤامرة الانقلاب أو الاشتباكات التي وقعت»،
وأضاف: «إنهم كضباط متدربين، كانوا يتلقون تعليمهم، ولا يمكنهم إلا أن يأخذوا الأوامر وليس إصدارها».
ءشملت عمليات التطهير والملاحقات القضائية، حتى الآن، الآلاف في الجيش والضباط والطلاب على حد سواء.
قالت هاتيس جيلان، التي كان نجلها بوراك، 29 عاماً، من بين الـ13 متدرباً الذين حُكم عليهم: «هل من المقبول التعتيم على حياة هذا العدد الكبير من الناس دون التمييز بين الأبرياء والمذنبين؟ إنهم مجرد أطفال. هناك الكثير، مثل ابني، متروكون في السجن».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.