الحريري: حوارنا مع «حزب الله» لا يعني الاعتراف بحقه في جعل لبنان ساحة لإنقاذ النظام السوري

أكد في الذكرى العاشرة لاغتيال والده إلتزامهم بالسير على خطاه في محبة السعودية وشعبها وقيادتها

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري أثناء خطابه في بيروت أمس في الذكرى العاشرة لاغتيال والده (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري أثناء خطابه في بيروت أمس في الذكرى العاشرة لاغتيال والده (رويترز)
TT

الحريري: حوارنا مع «حزب الله» لا يعني الاعتراف بحقه في جعل لبنان ساحة لإنقاذ النظام السوري

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري أثناء خطابه في بيروت أمس في الذكرى العاشرة لاغتيال والده (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري أثناء خطابه في بيروت أمس في الذكرى العاشرة لاغتيال والده (رويترز)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، رئيس «تيار المستقبل»، أنّ حوار تياره مع حزب الله هو «حاجة وضرورة» لحماية لبنان، رافضا في الوقت عينه «الاعتراف للحزب بأي حقوق تتقدّم على حق الدولة في قرارات السلم والحرب.. وتجعل من لبنان ساحة أمنية وعسكرية»، يسخّرون من خلالها إمكانات الدولة وأرواح اللبنانيين لإنقاذ النظام السوري وحماية المصالح الإيرانية.
في الكلمة التي ألقاها سعد الحريري في الذكرى العاشرة لاغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، التي أقيمت في قاعة البيال للمعارض في وسط بيروت بحضور شخصيات سياسية من مختلف الأحزاب، جدّد الحريري عهد الوفاء للمملكة العربية السعودية، قائلا: «قبل أيام، فقدنا صديقا كبيرا للبنان، هو الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، الذي سيبقى في ذاكرة اللبنانيين أَبا وراعيا ونصيرا واسما للشهامة والشجاعة والأخوّة الصادقة. وقبل أيام، واكبنا مع الشعب السعودي الشقيق، مبايعة حامل الأمانة التاريخية بالاستقرار والتغيير والانفتاح، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذين نرفع لهم باسمكم جميعا عهد الوفاء للمملكة، ملتزمين السير على خطى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي زرع في قلوبنا محبّة المملكة وشعبها وقيادتها، وعاد منها إلى وطنه لبنان بإرادة الخير والبناء والاعتدال والسلام الوطني».
وكما كان متوقعا لم تكن كلمة الحريري «عالية السقف» في ظل الحوار القائم بينه وبين حزب الله، مع تأكيده على أنّ هذا الحوار هو لربط النزاع الذي لا يزال قائما في أمور عدّة، على رأسها المحكمة الدولية الخاصة باغتيال والده ومشاركة حزب الله في الحرب بسوريا.
وقال الحريري الذي وصل ليل الجمعة إلى بيروت آتيا من السعودية للمشاركة في الاحتفال: «قرّرنا أن نحمي لبنان بكل ما لدينا من قوة ومن وسائل، ومن هذا المنطلق قرّرنا العام الماضي ربط النزاع في حكومة كانت مهمتها الأولى تفادي وقوع البلد في الفراغ التام»، موجها التحية لرئيس الحكومة تمام سلام لعمله الدؤوب وصبره الطويل في تولي المسؤولية الوطنية الحيوية في هذه المرحلة. وأضاف: «ومن هذا المنطلق أيضا، قررنا منذ أسابيع الشروع في حوار مع حزب الله»، معتبرا إياه حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي الذي لم يعد من الحكمة التغاضي عنه، وضرورة وطنية لتصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى.
وجدّد الحريري تأكيده أنّ النزاع قائم فعلا مع الحزب حول ملفّات ليست خافية على أحد، من ملف المحكمة الدولية ورفض تسليم المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، وملف المشاركة العسكرية بالحرب السورية والنزاعات الأهلية العربية، إلى ملف حصرية السلاح بيد الدولة والإعلان الأخير عن ضم لبنان إلى الجبهاتِ العسكرية في سوريا وفلسطين وإيران.
وأردف: «أمّا ربط النزاع، فهو دعوة صريحة وصادقة لمنع انفجار النزاع»، لافتا إلى أن القواعد التي يرتكز عليها الحوار لا تعني أننا سنتوقّف عن السؤال أين مصلحة لبنان في احتقار جامعة الدول العربية ونفيها من الوجود، واختزال العرب بنظام بشار الأسد ومجموعة ميليشيات وتنظيمات وقبائل مسلّحة تعيش على الدعم الإيراني لتقوم مقام الدول في لبنان وسوريا والعراق واليمن؟
وسأل سعد الحريري: «أين المصلحة في أن يذهب شباب لبنان للقتال في سوريا أو للقتال في العراق؟ وأين مصلحة لبنان بالتدخل في شؤون البحرين والإساءة إلى دولة لا تقابل لبنان واللبنانيين إلا بالمحبة والكلمة الطيبة وحسن الضيافة؟». وأضاف: «أما القول بعدم جدوى الدعوات التي توجّه إلى الحزب للانسحاب من سوريا، لأن الأوامر في هذا الشأن تصدر من القيادة الإيرانية، فهو سبب موجب وإضافي للمطالبة بالانسحاب والتوقف عن سياسات التفرد».
ورأى الحريري أنّ لبنان أمام خطرين كبيرين، هما «خطر على البلد، وهو الاحتقان السنّي - الشيعي، وخطر على الدولة، وهو غياب رئيس للجمهورية»، موضحا: «في موضوع رئاسة الجمهورية، واضح أن الجماعة ليسوا في عجلة من أمرهم، وموقفهم عمليا يعني تأجيل الكلام في الموضوع». وتابع: «منذ أشهر ونحن ندعو إلى الاتفاق على انتخاب رئيسٍ، لكن الشغور الراهن لا ينشأ عن ظرفٍ استثنائي، إنما هو مستمر بسبب عناد سياسي، أو صراع على السلطة».
في موضوع الاحتقان السنّي - الشيعي نلمس 4 أسباب رئيسة للاحتقان، هي «رفض حزب الله تسليم المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومشاركته في الحرب السورية، وتوزيع السلاح تحت تسمية سرايا المقاومة، إضافة إلى شعور باقي اللبنانيين بأن هناك مناطق وأشخاصا وفئات لا ينطبق عليهم لا خطة أمنية ولا دولة ولا قانون». وعن موضوع الإرهاب قال: «لا يمكن لأي مواطن أن يتجاهل المخاطر التي تهدد لبنان جرّاء تعاظم حركات الإرهاب في المنطقة. وإذا كانت القيادات اللبنانية فشلت حتى الآن في الاتفاق على استراتيجية دفاعية لحماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية فلا يصح أبدا أن يندرج هذا الفشل على إيجاد استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب».
ودعا سعد الحريري إلى ترجمة الإجماع الوطني ضد الإرهاب والإجماع الوطني القائم أيضا حول الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتضحياتها العظيمة، مؤكدا أنّ الحرب ضد الإرهاب مسؤولية وطنية تقع على عاتق اللبنانيين جميعا. وأضاف: «النموذج العراقي بتفريخ ميليشيات وتسليح عشائر وطوائف وأحزاب وأفراد، لا ينفع في لبنان، وتكليف طائفة أو حزب مهِمات عسكرية هو تكليف بتسليم لبنان إلى الفوضى المسلّحة والفرز الطائفي».
ثم وجّه نداء إلى حزب الله، داعيا إياه للعمل دون تأخير لوضع استراتيجية وطنية كفيلة بتوحيد اللبنانيين في مواجهة التطرف وتداعيات الحروب المحيطة، أما الرهان على إنقاذ النظام السوري، فهو وهم يستند إلى انتصارات وهمية، وإلى قرار إقليمي بمواصلة تدمير سوريا. وأضاف: «سبق وقلنا لحزب الله بأن دخوله الحرب السورية هو في حد ذاته جنون، استجلب الجنون الإرهابي إلى بلدنا، واليوم نقول له بأن ربط الجولان بالجنوب هو جنون أيضا. وسبب إضافي لنكرر ونقول: «انسحبوا من سوريا. يكفي استدراجا للحرائق من سوريا إلى بلدنا، مرة حريق من الإرهاب، ومرة حريق من الجولان، وغدا حريق لا أعلم من أين؟!».
وأكّد الحريري أنّ دعم الجيش والقوى الأمنية في كل المناطق «غير مشروط وبلا حدود، وهو مقرون بخطوات عملية تضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الذاتية والحزبية والطائفية». واستطرد: «نحن تيار المستقبل، نحن قوة الاعتدال نقف مع الدولة في وجه مشاريع العنف الديني أو السياسي، ونقف مع الجيش وقوى الأمن في وجه الإرهاب والتطرف، لأننا نفهم منذ زمن، منذ زمن بعيد، أنه ليس من نقطة وسط بين الاعتدال والتطرف».
وعن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال والده، قال الحريري: «تعلمون أن الجريمة نُفذت بعد تهديدات وجهت إليه بتكسير بيروت فوق رأسه، وأن المحكمة الدولية تقارب هذه المسألة وسواها منذ أسابيع، بالشفافية التي توجبها مقتضيات العدالة، ونحن على ثقة تامة بأنها ستأتي بالحكم العادل، وأن دماء رفيق الحريري وشهداء 14 آذار لن تضيع في متاهات التسويات. انتظرنا 10 سنوات، ومستعدون لسنوات أُخرى، والمحكمة تقوم بعملها إلى أن تظهر الحقيقة، وينتصر حلم رفيق الحريري على أعداء الحرية والتقدم والاعتدال».
وفي حين حضر وزير الخارجية جبران باسيل، ممثلا النائب ميشال عون، احتفال البيال للمرة الأولى، سجّل غياب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في هذه المناسبة، لكنّه زار على رأس وفد نيابي ضريح الحريري في وسط بيروت. ولقد غرّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «أبو بهاء، نم قرير العين، قتلوك لكنهم لن يتمكنوا من قتل مشروعك».
ومن جهته، أشار رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل إلى أن الحريري كان متمسكا بسيادة لبنان في وقت كانت هناك «هيمنة كاملة» من سوريا على لبنان.
واعتبر الجميل في حديث تلفزيوني أن «الحريري حالة أكبر من أن تتمكن سوريا من استيعابها، فهي الحيثية السنية المتواصلة مع المسيحيين مع غطاء سعودي وغربي».
وكان الحريري جاء إلى بيروت بصورة مفاجئة في 8 أغسطس (آب) الماضي بعد نحو 3 سنوات من بقائه خارج لبنان متنقلا بين باريس والرياض، عقب إسقاط حكومته في يناير (كانون الثاني) 2011، ولكن لم تتعد زيارته حينذاك أياما قليلة، عقد خلالها اجتماعات مع كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين، مكلفا من قبل ملك المملكة العربية السعودية السابق الراحل عبد الله بن عبد العزيز للإشراف على توزيع هبة سعودية بقيمة مليار دولار أميركي دعما للجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.