«الخارجية» الفلسطينية تحذّر من سياسة هدم البيوت وتشريد أصحابها

بعد يوم حافل بالصدامات

ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب خلال مظاهرة ضد الاستيطان في القدس (أ.ف.ب)
ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب خلال مظاهرة ضد الاستيطان في القدس (أ.ف.ب)
TT

«الخارجية» الفلسطينية تحذّر من سياسة هدم البيوت وتشريد أصحابها

ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب خلال مظاهرة ضد الاستيطان في القدس (أ.ف.ب)
ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب خلال مظاهرة ضد الاستيطان في القدس (أ.ف.ب)

على أثر يوم آخر حافل في الصدامات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومع صدور تقرير جديد للأمم المتحدة يشير إلى قيام السلطات الإسرائيلية بهدم 26 مبنى في الضفة الغربية خلال الأسبوعين الماضيين، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية في رام الله، أمس (الجمعة)، بياناً طالبت فيه المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه جريمة هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية.
وأدانت الوزارة تصعيد الاحتلال الإسرائيلي الملحوظ لهدم المنازل، خصوصاً في القدس ومحيطها، والمناطق المصنّفة «ج» التي تشكّل مساحة غالبية الضفة الغربية المحتلة، مشيرةً إلى أن تقارير محلية وإسرائيلية ودولية رصدت هذا التصعيد كان آخرها التقرير الذي صدر اليوم عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي أكد أن ممارسات الهدم خلال الأسبوعين الماضيين، أدت إلى تهجير 34 مواطناً من بينهم 15 طفلاً وتضرر نحو 40 مواطناً آخر.
وأكدت الوزارة أنها تتابع باهتمام بالغ عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية مع الدول والجهات الدولية كافة بما فيها الأمين العام للأمم المتحدة، ورئاسة مجلس الأمن، ورئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، وطالبتها بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه هذه الجريمة المتواصلة، وفي مساءلة ومحاسبة مرتكبيها ومن يقف خلفهم.
وكان يوم أمس حافلاً بالصدامات في مناطق مختلفة في الضفة الغربية. ففي منطقة نابلس أُصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة ضد الاستيطان، انطلقت بعد صلاة الجمعة، في بيت دجن شرق نابلس. كما اقتحمت قوات الاحتلال مخيم عسكر للاجئين، ما أدى إلى اندلاع مواجهات في المنطقة، وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع. وأصيب ستة مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرون بالاختناق، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة مندِّدة باستمرار إغلاق المدخل الشرقي لقرية المغير شمال شرقي رام الله لليوم الـ19 على التوالي، وإحياءً لذكرى يوم الأرض.
وقام مستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال، بعد منتصف الليل، بتجريف وتوسيع طريق زراعي في منطقة «الخمار» ببلدة بتير غرب بيت لحم. وأفاد المواطن وصاحب أرض عمر القيسي بأن المستوطنين قاموا بتجريف أراضٍ لتوسيع طريق زراعي موصّل لهذه الأراضي بطول 100 متر وعرض 6 أمتار، لأغراض استيطانية. وأُصيب عدد من المواطنين، بينهم مصوران صحافيان، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية، شرق قلقيلية. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال قمعت المسيرة السلمية وأطلقت الأعيرة «المطاطية» و«الإسفنجية» وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع صوب المشاركين فيها، ما أدى لإصابة مصور تلفزيون فلسطين بشار نزال، والمصور عبد الله شتيوي، بعيارين «إسفنجيين»، إضافةً لإصابة عدد من المواطنين بالاختناق، جرى علاجهم ميدانياً.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثلاثة مواطنين من محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، بينهم فتيان اثنان في منطقة قاع الحارة وشعب السير واحتجزت من فيها لفترات طويلة، وقامت بتفتيشها وتخريب محتوياتها. واعتقلت أيضاً المواطن هاني مجاهد أبو سباع بعد مداهمة منزله في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل. كذلك اعتقلت قوات الاحتلال، عند منتصف الليل، شاباً من قرية الولجة غرب بيت لحم.
في المقابل، نجح عدد من أهالي قرية رأس كركر غرب رام الله، أمس (الجمعة)، بهدم خيمة أقامها المستوطنون مؤخراً على أراضي جبل القوقرة، شمال القرية. وروى شهود عيان أن عدداً من أصحاب الأراضي الزراعية توجهوا إلى المنطقة احتجاجاً على إقامة الخيمة الاستيطانية، ورفضاً لقيام المستوطنين بتقطيع الأشجار والتخريب وإقامة شعائرهم التلمودية في المكان. وتمكنوا من إزالة الخيمة. وفي القدس أعلنت دائرة الأوقاف أنه ورغم مضايقات الاحتلال وحواجزه، أدى 35 ألف مواطن صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، وسط انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبوابه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».