المغرب: تأسيس إطار قانوني للدفاع عن ضحايا الاعتداءات الجنسية

محام يتهم جهات حقوقية بالتركيز على المتهمين أكثر من الضحايا

الناشط الحقوقي المعطي منجب بعد الإفراج عنه الشهر الماضي... وكان أول من أمس محل انتقادات من نساء ضحايا اعتداءات جنسية بسبب مواقف اعتبرنها ماسة بكرامتهن (أ.ف.ب)
الناشط الحقوقي المعطي منجب بعد الإفراج عنه الشهر الماضي... وكان أول من أمس محل انتقادات من نساء ضحايا اعتداءات جنسية بسبب مواقف اعتبرنها ماسة بكرامتهن (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تأسيس إطار قانوني للدفاع عن ضحايا الاعتداءات الجنسية

الناشط الحقوقي المعطي منجب بعد الإفراج عنه الشهر الماضي... وكان أول من أمس محل انتقادات من نساء ضحايا اعتداءات جنسية بسبب مواقف اعتبرنها ماسة بكرامتهن (أ.ف.ب)
الناشط الحقوقي المعطي منجب بعد الإفراج عنه الشهر الماضي... وكان أول من أمس محل انتقادات من نساء ضحايا اعتداءات جنسية بسبب مواقف اعتبرنها ماسة بكرامتهن (أ.ف.ب)

أعلنت «هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي» بالمغرب عن تأسيس إطار قانوني للدفاع عن ضحايا الاعتداءات الجنسية بالبلاد. وتهدف هذه الخطوة إلى إنشاء جبهة حقوقية مجتمعية لمحاربة هذه الممارسة الإجرامية.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي نظمته الهيئة بالرباط، مساء أول من أمس، بعنوان «حقوق الضحايا بين سيادة القانون ودولة المؤسسات ومزاعم التضليل». وأطلق ضحايا الاعتداءات الجنسية، في ملفي الصحافيين توفيق بوعشرين وعمر الراضي، صرخة استنكار في وجه ادعاءات أطلقها الناشط الحقوقي المعطي منجب واعتبروها ماسة بكرامتهن ومصادرة لحقهن في التبليغ عن الجرم الشنيع، والمغالطة للرأي العام بشأن ملفاتهن القضائية.
وقالت أسماء حلاوي، التي تعتبر نفسها من ضحايا الصحافي بوعشرين، إنها قررت التحدث علناً وللمرة الأولى عن تجربتها المريرة حتى لا تقع امرأة أخرى ضحية للاعتداء والاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، ولا سيما في مقر عملها.
وأضافت حلاوي: «أنا اليوم هنا من أجل كسر محظورات (تابو) الاعتداءات الجنسية داخل مقرات العمل، وتغيير رؤية المجتمع الدونية لضحايا الاغتصاب»، مستعرضة معاناتها النفسية والاجتماعية، هي وأسرتها الصغيرة، الناجمة عن الاعتداءات المتكررة التي تعرضت لها على يد مشغلها، مروراً بأطوار المحاكمة، واليوم من طرف جهات تطعن في صفتها كضحية وتشكك في نزاهتها.
بدورها، قالت حفصة بوطاهر، التي تتهم الصحافي الراضي بالاعتداء عليها: «أتينا اليوم لإيصال صوتنا لأن أرواحنا احترقت من الصمت»، مشيرة إلى أنها ستظل دائماً تناضل من أجل كرامتها ومن أجل استرجاع حقها. وأضافت بوطاهر: «أوجه رسالة إلى الأشخاص الذين يتاجرون بحقوق الإنسان. لقد تم فضحكم اليوم، فأنا ضحية اعتداء جنسي، ولم يدفعني أحد لوضع شكواي». وتساءلت «هل حقوق الإنسان محصورة فقط عند فئة معينة؟».
من جهتها، تحدثت سارة المرس، التي تعتبر نفسها أيضا من ضحايا بوعشرين، عن الندوب والجراح النفسية التي لاقتها من جراء التشهير و«الوصم المجتمعي»، مشيرة إلى أن الأمر وصل بها إلى محاولة الانتحار في ثلاث مناسبات.
وقالت المرس، وهي تخفي وجهها وتبدي آلامها وجراحها، إن حضورها في المؤتمر الصحافي نابع من رغبتها القوية في كسر «التابو» الذي يحرم العديد من النساء من حقهن في التشكي، ورغبتها في تلافي تكرار هذه الممارسة الشنعاء مع أقاربها أو معارفها.
وسلطت المرس أيضا الضوء على الصعوبات الاجتماعية والمعيشية التي تزيد من مرارة جراح الاعتداء، من قبيل عدم القدرة على العمل، وأخرى نفسية مثل العجز عن مواجهة المجتمع والتصريح بالهوية، إلى جانب وضعها الصحي الذي يستلزم عناية خاصة.
من جانبها، ذكرت الضحية نعيمة الحروري أنها كانت ضحية للتشهير الإعلامي من قبل جهات كانت تمني النفس بتراجع الضحايا عن متابعة الجاني، مشيرة إلى أن قضيتها «أريد لها منذ البدء أن تكون معركة إعلامية مع المؤسسة الإعلامية للمتهم».
واعتبرت الحروري هذا الملف نموذجاً لرغبة بعض «مدعي الدفاع عن حقوق الإنسان» في الدوس على سمعة النساء واستغلال آلامهن من أجل تحقيق مصالح مادية، أو تصفية حساب مع جهات معينة. وشجبت محاولات حرمانها من الدفاع عن حقها الذي تكفله القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، مشيرة إلى أن «مدعي النضال» لم يعبّروا يوماً عن موقف حقيقي لصالح النساء.
بدورهم، ندد محامون وأعضاء في هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي بمغالطات الناشط منجب وادعاءاته المشهرة بالضحايا، وعدوها حاطة بكرامتهن، وتتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية والمواثيق الدولية، كما أنها تبخس عمل المؤسسات الوطنية وتضرب في استقلاليتها.
وقال المحامي محمد الهيني إن هذا المؤتمر الصحافي يأتي في أعقاب الإساءات التي تعرضت لها ضحايا الاعتداءات الجنسية في قضيتي بوعشرين والراضي، من طرف جهات «تتاجر» بحقوق الإنسان، معتبراً أنه لا يمكن ادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان ومساندة جريمتي الاغتصاب والاتجار بالبشر في الوقت ذاته. وأضاف الهيني أن الهدف من وراء التشكيك في الضحايا هو الإساءة لهن وللقضاء المغربي، مسجلاً أن جريمتي الاغتصاب والاتجار بالبشر لهما وقع كبير على الضحايا، وأنه يجب احترام الحق في التشكي على غرار احترام قرينة البراءة.
بدوره، سجل المحامي محمد حسني كروط أن «بعض الجهات المحسوبة على النضال الحقوقي والإعلام تركز على المتهمين أكثر من الضحايا»، مشيراً إلى أن الجاني «الذي ثبت ضلوعه في جريمة الاعتداء الجنسي يستغل وسائل الإعلام الموالية له من أجل التشهير بالضحايا ونشر المغالطات». وأضاف أن من حق المتهم أن يدافع عن نفسه، لكن «دون تضليل الرأي العام والتأثير على القضاء، أو اللجوء إلى تدويل القضية من أجل الاستقواء على الدولة وسيادة القانون».
أما المحامية مريم جمال الإدريسي، عضو هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي، فسجلت أن «من يسمون أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان يخرقون مبدأ فصل السلطات، متوسلين بمزايدات بئيسة»، داعية بعض المنصات الإعلامية إلى التحلي بالمهنية، وألا تكون مطية للتشهير بضحايا الاعتداءات.



«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.


الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان، وذلك بعد أربعة أيام من اعتراف إسرائيل باستقلال إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.

وأوضح دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.