«كورونا» يحصد العشرات يومياً والحوثيون يوجّهون المعدات الطبية للقتال

TT

«كورونا» يحصد العشرات يومياً والحوثيون يوجّهون المعدات الطبية للقتال

تعيش المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي تحت وطاة جائحة «كورونا» التي تقتل العشرات يومياً، فيما تبلغ الإصابات يومياً مئات الحالات، دون أي رعاية طبية من قبل سلطة الميليشيات التي تنشغل بحشد المقاتلين وتوزيع الأموال على شيوخ القبائل ومشرفيها، وأغلقت أكبر مركز لعلاج «كورونا»، وحولته إلى مستشفى لمقاتليها، وسخرت المعدات الطبية التي قدمت لمراكز علاج «كورونا» لخدمة مقاتليها.
وقالت إحدى الأسر لـ«الشرق الأوسط» إن معيلها فارق الحياة بعد خمسة أيام من ظهور أعراض إصابته بفيروس «كورونا»، حيث أعطاه صيدلي مضاداً حيوياً وعبوة جلوكوز، كما فجعت الأوساط الطبية (صباح الخميس) مع إعلان وفاة الطبيب اليمني الشهير خالد نشوان الذي يعود إليه الفضل في اكتشاف جهاز لفتح انسداد الشرايين دون تدخل جراحي، فيما امتلأت صفحات النشاط في مواقع التواصل الاجتماعي بأنباء الوفيات كل يوم، في حين تجاهلت سلطات ميليشيات الحوثي هذه الموجة الأشد من الموجة الأولى، وأغلقت مستشفى الكويت الذي كان يشكل أكبر مركز للعزل ورعاية المصابين بفيروس كورونا، وتفرغت لإقامة التجمعات الخاصة بحشد المزيد من المقاتلين إلى جبهات محافظة مأرب.
وفي شهادة أخرى، ذكر سكان في جنوب صنعاء أن كثيرين هناك أصيبوا بفيروس «كورونا» وظل يواجهون آلامهم في منازلهم، لأن المستشفيات العامة لا تستقبلهم، حيث خصصت بالكامل للمصابين الحوثيين القادمين من جبهات محافظة مأرب تحديداً، في حين أن هؤلاء لا يقدرون على تحمل نفقات العلاج في المستشفيات الخاصة، على خلاف قادة الميليشيات الذين يتلقون العلاج من إصابتهم في أكبر هذه المستشفيات، بينهم رئيس الحكومة عبد العزيز بن حبتور، وقائد الجناح العسكري يحيى الشامي، بعد وفاة ابنته وزوجته.
وحسب مصادر طبية في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الميليشيات لم تفرض أي إجراءات احترازية لمواجهة الانتشار الكبير لفيروس «كورونا»، حيث استمرت الأسواق بالعمل وصالات الأفراح والمناسبات، فيما يقوم قادة الميليشيات بزيارات ميدانية إلى أكثر من مكان في المحافظات، وتنظيم اللقاءات الحاشدة الهادفة إلى جمع مقاتلين لإرسالهم إلى مأرب. كما تجنبت الميليشيات رصد أعداد الإصابات أو الضحايا، كما كان الأمر في الموجة الأولى، ووجهت كل المعدات الخاصة بمواجهة «كورونا»، بما فيها سيارات الإسعاف التي وفرتها «منظمة الصحة العالمية» وأجهزة التنفس الصناعي وأدوية العناية المركزة.
من جهته، أطلق الطبيب اليمني المقيم في الصين عمار البعداني نداء عاجلاً للدول الصديقة والعربية الشقيقة طالب فيه بإغاثة الشعب اليمني بأسطوانات أكسجين وأجهزة تنفس وأدوات وقاية للمستشفيات، لأن الوباء يفتك بالناس، وسط عجز كامل وانهيار للمنظومة الصحية، لأسباب كثيرة، أهمها الانشغال بالحرب. وأضاف محذراً: «الوباء مستمر، وهناك موجات أخرى، فيما أكد وزير الصحة في الحكومة الشرعية قاسم بحيبح أن الدفعة الأولى من لقاح فيروس (كورونا) ستُخصص للعاملين في القطاع الصحي بشكل عام، وطلب من هؤلاء التسجيل لدى المنشآت التي يعملون بها، تمهيداً للبدء في حماية وتحصين خط الدفاع الأول عن اليمنيين».


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.